نبض أرقام
14:20
توقيت مكة المكرمة

2024/07/23

هل تحول "الحلم الأمريكي" إلى كابوس؟

2018/03/16 أرقام - خاص

هل أصبحت الولايات المتحدة دولة مثل تلك الدول الإقطاعية القديمة التي لا تسمح إلا بزيادة ثروة الأثرياء وبؤس الفقراء؟!
 

هذا هو ما يؤكده كتاب اقتصادي حديث أثار ضجة كبيرة للكاتب "بيتر تيمين" بعنوان "الطبقة المتوسطة المتلاشية: التحيز والسلطة في الاقتصاد المزدوج".

 

 

الدخل يتآكل!!

 

الحلم الأمريكي، وفقًا لتيمين، كان يقوم على فكرة أن الجميع بوسعهم الحصول على دخول جيدة، وبوسعهم تحسين موقعهم في السلم الاقتصادي والاجتماعي.
 

غير أن الحلم بدأ يتحول لكابوس، حيث يشير تيمين إلى أن نصيب الطبقة المتوسطة الأمريكية من الثروة شهد تراجعًا كبيرًا ومخيفًا خلال الأعوام الأخيرة.
 

فثلثا الأمريكيين كانوا يحصلون على قرابة 60% من الثروة في عام 1971، أما بحلول عام 2014 فلم يتعد نصيبهم منها 40%.
 

كما أن 50% من الأمريكيين لا ينمو دخلهم إلا بنسبة 1% بينما الـ1% الأكثر ثراء تزيد ثرواتهم بنسبة تناهز الـ220%.
 

كما انخفضت الأجور المتوسطة بنسبة 6% منذ أوائل التسعينيات بينما ارتفعت الأجور الدنيا والمرتفعة بنسبة 3% في الفترة نفسها.
 

بل إن واحدا من كل 3 أمريكيين من أصل أفريقي تم سجنه بسبب تهمة أو أخرى، بما يشير إلى معاناة قطاع كبير من الأمريكيين اقتصاديًا واضطرار كثير منهم إلى ارتكاب مخالفات قانونية للتغلب على الفقر.
 

ويلفت تيمين إلى أن تلك المشكلة لا تواجه الولايات المتحدة فحسب بل تواجه دولًا أخرى في العالم المتقدم، حيث إن معدلات الدخل المتوسط في بريطانيا انخفضت 12% بين عام 1993 و2014 أيضًا.

 

انعكاسات اجتماعية وسياسية!!

 

والأزمة التي تبرزها مسألة تآكل الطبقة المتوسطة تتمحور حول اتجاه هؤلاء الذين يعانون من تراجع الدخل في الوقوف خلف كل سياسي يعدهم بخفض الضرائب.


 

فخفض الضرائب ليست حلًا أبدًا بل قد يزيد من تفاقم المشكلة، لأنه لا يسمح للحكومة بتوفير الموارد اللازمة لعمل برامج اقتصادية تسمح بإعادة تشكيل الاقتصاد والإنتاج.
 

وأصبح الاقتصاد الأمريكي في ذلك متشابهًا مع الكثير من الاقتصاديات النامية، التي يوجد بها ثنائية صارخة بين اقتصادين أحدهما لعامة الشعب، والآخر للأثرياء.
 

وبوسع أي شخص أن يلاحظ الفارق الكبير بين الطبقة المتوسطة وتلك الغنية في كل شيء، سواء ما لديها من تكنولوجيا، سيارات، بل حتى ملابس، بعد أن كانت تلك الطبقة بوسعها توفير سلع قريبة من تلك الغنية.
 

ويقول تيمين إن ما يزيد من مأساة الانقسام الاقتصادي الأمريكي أن الاقتصاد يواصل تحقيق معدلات نمو مرضية بشكل عام بما لا يجعل الأمريكيين يستشعرون بأن هناك مشكلة تتفاقم.
 

ولتلك الأزمة ذات الطابع الاقتصادي انعكاسات سياسية واجتماعية أيضًا.
 

ولعل أوضح تلك الآثار في ظهور حركة "احتلوا وول ستريت: قابلوا الـ99%" وهي حركة ظهرت قبل بضعة أعوام تطالب بإعادة توزيع الثروة بشكل أكثر عدلًا.
 

وعلى الرغم من أن تلك الحركة لم تستمر طويلًا إلا أنها تعكس وعيًا لدى قطاع من الأمريكيين ومن يعانون بلا مبرر من نقص في الثروة.
 

ومن المنتظر، أن تتفاقم تلك الاضطرابات الاجتماعية كما هو واضح في تزايد حالات إطلاق النار العشوائي في المدارس وكذلك تزايد الاضطرابات السياسية إذا استمر الحال على ما هو عليه من اقتصاد مزدوج يضمن للبعض الازدهار ويترك آخرين للمعاناة.

 

هل من حل؟!

 

ويقترح تيمين لحل المشكلة التي تواجه الاقتصاد الأمريكي أن يتم الاستثمار بصورة أكبر في التعليم بما يؤدي لتحسن مستويات الموظفين والعمال الأمريكيين.
 

 

والأزمة حاليًا في نظام التعليم الأمريكي أنه لا يسمح لهؤلاء الذين يحصلون على أجور أقل –أو حتى متوسطة- بأن يوفروا لأبنهائم تعليمًا في مؤسسات جيدة.
 

وينعكس ذلك في أن يبقى أبناء الفقراء فقراء، بينما يحصل أبناء الأغنياء على الفرصة لكي يزيدوا ثرواتهم.
 

ويختتم تيمين كتابه بقوله "الناس هم المورد الرئيسي لأي دولة، والاستثمار فيهم ضمان لمستقبل مزدهر، وتركهم بمثابة التخلي عن غدنا وحاضرنا معًا".

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة