نبض أرقام
09:43 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/03
2024/11/02

"فاشية الاقتصاد".. كيف تؤدي المناهج الدراسية والسياسات الاقتصادية لتفاقم "غياب العدالة"؟

2018/08/11 أرقام - خاص

هل يعاني عالم اليوم من غياب "غير مبرر" للعدالة بين الناس، بحيث يعمل البعض دون أن يحصدوا مقابل ما يزرعون؟، ويحصد آخرون أكثر مما قدموا بكثير، لتبدو الصورة مختلة، ويسقط الشعار الأزلي "من جد وجد ومن زرع حصد"؟

 

 

السبب .. "المسلمات" الاقتصادية

 

الكاتب "جيمس كواك" أستاذ القانون في جامعة "كونيكتكت" الأمريكية استرعته هذه الظاهرة وقدم كتابه "الفاشية الاقتصادية: السياسات الاقتصادية السيئة وتفاقم غياب العدالة"، الذي يعتبره محاولة للوقوف على "ماذا حدث في الاقتصاد وأفسده؟".

 

ووفقًا لـ"كواك" فإن السبب الرئيس وراء تفاقم غياب العدالة في الاقتصاد، هو المنهج الدراسي الذي يدرسه كافة الطلاب في العام الدراسي الأول "أساسيات الاقتصاد الكلي" والذي يبنون عليه أفكارهم الاقتصادية لاحقًا، بأفكار على غرار "المنافسة الكاملة"، "آلية السوق المتوازنة"، "المستهلك الخبير"، فكل هذه المصطلحات لم تكن في واقع الأمر إلا "تهيئة" من جانب البعض للفكر الاقتصادي ليصبح "ملائمًا" لمصالحهم.

 

فالمسؤولون في الحكومات غالبيتهم دارس للاقتصاد، وعلى الأقل لمبادئه، لذا يبدأ في التعامل مع الوقت في التعامل مع أن غياب العدالة (وليس المقصود المساواة ولكن حصول كل فرد على ما يستحق) من طبيعة الأمور في الحياة، لذا يبدؤون في تبني سياسات "خطيرة" و"غير فعالة"، بما يترك ظاهرة غياب العدالة على حالها، إن لم يفاقمها.

 

ولسنوات طويلة، اعتاد مؤيدو سياسات السوق الحر دون أي شكل من أشكال التدخل من الدولة الرد على منتقديهم بسؤال واحد "أين المشكلة تحديدًا والفشل في الأسواق لكي نعمل على تغيير النظام القائم"، والغريب أن أحدًا لا يعطيهم جوابًا مقنعًا على الرغم من تعدد حالات الإفلاس واضطرار الحكومات للتدخل في الأسواق بما يعكس خللًا قائمًا ومستمرًا في النظام بشكل عام.

 

فشل للنظرية

 

ما يتم دراسته في المراحل الأساسية لدراسة الاقتصاد صالح لتفسير نظرية مثل العرض والطلب في بعض الحالات على سبيل المثال، لكنه غير قابل لتفسير حالة العرض والطلب في العمالة متدنية المهارة، فزيادة تلك العمالة أو نقصانها لا يرفع أجورها كثيرًا أو يقلصها، وتراجع ما تحصل عليه صعب في ظل محدوديته، وزيادته كثيرًا غير ممكنة في ظل النظرة بشكل متدن لما تقدم بما يجعل قانون العرض والطلب غير منطبق هنا لوجود عوامل "نفسية".

 

 

ووفقًا لـ"كواك" فإن "الخداع الأكبر" للنظرية الاقتصادية الحديثة هو افتراض "المستهلك الرشيد" و"المواطن الاقتصادي" فكليهما غير حقيقي، ويهدف أول ما يهدف إلى إلقاء تبعات أي تراجع اقتصادي أو أزمات مالية على المواطن العادي بوصفه خبيرا بتفاصيل الاقتصاد، مستغلين في ذلك حب الناس –بداهة- لوصفهم بالعلم بدلًا من وصمهم بالجهل.

 

ويستفيد الاقتصاديون كثيرًا من استغلال السياسيين للنظريات البسيطة في الاقتصاد، وحتى من إساءة استغلالهم لها، لأن ذلك يجعلهم عنصرًا مركزيًا باستمرار، ويزيد الطلب عليهم، حتى أصبحوا في الولايات المتحدة بمثابة "مفكري القمة" ويأتون قبل غيرهم من المفكرين في العلوم الإنسانية بل والتطبيقية في العديد الحالات، وهذا التميز يزيد من إقبال الطلبة على دراسة تخصص الاقتصاد بما يزيد من مكانة الاقتصاديين أيضًا.

 

الحل

 

ويميل الناس باستمرار إلى لوم المسؤولين عندما يحدث ما يسيء في الاقتصاد، من انهيار أسواق مالية أو فقدان الكثيرين لوظائفهم، وهذا أمر صحيح، غير أن الأهم، وفقًا لـ"بايك"، البحث في مدى صلاحية النظريات الاقتصادية التي يعمل المسؤولون الاقتصاديون في ظلها والتي تجعل الانهيار غير مرتبط بهم قدر ارتباطه بما يمثلون.

 

وللتخلص من هذا يجب الانتقال بالاقتصاد من مجرد النظريات التي لا إثبات لها، ليصبح علمًا تطبيقيًا يعتمد أول الأمر على الدلائل العملية والتجارب السابقة وليس النظريات الجامدة التي يتم وضعها لأهداف في نفس واضعيها، بحيث يصبح "العلم أولًا" وليست وجهات النظر والافتراضات التي لا داعم لها.

 

 

ويجب الانتباه إلى أن حل مشكلة "الفاشية الاقتصادية" لا يكمن في الحد من الأنشطة الاقتصادية ولكن في جعلها "أفضل"، بالتوقف عن التباهي بانتصار الرأسمالية على ما عداها من النظم الاقتصادية (السيئة)، فهي لم تفعل ذلك إلا لسوء منافسيها وليس لجودتها، ويقول مؤلف الكتاب:"يجب الانتباه إلى أن الأقوياء والأثرياء لم يتبنوا الرأسمالية لقوة حجتها في مواجهة الشيوعية مثلًا، ولكنهم تبنوها لتحقيقها أهدافهم".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.