"الركود التضخمي".. مصطلح مفزع للمواطنين والحكومات في أي دولة، فهو يعكس تباطؤا في الإنتاج وفي نفس الوقت يعني ارتفاعا في الأسعار.
وعادة ما ترتبط تلك الظاهرة بزيادة معدلات استيراد السلع وارتفاع أسعار الأغذية وقلة ثقة المستهلكين في تحسن حالة الاقتصاد.
وبغض النظر عن أسباب تلك الظاهرة، إلا أن المستهلك والمستثمر العادي لا يملك أن يغيرها، لذا يبقى السؤال الأهم: ماذا أفعل في مواجهة الركود التضخمي؟!
احذر البنوك!!
الركود التضخمي إعصار يأكل القيمة الحقيقية للمدخرات، ويقضي على قيمة رؤوس الأموال للمستثمرين، بما يجعل مواجهته أمرًا حتميًا.
كمستثمر أول ما عليك فعله هو نسيان إبقاء أموالك في البنوك، فمهما قام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة فإنه لن يصل بها إلى مستوى التضخم الكبير في حالة الركود التضخمي.
لذا فإن مستويات السيولة للشركات لدى المستثمرين يجب أن تكون في حدها الأدنى وأن تتوجه الأموال لاستثمارات محددة.
أول تلك الاستثمارات هي في شراء أسهم في الشركات التي لا تتأثر كثيرًا بظاهرة الركود التضخمي، وهي شركات أسهم النفط والأغذية.
فشركات التكنولوجيا والعقارات وغيرها تتأثر بشدة بالركود التضخمي، ولا تزيد قيمتها بأي حال وقد تتراجع أيضًا.
فالمستهلكون لن يتوقفوا عن شراء الطعام والتزود بالوقود وإن ارتفعت أسعارهما لكنهم قد يقللون من شرائهم للمنتجات التكنولوجية والعقارات.
ويمكن الاستثمار بشكل مباشر أيضًا في صناعة الأغذية وليس بالضرورة في الأسهم، ولكن مع ضرورة مراعاة أن المستهلكين لا يميلون إلى شراء الغذاء مرتفع التكلفة في حالات الركود التضخمي.
هل يصلح الذهب والسندات؟
وإذا لم تكن تملك أية خبرات استثمارية فإن الملجأ الأكثر أمنًا لحفظ أموالك هو الذهب، فالمعدن الأصفر يرتفع بنفس النسبة التي يرتفع بها التضخم نظرًا لارتباطه بسوق عالمي.
ويمكن بالطبع الاستثمار في المعادن النفيسة الأخرى، بل وفي اقتناء سلة من العملات الأجنبية وإن كان ذلك خيارًا غير قانوني في بعض البلاد كما أنه يضر بالاقتصاد القومي.
وعلى الرغم من أن السندات ليست خيارًا سيئًا للاستثمار بشكل عام إلا أنها كذلك مع الركود التضخمي لأن معدلات الفائدة عليها تقل كثيرًا عن الفائدة المرجوة من الأسهم أو الذهب.
ولكن يجب الانتباه إلى عدم الإصابة بالذعر الذي يؤدي إلى بيع كافة الأصول من أجل الحصول على السيولة اللازمة للاستثمار الجديد.
فلذلك تأثيران سلبيان، الأول على المستوى الفردي ويتعلق ببيع الأصول بثمن بخس في ظل التعجل في بيعها في ظل حالة من الركود.
أما الأثر الثاني فعام ويشمل زيادة المعروض في ظل نقص الطلب مما يعني زيادة للتضخم من جهة، ولا يعني ذلك انخفاض السعر بالضرورة نظرًا لتمسك البائعين بحد أدنى للسعر لا يتنازلون عنه رغبة في تجنب الخسارة الفادحة.
كما أن معدلات زيادة العقار في السعر تقل يقينًا عن معدلات زيادة ما عداه من الأصول لذا لا ينصح أبدًا بالاحتفاظ بالعقارات كاستثمار في حالة الركود التضخمي.
ففي الركود التضخمي الذي ظهر في الاقتصاد الأمريكي في أوائل السبعينيات على سبيل المثال لم ترتفع أسعار العقارات إلا بنسبة 9% خلال ثلاثة أعوام.
إلا أنه وفي نفس الفترة زادت السندات بنسبة تراوح الـ30%، وجاءت الأسهم في الصدارة بنسبة زيادة تربو على الـ50%.
ومن المهم للغاية أن تعيد تقييم كافة الالتزامات المادية (الديون) التي تعانيها مؤسستك، بحيث تبقيها في الحد الأدنى (إلا إذا كانت قديمة وبأسعار فائدة قليلة).
انتبه أيضًا في الاستهلاك!!
كل ما سبق ينطبق على المستثمر، أما إذا كنت مستهلكًا (وحتى إن كنت مستثمرًا فأنت مستهلك أيضًا) فالنصيحة الأساسية لك: سارع بشراء كل ما تحتاجه!!
فعلى الرغم من الأسعار المرتفعة إلا أن أسعار غالبية السلع والخدمات تبقى مرشحة للزيادة، لذا فإن بقاء أموالك في حالة سلع (تحتاجها) أفضل من بقائها سائلة.
كما أنه بشراء المزيد من السلع تساعد على كسر دائرة الركود، وعلى الرغم من أنها قد تزيد التضخم إلا أن الأخير في ظل الرواج أقل وطأة منه كثيرًا في ظل الكساد.
وعليك أيضًا شراء "السلع المعمرة" التي تعلم أنك ستحتاج إليها قريبًا في ظل توقعات ارتفاع أسعارها.
ويمكنك أيضًا أن تضخ المزيد من الاستثمارات المستقبلية في نفسك لحين تحسن الأوضاع بما يشمل تعلم اللغات أو الحصول على الدراسات المتخصصة أو العليا.
مستثمرًا كنت أو مستهلكًا، عليك أن تستوعب تماما دلالة الركود التضخمي وكيفية التعامل معه حتى لا يتبدد ما سبق وما جمعت من أموال.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}