نبض أرقام
10:37 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

عالم واحد وإمبراطوريتان.. هل الصدام بين الولايات المتحدة والصين أصبح حتميًا؟

2018/03/28 أرقام

قلما يتردد مصطلح إمبراطورية أو يشار إلى الإمبريالية عند الحديث عن جناحي القوى العالمية اليوم (الولايات المتحدة والصين)، ما يعكس صعوبة وضع الأمور في نصابها الصحيح بحسب تقرير لـ"ساوث تشاينا مورنينج بوست" يرى أن هناك علامات على انحسار النفوذ الأمريكي العالمي.

 

لكن حتى في الصين نفسها، لا يزال استخدام مصطلح إمبراطورية في المناقشات العلانية نادرًا، باعتباره مصطلحا ازدرائيا موجها للآخرين، رغم تمسك المسؤولين والإعلاميين بكون الصين ضحية في الماضي للإمبريالية الغربية (خلال قرن الإذلال).

 

أما في الولايات المتحدة، فيتسبب مصطلح الإمبراطورية في حالة من الصمت المربك، إذ يفضل الأمريكيون اعتبار أنفسهم قوة ديمقراطية عالمية مسالمة داعمة للخير، ما أكده وزير الدفاع الأسبق "دونالد رامسفيلد" عندما قال: نحن لا نسعى لتشكيل إمبراطوريات، لسنا إمبرياليين.

 

 

توسع شرقي في مواجهة المد الغربي

 

- إذا كان المقصود بالإمبراطورية دولة ضخمة الحجم تمارس سلطتها السياسية والاقتصادية والرمزية على ملايين الناس على مساحة تمتد بعيدًا عن قلب الدولة دون أن تأبه بقضايا السيادة، فيمكن تصنيف الولايات المتحدة والصين كإمبراطوريات.

 

- وفقًا للناتج الإجمالي المحلي، فإن اقتصاد الولايات المتحدة يشكل ثلث الناتج العالمي، وتقود الشركات الأمريكية العالم في مجالات مثل الاتصالات والأدوية والطيران، وأصبحت "ماكدونالدز" و"جوجل" و"آبل" و"فيسبوك" علامات ثقافية مؤثرة على الصعيد العالمي.

 

 

- التواجد الصيني في العالم يتزايد سريعًا وتساهم المشاريع الكبرى التي تمولها بكين في إعادة ترتيب حياة الملايين من الناس، في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، وأصبحت منظومتها التجارية الأكبر في العالم متفوقة على نظيرتها الأمريكية.

 

- الصين الآن أكبر شريك تجاري لإفريقيا، وتنافس الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية، حيث قفزت استثماراتها وتجارتها وأعمالها لاستخراج الموارد في هذا السوق بمقدار عشرة أضعاف خلال العقد الأول من القرن الجاري.

 

أمريكا تسعى للمستحيل

 

- الإنفاق العسكري الصيني آخذ في التزايد أيضًا، وتحظى موازنة جيش التحرير الشعبي بنمو متواصل منذ 20 عامًا، كما ساعدت بكين على تدشين وقيادة 20 مؤسسة عالمية متعددة الأطراف بناءً على مصالح حقيقية مشتركة.

 

- في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، حاولت الولايات المتحدة القيام بشيء لم تقدم عليه أي إمبراطورية على الإطلاق وهي الهيمنة على الكوكب بأكمله وحدها، لكنها فشلت، والآن عليها التعامل مع حقيقة توسع النفوذ الصيني.

 

- نتيجة ذلك أصبح العالم لأول مرة في التاريخ مُقاد من قبل إمبراطوريتين متشابكتين تمتلكان نوايا وممارسات ومناهج مختلفة، لكن عادة ما تكون الاتجاهات الجديدة مخيفة ومحل شك، لذا يحذر السياسيون الأمريكيون من الهيمنة الصينية.

 

 

- ربما يسعى الأمريكيون والمتعاطفون مع الولايات المتحدة لحرب باردة تفرز في النهاية الإمبراطورية القائدة، ويسعون نحو ذلك عبر إثارة المشاعر العامة ضد ما يسمونه السلطوية أو الشمولية التي يتهمون بها الحزب الحاكم في الصين.

 

- يرون أيضًا أن الصين تقوم بالتجسس في سرية وتقود عمليات سرقة منظمة ضد الشركات والحكومات والجامعات والصحف والكنائس ومختلف هيئات المجتمع المدني، ويحذرون من تهديدها لقضايا السيادة وتسريع نهاية الديمقراطية الليبرالية.

 

ديمقراطية زائفة وخطاب مضلل

 

 - الادعاءات الأمريكية ليست عارية تمامًا من الصحة، فالصين مثل الولايات المتحدة، لها أتباعها من المفكرين ووسائل الإعلام الدعائية والمنظمات التي تمهد وتدعم تحركاتها وجماعات الضغط وممولي السياسات المنشودة.

 

- بطبيعة الحال هناك سلبيات مؤكدة لخطاب الحرب الباردة هذا، إنه يقلل من التشابك والتعاون بين الإمبراطوريتين، وفي الواقع هو لا يعبر سوى عن ألم الغرب الخائف ورغبته في البقاء على قمة العالم.

 

 

- يركز الخطاب البليغ دائمًا على مصطلحات رنانة مثل الديمقراطية الليبرالية والسلطوية، لكن على عكس المتوقع يبدو أنه يعزز التوجه الإمبريالي في الصين والولايات المتحدة، بينما يغض الطرف عن التشوه الديمقراطي في أمريكا.

 

- فعلى سبيل المثال، الجانب الأقل قبولًا من الإمبراطورية الأمريكية والفاشل بشكل متكرر (الغزو المتكرر للبلدان باسم الديمقراطية) يتم تجاهله عادة في هذا الخطاب، علاوة على تجاهل وتحقير طبيعة الديناميكيات السياسية المعقدة في الصين.

 

- لكل ذلك، فإن الوقت أصبح مناسبًا لتسمية الأشياء على النحو الصحيح، لتعبر عن الحقبة الجديدة التي تقودها إمبراطوريتان عالميتان متشابكتان بحاجة لمبادئ تعاون أكثر أمانة.

 

ما مدى حتمية الصراع؟

 

- إن الحديث عن الود الأمريكي أو الشراسة الصينية لن يساعد العالم في شيء، والتطرق إلى العدوان العسكري والحرب الشاملة أسوأ بكثير، فهناك ضرورة لإعادة التوازن للنفوذ الأمريكي الصيني خاصة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

 

- لا وجود في الواقع لفخ "ثوسيديديس" (فكرة تشير إلى أن الصراع يكون حتميًا عندما تتحدى قوة صاعدة أخرى قائمة وراسخة بالفعل، على غرار أثينا وسبارتا) إلا في أذهان دعاة الحرب الباردة الجدد.

 

- والصحيح أن هناك حاجة ماسة لعقول منفتحة ورغبة حقيقية من المفكرين السياسيين والصحفيين والشعوب والساسة لقبول الصين، وصياغة طرق جديدة للتفكير الذي يدفع الجميع للإقرار بالحقائق.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.