نبض أرقام
02:29
توقيت مكة المكرمة

2024/08/25
2024/08/24

النفط "متهم" برفع نسب التضخم من قبل الغرب.. فهل هو "بريء"؟

2018/07/21 أرقام - خاص

عادة ما تبرز الاتهامات في الدول الصناعية للدول المنتجة للنفط بأن عدم زيادة الأخيرة لإنتاجها يفاقم من أزمات الأولى الاقتصادية، ولا سيما بالمساهمة في ارتفاع نسب التضخم فيها، ولذلك تسعى الدول المتقدمة باستمرار للضغط على منتجي النفط من أجل زيادة إنتاجهم منه سعيًا لخفض الأسعار، لما في ذلك من أثر (مزعوم) على خفض التضخم في بلادهم.

 

 

تأثير محدود.. ويتقلص

 

أجرى صندوق النقد الدولي دراسة على بيانات 72 دولة بين عامي 1970-2015 لبيان أثر "صدمات ارتفاع أسعار النفط" على الاقتصادات المختلفة سواء كانت نامية أم متقدمة، واتضح أن ارتفاعا نسبته 10% في أسعار النفط يزيد نسبة التضخم الداخلي محليًا بنسبة 0.4% في المتوسط في تلك الدول، مع اختلافات بين الدول النامية والصناعية.

 

وأضافت الدراسة أن تأثير ارتفاعات أسعار النفط يتقلص على التضخم مع مرور الزمن ولا يزيد، وذلك لأكثر من سبب أهمها الخبرة في احتساب تقلبات سعر الذهب الأسود، وثانيها الخبرة الجيدة في مجال إعداد الموازنات العامة للدول أخذًا في الاعتبار احتمالات تغير أسعار المواد الخام وأهمها النفط.

 

ويقول موقع "إنفليشن داتا" إنه على الرغم من إقرار الجميع بوجود رابط بين أسعار النفط ومستويات التضخم، إلا أنه لا يجب المبالغة في تلك العلاقة باعتبار أن النفط هو العامل الرئيس الأول المؤثر على التضخم لوجود عوامل أخرى أشد أهمية.

 

ولعل أهم دليل على ذلك هو ارتفاع سعر النفط من قرابة 16 دولارا عام 1999 حتى وصل 50 دولارا عام 2005، أي أنه تضاعف 3 مرات دون أن يرتفع مستوى الأسعار الأمريكي والأوروبي بنسب مقاربة حتى، حيث ارتفع مستوى الأسعار العام عن نفس الفترة بنسب لا تتجاوز 20% في المتوسط في الدول الصناعية، بما يعكس أن الارتباط ليس بهذا الشكل المباشر والحتمي.

 

مثال معاكس

 

وكثيرًا ما يستدل داعمو ومؤيدو وجود تأثير كبير لأسعار النفط على التضخم في الدول المتقدمة بأن المستوى العام للأسعار في الدول المتقدمة تضاعف تقريبا بين عامي 1973 و1979، اللذين شهدا ارتفاع سعر برميل النفط من 3 دولارات إلى قرابة 40 دولارا بينهما، لا سيما أن مستوى الأسعار نفسه احتاج للفترة بين 1947-1973 لكي يتضاعف قبل ذلك بسبب استقرار أسعار النفط-كما يؤكدون.

 

 

غير أن المقارنة هنا في غير محلها بلا شك لسببين؛ أولهما أن الاقتصاد لم يكن في أكثر حالاته رواجًا في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية بما ينعكس على مستوى أسعار أكثر ميلًا للثبات، كما أن تصاعد المواجهات في الحرب الباردة كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد في نفس الفترة التي ارتفع فيها سعر النفط في سبعينات القرن الماضي لذا يصعب للغاية ربط نسبة ارتفاع التضخم إلى أسعار النفط فحسب.

 

كما أن الفترة التي شهدت تراجعًا في أسعار النفط إبان عامي 2014 و2015 لم تشهد إلا استمرارًا لمعدلات التضخم الأمريكية على نفس مستوياتها دون تراجع، ولا شك أن الارتباط، إن كان واقعًا، ينطبق في حالات الانخفاض، كما هو في الارتفاع وليس ذا اتجاه واحد.

 

وتشير دراسة صندوق النقد الدولي إلى أنه ينبغي الوضع في الاعتبار أن اسعار النفط تخضع للعديد من العوامل، لعل أهمها مستويات الدعم الحكومي، وتكلفة النقل، ومدى صلاحية خطوط الإنتاج والإمداد، والأسعار التفضيلية، ومدى توافر منصات التكرير وغير ذلك من العوامل التي تقرر اختلاف سعر الوقود من دولة لأخرى وبالتالي تأثر الدولة بارتفاع سعر الخام عالميًا.

 

الولايات المتحدة مثالًا

 

وتشير دراسة نشرتها وكالة رويترز أن الدول الأكثر تأثرًا بفعل ارتفاع أسعار النفط هي الدول السبعة الكبرى أو مجموعة (G7) (مجموعة الثماني باستثناء روسيا) حيث إن ارتفاع اسعار النفط مسؤول عن 17.4% في المتوسط من التغير في مستويات التضخم في تلك البلدان بسبب استهلاكها الكبير من المواد النفطية لاعتمادها على الصناعة تقليديا.

 

وتضيف الوكالة أنه في كافة الأحوال فإن معدلات التضخم جاءت أقل من التوقعات في غالبية الدول الصناعية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي لا تزال تسجل معدلات تضخم تقل عن 2% خلال الأعوام الستة الأخيرة على الرغم من الارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط، بما يشير إلى أن تأثير الارتفاعات في أسعار النفط لم يكن كبيرًا على واشنطن.

 

 

وتشير دراسة لكلية "هارفارد" لإدارة الأعمال إلى أن التضخم ارتفع خلال الأشهر الأخيرة في الولايات المتحدة بفعل ارتفاع المستوى العام للأسعار وذلك بسبب الزيادة المضطردة في أسعار الملابس وليس ما عداها على سبيل المثال، وأن الزيادة قبل ذلك كانت بسبب عودة قطاع العقار إلى النمو وزيادة أسعار الإيجارات لا سيما في المدن الكبيرة، ليبقى اتهام النفط بالمسؤولية عن التضخم في الغرب في معظمه إلقاء للمسؤولين بمسؤولياتهم على الغير فيما يبدو.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة