نبض أرقام
05:14 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

"عندما أتكلم مع ابنتي عن الاقتصاد " ..وجهة نظر ترصد أسباب فشل الرأسمالية ونجاحها

2018/06/23 أرقام - خاص

بعدما عانت بلاده بسبب طبيعة النظام الاقتصادي الرأسمالي، قرر"يانس فاروفاكيس" وزير المالية اليوناني السابق والخبير الاقتصادي  كتابة "عندما أتكلم مع ابنتي عن الاقتصاد: نبذة مختصرة عن الرأسمالية"، في محاولة منه لكي يخبر ابنته بما يجعل النظام الرأسمالي منتعشا ومستمرا، وما قد يقضي عليه.



 

العالم نصفان فحسب
 

وتكمن أهمية هذا الكتاب في أن مؤلفه ليس اقتصاديا منظرا فحسب، بل إنه وزير دولة مرت بفترة عانت فيها من ويلات شبح الإفلاس في ظل نظام عالمي تسيطر عليه الرأسمالية، لذا تبقى تجربته وآراؤه في هذا الصدد أمرا يستحق الرصد.
 

ويقدم "فاروفاكيس" صورة مبسطة للغاية للرأسمالية لابنته، فيخبرها أن العالم ينقسم إلى قسمين: أغنياء لديهم الثروة والسلطة معًا، وفقراء ليس لديهم أي منهما ويعتقدون أن بمقدورهم تغيير مقاديرهم باستخدام التصويت في الانتخابات، وهو ما لا يحدث في أغلبية الأحيان.
 

والأزمة في الرأسمالية، وفقًا لـ"فاروفاكيس" أن غالبية المواطنين في الدول الديمقراطية ينجرفون وراء ادعاءات السياسيين بدون الحد الأدنى من المعرفة الاقتصادية التي تعينهم على التفرقة بين السياسات المالية والنقدية التي تساعدهم وتلك التي تؤذيهم.
 

ولذا يجب أن يتم نشر الثقافة الاقتصادية بين المواطنين ولا سيما في الدول الديمقراطية التي يكون على مواطنيها أن يقرروا مستقبلهم بأنفسهم، ففي الوقت الذي يهتم الكثيرون بقضايا مثل حقوق الإنسان والبيئة والحق في حمل السلاح في الدول الغربية يندر أن تجد مواطنًا يهتم بالسياسات النقدية للبنك المركزي، ولا يهتم بالاقتصاد إلا إذا ضرب التضخم المفرط البلاد أو تنامت معدلات البطالة.
 

نظام ينقذ الفاسدين
 

ويختلف "فاروفاكيس" مع مقولة شهيرة لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة "مارجريت تاتشر" التي أكدت أنه "ببساطة وعندما يتعلق الأمر بالرأسمالية فلا بديل متاح"، ويرى ضرورة تقديم السياسيين البدائل لأن هذه هي وظيفتهم لا أن يستسلموا للنظام القائم بشكل تام ويسعون للتحرك في إطاره فحسب، فيمكن للسياسي معارضة النظام الاقتصادي  القائم ككل لا أن يسعى لتحسينه فحسب (إن سعى لذلك أصلا).

 


 

لذا فقد كان الأمر "مرًا" عندما اضطر وزير المالية السابق منح البنوك اليونانية قروضا عام 2015 سعيًا لإنقاذها من الإفلاس، ويقول "فاروفاكيس" "بدلًا من أن نعاقب هؤلاء الذين أغرقوا الدولة اقتصاديًا إذا بنا نجد أنفسنا مضطرين لأن نلقي إليهم بطوق النجاة لأنهم إذا غرقوا سيجذبون الجميع إلى القاع ولن يسقطوا أبدًا وحدهم".
 

فالنظام الرأسمالي معد من خلال شبكة مركبة للغاية من العلاقات المبنية بالأساس على الديون، فالشركات تتوسع في أعمالها من خلال الديون، والبنوك تزدهر وفقًا لقدرتها على منح الديون، والدول نفسها تحصل على الديون، بل والأفراد أيضًا يشترون سلعًا بالأجل ويستغلون نظام الديون.
 

لذا فإن سقوط حلقة واحدة من سلسلة الديون تلك قد لا يخل بها لسهولة التخلص من تلك الحلقة ثم إعادة "وصل" السلسلة مرة أخرى، غير أن سقوط عدة حلقات في نفس الوقت يعني انهيار كامل للسلسلة وأن يجد الجميع أنفسهم أمام مراكز مالية مكشوفة وغير متوقعة بما يؤدي لانهيار تام.
 

سلسلة ديون ولا فكاك منها
 

ويذكر "فاروفاكيس" بأن النقود نفسها هي بمثابة دين (وفقًا لطريقة نشأتها تاريخيًا)، وبالتالي فإن انهيارًا تامًا لنظام الديون في دولة ما سيعني بالضرورة انهيار لعملتها أيضًا والعودة إلى نظام المقايضة (وهو ما حدث بالفعل في بعض الدول التي عانت تضخمًا متسارعًا للغاية)، بما لذلك من آثار اجتماعية وسياسية وأمنية على المجتمع الذي فقد الناس فيه قيمة مدخراتهم بين لحظة وضحاها.
 

كل ما سبق هي الظروف التي تفشل فيها الرأسمالية، بينما الشرط الرئيس لنجاحها أن يدرك الناس (المواطنون) أن الاقتصاد جزء لا يتجزأ من السياسة، وأنه عليهم أن يفهموا تفاصيله بدقة حتى يستوعبوا ما يقال لهم من حكوماتهم ويصبحوا أكثر قدرة على اتخاذ قرارات تصويتية أفضل بناء على ما لديهم من "معلومات" وليس "اعتقادات" اقتصادية.



 

ويحذر "فاروفاكيس" ابنته في الكتاب من أن أحدًا في الحكومات لن يعمل على تثقيفها اقتصاديًا وأن عليها  العمل على ذلك بنفسها، لأنه إذا لم تفعل ذلك فستظل أسيرة لمقولات السياسيين وستضطر لتصديقها والعمل بها.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.