هيمنت ألمانيا بالعديد من موديلاتها المتطورة من السيارات على العديد من الأسواق حول العالم بفضل تنوع إصداراتها وتصميماتها والمزايا التي تجذب أكبر قدر من المستهلكين، وتعد صناعة المركبات محركا رئيسيا للاقتصاد في برلين وأكبر قطاع صناعي في البلاد.
مع ذلك، تشهد صناعة السيارات تغيرات جوهرية مثل النسخ العاملة بالكهرباء والأخرى ذاتية القيادة الأمر الذي يعيد تشكيل الصناعة حول العالم، وفي ضوء هذه التغيرات، ربما تواجه الشركات الألمانية لا سيما "دايملر" و"فولكس فاجن" و"بي إم دبليو" صعوبات في التكيف مع هذه التحديات، وبالتالي، سينعكس ذلك سلبا على الأرباح والإيرادات.
ووفقا لتقرير نشرته "الإيكونوميست"، تواجه صناعة المركبات الألمانية ثلاث مشكلات الأولى تكمن في ثقة المستهلكين بعد فضيحة "فولكس فاجن" بالغش في اختبارات الانبعاثات بعد اكتشاف برمجيات في سياراتها تضلل الجهات التنظيمية بخصوص مستويات العادم.
والمشكلة الثانية هي احتدام السباق نحو تطوير وتصميم وبيع سيارات كهربائية مع شركات يابانية وأمريكية وصينية، أما التحدي الثالث، فهو التحول التكنولوجي في الآلات واستغلال ذلك في صناعة السيارات.
وأنتجت ألمانيا غالبية السيارات في العالم خلال 2016 بتكلفة بلغت 283 مليار دولار وتم تصدير معظمها للخارج، كما يعمل في هذا القطاع 800 ألف عامل.
قال معهد الأبحاث الاقتصادية "إيفو" إن صناعة السيارات في ألمانيا تشكل 13% من إجمالي الصناعات في البلاد وتشهد إبداعا مستمرا كما أنها تمثل جزءا رئيسيا من صناعات وانشطة تجارية أخرى بالنسبة لشركات مثل "سيمنز" و"بوش".
ألمانيا.. قلعة عالمية لصناعة السيارات
- منحت صناعة السيارات دعما اقتصاديا وسياسيا واسع النطاق للأحزاب والحكومات المتعاقبة في ألمانيا على مدار عقود، ويتلقى الحزب الديمقراطي المسيحي دعما واسع النطاق من شركات السيارات، كما يتلقى الحزب الديمقراطي الاشتراكي دعما من اتحادات العمال.
- نتيجة هذا الدعم القوي وتأثيره في الحالة السياسية، ربما خرجت الأمور عن السيطرة وظن مسؤولو هذه الصناعة الحيوية أنه بإمكانهم ممارسة سلوكيات غير قانونية دون محاسبة، وربما يكون ذلك السبب وراء فضيحة "فولكس فاجن" والانبعاثات السامة.
- تولى مسؤولون في مجلس إدارة "فولكس فاجن" منصب المستشارية ونائبي المستشارية سابقا وفي الوقت الحالي، كما تولى بعض مسؤولي شركات السيارات مناصب وزارية في حكومات برلين.
- وبسبب عدم دفع المواطنين في ألمانيا ضرائب طرق، كانت أسعار الوقود أرخص نوعا ما، وهو ما دفعهم لاقتناء سيارات تلبي معايير الجهات التنظيمية دون مشاكل، كما أن العاملين في صناعة السيارات في البلاد يتلقون العديد من المنح والمزايا ودعم الوقود.
- أسهمت المستشارة "أنجيلا ميركل" في تقديم دعم قوي لصناعة السيارات في بلادها، وعرقت خططا أوروبية لتغليظ قواعد الانبعاثات السامة عام 2013 من أجل عدم التأثير على الشركات الألمانية المنتجة لمحركات الديزل.
- انخفضت مبيعات السيارات العاملة بالديزل في ألمانيا من ذروتها بنسبة 48% من إجمالي المركبات الأخرى عام 2012 إلى 33% هذا العام، وتشهد تراجعا في دول أخرى بالقارة الأوروبية.
- في الآونة الأخيرة، تواجه شركات ألمانية تعتمد بشكل كبير على محركات الديزل صعوبات في المبيعات في عدة أسواق عالمية نتيجة التحول نحو المحركات الصديقة للبيئة ومكافحة التغيرات المناخية بموجب اتفاق "باريس".
- على أثر ذلك، ربما يتراجع دعم الساسة في ألمانيا لصناعة السيارات العاملة بمحركات الديزل بمرور الوقت خاصة أن الرأي العام العالمي فقد الثقة نوعا ما في السيارات الألمانية نتيجة تسببها في التلوث.
صدمة كهربائية
- مع توسع "تسلا" في مبيعات سياراتها الكهربائية حول العالم، بدأت شركات ألمانية هي الأخرى في الكشف عن نسخ تعمل ببطاريات كهربائية مثل "فولكس فاجن" التي عرضت "آي – بيس" و"بورش" بسيارتها "ميشن إي" بالإضافة إلى طرح "بي إم دبليو" نسخا هجينة.
- رغم ذلك، فإن هذا الأمر لا يمر دون مشكلة، والصعوبات هنا تكمن في ارتفاع التكاليف في التحول من إنتاج محركات الديزل إلى السيارات الكهربائية.
- يحاول خبراء الهندسة والميكانيكا والإلكترونيات في ألمانيا بحث المزيد من التطور في إنتاج البطاريات لتغذية صناعة السيارات الكهربائية الواعدة لا سيما أن برلين لا تزال تتلمس خطواتها في صناعة بطاريات المركبات.
- من الممكن أن تتأخر ألمانيا عن ركب صناعة السيارات لو لم تسرع في تطوير تكنولوجيا البطاريات من أجل المركبات الكهربائية وخفض تكلفتها وتحفيز استخداماتها.
- من الناحية النظرية، تمتلك ألمانيا المهارات والسيولة المالية للرد سريعا على التحول المذهل في صناعة السيارات الكهربائية والهجين كما أن برلين لديها الطموحات للتفوق على الكثير من الدول في نفس السباق.
- كشفت "فولكس فاجن" عن أن 25% من سياراتها ستكون كهربائية بحلول عام 2025، لكنها لن تكون رخيصة التكلفة حيث أكدت على أن ذلك سيؤثر سلبا على أرباحها.
السيارات ذاتية القيادة
- ليست المركبات الكهربائية فقط، بل إن الدفة تتحول سريعا أيضا نحو السيارات ذاتية القيادة، ولا تواجه الشركات الألمانية منافسة شرسة في هذا المجال من شركات صناعة السيارات العالمية فقط بل أيضا من شركات تكنولوجية مثل "آبل" و"جوجل".
- تشير التقديرات إلى أن استخدامات السيارات ذاتية القيادة ستزيد بشكل كبير في العقود المقبلة خاصة في شركات خدمات مشاركة الركوب، وبالتالي، سيقل اقتناء سيارات خاصة فضلا عن إقبال حكومات على أساطيل انتقال عامة ذاتية القيادة.
- تحاول شركات السيارات الألمانية إعادة تطوير نفسها سريعا وكشفت مؤخرا عن مشروعات لخدمات مشاركة الركوب بمركبات ذاتية القيادة مثل"Car2go" التابعة لـ"دايملر" و"درايف ناو" التابعة لـ"بي إم دبليو".
- أفاد أحد مسؤولي "دايملر" أنه لا يعلم إلى أين ستصل صناعة السيارات في المستقبل في ظل التطور المذهل والسريع للغاية الذي تشهده باستمرار من سيارات كهربائية وذاتية القيادة إلى مركبات طائرة.
- ربما لن يغيب عن أذهان الكثير من المهتمين بصناعة السيارات أن ألمانيا لن تفق مكتوفة الأيدي وسط هذا التقدم، وسوف تحاول بإمكاناتها الضخمة التكيف سريعا مع ما تشهده الصناعة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}