نبض أرقام
01:20
توقيت مكة المكرمة

2024/08/25
2024/08/24

كوريا الشمالية.. عندما يُخِضع الاقتصاد الدول ويجبرها على التنازل

2018/06/23 أرقام - خاص

على الرغم من أن سبب الصراع والخلاف الرئيس بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية يقوم حول برنامج التسلح النووي الكوري الشمالي وعدد من الموضوعات الأخرى ذات الصبغة السياسية والعسكرية، إلا أن الاقتصاد هو ما أجبر الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون على الجلوس مع نظيره الأمريكي في قمة هي الأولى من نوعها في سنغافورة.



 

معاناة اقتصادية
 

فالاقتصاد الكوري بدأ رحلة المعاناة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي نتيجة لانهيار الحليف السوفيتي حينها، بما فرض على البلاد عزلة تزايدت عبر السنوات، حتى أن التقديرات تشير إلى أن حجم الاقتصاد الكوري الشمالي في 2012 بلغ نصف ما كان عليه بداية التسعينيات بما يؤشر لمعدلات نمو سلبي كبيرة للغاية، وصلت في بعض الأعوام إلى -5%.
 

وفي ظل اقتصاد عالمي أحادي القطبية بعد انهيار الشيوعية لم تعد بيونج يانج قادرة على التعامل الخارجي، فاستمرت صادراتها في التراجع، حتى أن 80% من الصادرات الكورية الشمالية في عام 2016 كانت موجهة للصين فحسب، والتي تشتري الفحم والأقمشة الكورية لضمان استمرار تأثير بكين على بيونج يانج سياسيًا.
 

ولم تلجأ الحكومة الكورية الشمالية، حتى عام 2012، إلى أي حلول واقعية لمواجهة أزماتها الاقتصادية، ففي الوقت الذي بلغت فيه الأزمة المالية ذروتها عام 2009 وبات البلد على حافة الدخول في مجاعة، قررت الحكومة أن علاج الأزمة يكمن في استبدال العملة بعملة أخرى من أجل تلافي التضخم الكبير الذي يضرب البلاد، والذي تجاوز 900% شهريًا.
 

ووضعت الحكومة حينها حدًا أقصى للأموال التي يمكن لكل أسرة أن تستبدلها، بما جعل الكثير من الأسر تخسر مدخراتها التي لم تستطع تحويلها للعملة الجديدة، غير أن الحكومة رأت في ذلك استقطاعا لـ"الدخل الزائد عن الحد" لدى بعض الأسر وعودة لـ"العدالة" للنظام الاقتصادي.
 

تعاف ولكن؟
 

وتشير مجلة "فوربس" إلى أن الاقتصاد الكوري الشمالي بدأ في التعافي نوعًا ما خلال العامين الماضيين حيث بدأ وللمرة الأولى في تسجيل معدلات نمو موجبة كما بدأ الحديث عن انفتاح اقتصادي كوري شمالي يتوازى مع الإجراءات السياسية للتفاوض مع الغرب والجار الجنوبي.

 

وعلى الرغم من برامج الإصلاحات التي أقرها الرئيس الكوري الحالي في أعقاب تسلمه السلطة عام 2011، وذلك من خلال الإقرار بتداول العملات السائلة بشكل حر بدلًا من الاعتماد على النقود وتبادل السلع معًا، فضلًا عن السماح للمديرين والعاملين في الشركات بالحصول على مكافآت إجادة بما دفعهم للتحسن وزيادة الإنتاج إلا أن كل هذا لم يكن كافيًا.
 

فالعقوبات الاقتصادية المفروضة على كوريا الشمالية تمنع عنها استيراد المعدات العسكرية وحتى ذات الاستخدام المزدوج (مدنيًا وعسكريًا)، كما تحظر عليها تصدير الفحم والسلع الإلكترونية والطعام والمنتجات الزراعية والأخشاب والأقمشة، وبعض المنتجات الخام من الصخور والمعادن، وهو ما يحد من قدرة الدولة الآسيوية الصغيرة على الحصول على احتياجاتها من العالم الخارجي، ويمنعها من تصدير منتجاتها بحرية.
 

كما أجرت الدولة الشيوعية إصلاحات أيضًا في المجال الزراعي، حيث اعتادت أن تأخذ 85% مما يزرع الفلاحون بينما تترك لهم النسبة الباقية، على أن تقوم الدولة بتحديد المحصول الذي يتم زراعته، غير أن النسبة التي تستقطعها الدولة تراجعت إلى 70%، كما سمح للمزارعين بتحديد نوع المحصول الذين يرغبون في زراعته.
 

صين جديدة؟
 

وتشبه شبكة "إيه.بي.سي" الأمريكية ما يحدث في كوريا الشمالية حاليًا مع ما حدث في الصين في ثمانينيات القرن الماضي من إصلاحات جذرية في النظام الاقتصادي، مشيرة إلى أن هذه الإصلاحات تمت بهدوء وبشكل تدريجي تمامًا، بما يحافظ للنظام السياسي على استقراره وتماسكه وفي نفس الوقت يزيد من قدرة كوريا الشمالية على زيادة مواردها المحدودة.



 

وعلى الرغم من التشبيه بالصين إلا أن عزلة كوريا الشمالية التامة تجعل الوضع مختلفًا، ولذا فإن أي إصلاحات داخلية قد يكون لها فاعلية في تمكن بيونج يانج من تلافي مجاعة كانت تحدق بالبلاد، ولكنها لن تصل إلى مرحلة استعادة البلاد للنمو المطلوب لإخراج كوريا الشمالية من وضعها كإحدى أفقر الدول في العالم، بدخل فردي لا يتعدى 2000 دولار سنويًا.
 

لذا فقد كانت بيونج يانج مجبرة مع إصلاحاتها الداخلية بأن تنفتح سياسيًا وتقدم تنازلات في مجال برنامجها النووي لكي يتم "قبولها" في الاقتصاد العالمي، غير أن "الفخ" كما تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" في أن انفتاحا اقتصاديا كبيرًا من شأنه إثارة تطلعات الشعب الكوري الشمالي "الرأسمالية" وهو ما يهدد استقرار النظام الشيوعي، لذا فستكون بيونج يانج حريصة للغاية في انفتاحها الاقتصادي، هذه المرة لأسباب سياسية.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة