نبض أرقام
03:25 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

كيف غيرت الأزمة المالية العالمية مسار التفكير الاقتصادي؟

2018/09/12 أرقام

على عكس الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، ما كان ليؤدي ركود عام 2008 إلى تفكير اقتصادي جديد، لكن إحياء الأفكار القديمة، لا سيما الحديث عن عدم المساواة، شكل بحد ذاته حركة تغيير فكري، بحسب تقرير لموقع "موني كنترول".

 

وكتب أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة وُرِك الإنجليزية "روبرت سكيدلسكي" مقالًا مثيرًا للاهتمام منذ عدة أشهر، جاء فيه، إنه على عكس الكساد العظيم الذي أفرز نظرية الاقتصاديات الكينزية، والركود الاقتصادي في السبعينيات الذي أفضى إلى نظرية "ميلتون فريدمان" النقدية، فإن ركود عام 2008 لم يولد أي استجابة اقتصادية مشابهة، لكن الغريب هنا هو تجاهل "سكيدلسكي" التغير المهم والقائم إلى الآن، وهو الزيادة الملحوظة في المناقشات حول عدم المساواة.

 

غياب العدالة في توزيع الثروات

 

- على نطاق واسع، يناقش علم الاقتصاد نشاطين بشريين رئيسيين هما الإنتاج والتوزيع، وحتى الآن تتركز الكثير من النقاشات الاقتصادية على النشاط الأول وكيفية زيادته، ومثلًا كلما حدثت أزمة أعقبها تراجع في الطلب ينصب الحديث حول استعادة الطلب، ولم يكن هناك أي اهتمام بالكيفية التي يتم بها توزيع مكاسب الإنتاج قبل أو بعد الاضطرابات.

 

- بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، كانت هناك زيادة حادة في النقاشات التي تناولت قضايا التوزيع، ومن المثير للاهتمام أن معظم الاقتصاديين أهملوا في البداية ارتفاع معدلات عدم المساواة ولم يلتفتوا إليها إلا عندما بدأ الجمهور يتفاعل تجاهها.

 

 

- هناك شعور واسع النطاق في أوساط الجمهور، بأن معظم المخرجات سواء كانت بضائع مادية أو أصولا مالية، كانت دائمًا في أيدي النخبة، كما أن هذه النخب استولت على صنع السياسات الاقتصادية بشكل مباشر أو غير مباشر، ما أدى إلى استمرار ارتفاع حصتها في النشاط الاقتصادي.

 

- بالتالي، ليُبقي الاقتصاديون على مكانتهم ذات الصلة بهذه القضايا، يجب عليهم أن يعيروا اهتماما متساويًا لمسألة توزيع مخرجات الإنتاج وضمان عدم تراكم المكاسب عند أحد الأطراف بشكل غير متساوٍ.

 

- قاد حركة التغيير الفكري هذه الاقتصادي "توماس بيكيتي" الذي أظهر كيف أن عدم المساواة قد ارتفع في معظم الاقتصادات خلال القرن العشرين، حيث ظل الغضب إزاء هذا التفاوت الاجتماعي يختمر لبعض الوقت إلى أن وصل ذروته خلال أزمة عام 2008، عندما كان ينظر إلى أن معظم السياسات تصب في صالح الأسواق والمستثمرين وليس المواطن العادي.

 

الغضب الجماهيري فرض نفسه

 

- بعدما تسببت الأزمة في انخفاض معدل النمو الاقتصادي والتوظيف، لم يعد الناس مستعدين لتحمل هذا التوزيع غير العادل للثروة، وهو ما ترتب عليه ظهور حركات مثل "احتلوا وول ستريت" ودعوات الخروج من الاتحاد الأوروبي التي تكللت بالنجاح عقب تصويت البريطانيين لصالح الانسحاب.

 

- كما أنها كانت مسؤولة عن نمو التوجهات القومية الاقتصادية، ما قاد إلى ارتفاع شعبية بعض السياسيين، ولعل انتخاب "دونالد ترامب" في الولايات المتحدة و"إيمانويل ماكرون" في فرنسا أبرز الأمثلة على هذه التغيرات الاقتصادية المستمرة.

 

 

- ربما تكون أصول "بيكيتي" الفرنسية سببًا رئيسيًا وراء عدم حصوله على شهرة مشابهة لـ"جون ماينارد كينز" أو "ميلتون فريدمان"، فهؤلاء المفكرون جاءوا من بلدان كبرى ذات اقتصادات مهينة في العالم آنذاك.

 

- كان "كينز" من المملكة المتحدة، التي كانت تعد قوة اقتصادية هائلة تسيطر على اقتصادات عدة من خلال الاستعمار، فيما ساعدت أفكار "فريدمان" على نهوض الولايات المتحدة أكثر، لكن فرنسا رغم أنها لا تزال اقتصادًا رئيسيًا لا تحظى بدور مهيمن في الاقتصاد العالمي.

 

مكاسب فكرية أخرى

 

- من بين التغيرات الأخرى المترتبة على الأزمة والتي ينبغي الالتفات إليها، هي أهمية التمويل، فحتى وقت قريب كان ينظر إليه بشكل كبير على أنه مجرد نشاط وسيط ينقل الموارد من الوحدات ذات الفائض إلى تلك التي تشهد عجزًا، وكانت المناقشات حول التمويل تركز على تسعير الأصول والأسواق الفعالة، ومؤخرًا التمويل السلوكي.

 

- مناقشات قليلة للغاية دارت حول ما إذا كان بإمكان الأسواق المالية التأثير على استقرار الاقتصاد الكلي وكيف يمكن حدوث ذلك، وهو ما وقع خلال الأزمة التي شهدها جنوب شرق آسيا عام 1997، وعكست قوة تأثير الأسواق على الاقتصاد الكلي، ثم تكررت في الأرجنتين عام 2001.

 

 

- أجبر الاقتصاديون في نهاية المطاف على تغير طريقة تفكيرهم بعد أزمة 2008، والتي اندلعت من أسواق الإسكان الثانوية غير الهامة لتعطل الاقتصاد العالمي بأكمله، ويرجع ذلك إلى العديد من الروابط المالية بين هذه الاقتصادات.

 

- كل هذه الأفكار تخضع الآن للملاحظة الجيدة، وبما أن أصول الأزمة وتأثيراتها كانت في المقام الأول من الاقتصادات المتقدمة، فإن الأعذار القديمة، التي كانت تستخدم في الاقتصادات النامية لم تعد مقبولة بعد الآن.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.