تفرض الولايات المتحدة سياسات مقيدة للغاية على مبيعاتها من الأسلحة، ما يدفع بعض مؤيديها لشراء السلاح من بلدان مثل روسيا والصين، لكن من شأن قانون الدفاع الوطني لهذا العام –تحدد النفقات السنوية للبنتاغون عن طريق قانون يصدر سنويًا- منح الوزير "جيمس ماتيس" سلطة للحد من هذه القيود بعض الشيء.
لكن بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال" فإن المشكلة ستظل أعمق، إذ يحتاج نظام بيع الأسلحة في الولايات المتحدة إلى إعادة ضبط للحفاظ على النفوذ الأمريكي في هذا السوق، لا سيما في ظل بيئة جيوسياسية شديدة التنافسية.
وتمنع الحكومة الأمريكية مبيعات الأسلحة إلى دول أجنبية لأسباب مختلفة، وكثيرًا ما يكون لكونجرس حذرًا من بيع السلاح للبلدان التي يمكن أن تستخدمه في تقويض الحريات المدنية، أما مكتب مراقبة التسلح بوزارة الخارجية الأمريكية فيعارض بشكل عام أي انتشار للأسحلة باعتبار أن ذلك قد يشعل سباق تسلح.
ويقول التقرير: بينما تسعى روسيا والصين بنشاط إلى بيع الأسلحة كجزء من استراتيجية عدوانية لتعزيز نفوذهما في سوق السلاح العالمي، يجب إعطاء المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة مزيدًا من الثقل.
وعلى مدى العقد الماضي، حافظت روسيا بسهولة على مكانتها كثاني أكبر مورد للأسلحة في العالم، وشكلت وحدها 22% من إجمالي المبيعات العالمية خلال الفترة من عام 2013- 2017، فيما ازدادت مبيعات الصين خلال هذه الفترة بنسبة تقارب 40% مقارنة بالدورة السابقة لها، وهو معدل نمو لم يسجله الكثيرون، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
ولا تخشى روسيا أو الصين بيع الأسلحة لأي من منتهكي حقوق الإنسان، بل غالبًا ما تكونا هما مصدر التقنيات والأسلحة التي تستخدمها الحكومات الاستبدادية في قمع مواطنيها، وهما أيضًا حريصتان على استقطاب هذه الدول التي ترفض الولايات المتحدة تسليحها.
تبيع الآن روسيا أسلحة متطورة مثل الطائرات والغواصات والأنظمة المضادة للطائرات والصواريخ، فيما قطعت الصين شوطًا كبيرًا في مجال الأنظمة الصاروخية المتقدمة وكذلك المركبات الجوية غير المأهولة، ويشكل بيع مثل هذه الأسحلة تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمنية الأمريكية، وفقًا للصحيفة.
من ناحية أخرى، لا يمكن للتكنولوجيات التي طورها الروس والصينيون –مثل الرادارات المتقدمة، وأجهزة السونار، والاستشعار، ومنصات الاتصال- أن تتكامل بشكل فعال مع التنقيات العسكرية الأمريكية، وكلما زادت المشتريات من البلدين، كانت الفرصة لشراء المزيد من الولايات المتحدة أقل في المستقبل.
كما أن عدم القدرة على التكامل هذه ستخلق مشكلة كبيرة إذا أرادت الولايات المتحدة خوض حرب بجوار أحد حلفائها الذين تزودوا بالسلاح الصيني أو الروسي.
وستظل الحقيقة أن البلدان التي امتنعت الولايات المتحدة عن تسليحها ما زالت قادرة على شراء الأنظمة العسكرية المتقدمة، والأسوأ أنها ستفعل ذلك دون الاعتماد على واشنطن في التزود بالذخيرة أو تلقي عمليات الصيانة اللازمة أو قطع الغيار، وهو ما ينال من أحد أوجه النفوذ الرئيسية لأمريكا، والتي تستغلها عادة للضغط في الحالات ذات الصلة بانتهاكات حقوق الإنسان.
حاولت تركيا على مدار عامي 2016 و2017 شراء طائرات هليكوتبر وتقنيات أخرى من شركات في الولايات المتحدة، لكن تم رفضها بسبب مخاوف من نظام الحكم التركي، وفي أواخر 2017 حصلت أنقرة على نظام دفاع صاروخي متطور من روسيا مقابل 2.5 مليار دولار، في خطوة لم يسبق لها مثيل من قبل أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي.
واختتم التقرير قائلًا: هناك المزيد والمزيد من الأمثلة حول العالم، وفي ظل تحول أمريكا إلى مرحلة المنافسة الشديدة مع روسيا والصين على وجه التحديد، فيجب عليها أن تغير أسلوبها في بيع الأسلحة، وإذا لم يحدث ذلك، فإن شراكاتها الأمنية العالمية سوف تتآكل بشكل مطرد لصالح منافسين أكثر جدية وأقل تشددًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}