أصدرت مؤسسة "بلومبرج نيو إنرجي فاينانس" لأبحاث الطاقة توقعاتها السنوية، والتي أظهرت أن مصدري الرياح والشمس سيصبحان أكثر هيمنة في المستقبل مع تواصل انخفاض تكلفتهما وتزايد اعتماد المستهلكين عليهما، وبخلاف الفحم والنفط اللذين توقعت خضوعهما لضغوطات قوية أوضحت أن الغاز الطبيعي لديه مستقبل أكثر إشراقًا.
وفي حين ستنخفض حصة الكهرباء المولدة باستخدام الغاز من 25% إلى 17% في سوق الطاقة العالمي، فإن الإنتاج المطلق لها لن يهبط بمقدار النصف كما هو الحال مع الفحم، بحسب تقرير لوكالة "بلومبرج" استند لبيانات المؤسسة البحثية.
ومن ناحية أخرى فإن الإنتاج لا ينمو بشكل ملحوظ أيضًا، وهذا يقوض النظرية القائلة بأنه سيكون الوقود الانتقالي، نظرًا لقلة انبعاثاته الكربونية مقارنة بالفحم، ما يسهم في إنهاء حقبة من التلوث وقيام أخرى أكثر نظافة.
حتى في ظل توقعات المؤسسة بانتعاش أعمال الطاقة المتجددة، يتوقع أن يكون للغاز دور هام في المستقبل بفضل مرونته، فازدهار موارد طاقة الشمس والرياح ستحتاج إدارة أكثر تطورًا للطلب، بالإضافة إلى خيارات التخزين والدعم.
ويقصد بالتخزين بشكل أساسي البطاريات، وتتوقع "بلومبرج نيو إنرجي فاينانس" نمو القدرة الاستيعابية لها بنحو 160 مرة حجمها الحالي بحلول عام 2050، لكن في ظل القيود المحيطة بصناعة بطاريات الليثيوم أيون –خاصة في ما يتعلق بتلبية الطلب أثناء ذروته لفترات طويلة-، تتوقع المؤسسة استمرار تشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز لتوفير وسائل طاقة احتياطية.
وبدلًا من توربينات الغاز ذات الدورة المركبة الأكثر كفاءة (ولكن أغلى) المنتشرة في السوق الآن، فإن المحطات الأكثر بساطة والأقل تكلفة والتي ستخصص لسد الطلب وقت الذروة فقط ستكون أكثر ملاءمة للتنافس مع موارد الطاقة المتجددة ومواجهة مشكلة التخزين، وهو ما يؤثر في أنماط محطات الغاز الجديدة التي يتم بناؤها حاليًا.
ولعل أحد الجوانب اللافتة للنظر في توقعات مؤسسة "بلومبرج" هو الحجم الكبير للسوق، حيث ترى أن الطلب على التوربينات الغازية سيصل في المتوسط إلى 60 جيجاواط سنويًا، وهذا يتناقض بشكل حاد مع الأصوات المحبطة الصادرة من شركات مثل "سيمنز إيه جي" و"جنرال إلكتريك".
وتخطط "جنرال إلكتريك" للتعامل مع سوق يقل فيه الطلب عن 30 جيجاواط من توربينات الغاز الجديدة عالية الأداء خلال عامي 2019 و2020، فيما ترى مؤسسة "بلومبرج" لأبحاث الطاقة أن هذه النظرة متشائمة للغاية.
وبالتوافق مع توقعات "بلومبرج" جاء في تقرير حديث لمؤسسة "سيكتور آند سوفرينج ريسيرش" للأبحاث، أن طلبات توريد التوربينات الغازية سيقفز من 31 جيجاواط في عام 2020 إلى 49 جيجاواط في 2025 وإلى 70 جيجاواط بحلول عام 2030.
وحتى في ظل السيناريو الأكثر تشاؤمًا حيث تنتشر البطاريات بسرعة أكبر، سترتفع طلبيات توربينات الغاز السنوية إلى 50 جيجاواط بحلول نهاية عام 2020، ويرجع ذلك جزئيًا لمحاولة تغطية خروج بعض المحطات من الخدمة، لكن على المدى الطويل سيعني ذلك متوسط طلب على التوربينات الغازية يصل إلى 31 جيجاواط سنويًا حتى عام 2050.
إن كان يعني ذلك آفاقا متفائلة لصانعي التوربينات الغازية، فإن التوقعات تأتي مع تحذيرات، فالتحول نحو محطات الغاز المخصصة لتغطية الطلب وقت الذروة يعني أنه حتى لو ارتفعت الطلبيات بأكثر من المتوقع فسيكون ذلك بسبب كونها أرخص.
ولا توجد طريقة أخرى للتنافس في السوق الذي سيغدو أكثر ميلًا للمصادر المتجددة، وعلاوة على ذلك فإن استخدام المحطات سيكون أقل، كما تعني التوربينات الأرخص غير المعقدة والتي تتطلب بطبيعة الحال صيانة أقل، فرصة أضعف لتحقيق الإيرادات بالنسبة للصناع.
وخلاصة القول إن تقدم تقنيات التخزين بسرعة كبيرة سيؤدي إلى دور أضعف للغاز الطبيعي في المستقبل، فحتى مفهوم ذروة الطلب على الطاقة سيواصل التغير نتيجة لتغلغل الموارد المتجددة في السوق والتأثير المحتمل لمزيد من السيارات الكهربائية، وغالبًا فرسالة مؤسسة "بلومبرج نيو إنرجي فاينانس" هي أن العالم يتغير بشكل عميق يجبر قطاع الغاز على القتال للحفاظ على مكانته.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}