نبض أرقام
06:24
توقيت مكة المكرمة

2024/07/12
2024/07/11

مستقبل الاستثمار في العقارات.. أسواق تنمو وأخرى تتراجع ومخاطر تتزايد

2018/09/21 أرقام - خاص

كثيرًا ما يثير الاستثمار العقاري جدلًا كبيرًا، في ظل من يرونه بمثابة ملجأ "آمن" و"مربح"، وبين من يصفونه بـ"الاستثمار الجبان" لأنه يتجنب المخاطرات الكبيرة وبالتالي لا يحصد أرباحًا كتلك التي يجنيها المضاربون في البورصة أو المستثمرون في الذهب أو الشركات الكبرى أو غير ذلك، بينما يحذر فريق ثالث من مخاطر "الفقاعة العقارية" التي من شأنها أن تذهب بالاستثمارات العقارية أدراج الرياح، ليثار التساؤل باستمرار عن مستقبل الاستثمار في العقارات وأماكنه المفضلة.

 

 

المدن ثم المدن

 

وخلال العشر سنوات الماضية نمت قيمة العقارات في المدن الكبرى في مختلف الدول بنسب تفوق الزيادة في العقارات بشكل عام، فعالميًا نمت الأسعار في المدن بـ2.3% أكثر مما نمت بشكل عام (أي في القرى والمدن الصغيرة والبلدات والصحاري)، بينما نمت الأسعار في المدن الأمريكية بـ1.3% أكثر مما نمت الأسعار على المستوى القومي.

 

أما في أوروبا فزادت أسعار المدن بـ2.8% أكثر مما نمت على المستوى العام في القارة العجوز، بينما لم يزد الفارق نفسه في آسيا على 0.5% فحسب، وذلك بسبب الكثافة السكانية العالية في أغلب أنحاء القارة الصفراء بما يجعل الزيادة في الأسعار متوازنة إلى حد ما.

 

ويرجع السبب وراء ارتفاع نسبة زيادة الأسعار في المدن عنها خارجها في حقيقة أن ثلث الناتج العالمي يتم توليده بواسطة أكبر 100 مدينة في العالم، بما يعكس قوة شرائية متزايدة لأهلها وقدرة على الوفاء بالأسعار المرتفعة للعقارات، سواء للشراء أو التأجير.

 

كما ينتقل حوالي مليون شخص إلى المدن أسبوعيًا حول العالم، وفقًا لتقرير لموقع "ريال أسيتس" المتخصص، بما يعكس ارتفاعًا مستمرًا في الطلب على العقارات في تلك المدن، حتى أن نصف الاستثمارات الموجهة للاستثمارات في العقارات التجارية والمكتبية (أي تلك غير السكنية) خلال الأعوام الخمسة الأخيرة تم توجيهه إلى الخمس والعشرين مدينة الأهم حول العالم.

 

بل وحصدت 4 مدن فحسب وهي: "لندن" و"نيويورك" و"باريس" و"طوكيو" 19% من حجم الاستثمارات العالمية في العقارات للمدن الـ30 الأبرز، خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، بما يعكس مركزية كبيرة في الاستثمارات في هذا المجال، وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يتوقع بلوغ حجم الاستثمار في العقارات في المدن الثلاثين الأبرز على مستوى العالم قرابة التريليون دولار عام 2020، وأن تبلغ التعاملات على العقارات في تلك المدن قرابة 5 تريليونات دولار خلال 5 أعوام.

 

القارة العجوز

 

وعلى الرغم مما كشفته دراسة أوروبية من اعتقاد 76% من المستثمرين في السوق العقاري الأوروبي بصعوبة الحصول على عائدات جيدة من خلال الاستثمارات العقارية خلال الفترة المقبلة، إلا أن أوروبا أصبحت قبلة هامة للغاية للاستثمار العقاري خلال السنوات القليلة الماضية، رغم انخفاض العائد نسبيًا مقارنة ببعض الأسواق الآسيوية والمدن الأمريكية، وذلك للعديد من الأسباب.

 

 

ولعل السبب الأول هو وجود درجة أعلى من الشفافية في السوق العقاري الأوروربي منه في الأسواق الآسيوية الناشئة وفي الولايات المتحدة نفسها، بما يعطي المستثمرين طمأنينة أكبر، بل وترتيب المدن الأوروبية من حيث الجاذبية للاستثمار في تقارير رسمية وشبه رسمية، حيث جاءت بتصدر العاصمة الألمانية "برلين" ثم "فرانكفورت" تليهما "كوبنهاجن" ومن بعدها "ميونيخ " و"هامبورج".

 

ولعل السبب وراء وجود 4 مدن ألمانية بين أكثر 5 مدن جاذبة للاستثمارات العقارية في أوروبا القوة الشرائية المتفوقة هناك، فضلًا عن عدد السكان الكبير، وانخفاض معدلات الفائدة الألمانية بما يجعل الاستثمار في العقارات البديل المنطقي –والأقل مخاطرة من بدائله- لإيداع الأموال في البنوك.

 

وعلى الرغم من هذا يقول 53% من المطورين العقاريين الأوروربين وفقًا لاستطلاع نشرته "برايس ووتر هاوس كوبرز"، إنهم يضطرون للقيام بـ"مخاطرات أكبر" من أجل الحصول على عائدات ملائمة لاستثماراتهم، بينما يرى 38% منهم أنه يتم تقدير قيمة الأصول العقارية بالمجمل بما يفوق قيمتها، ويرى قرابة الثلث صعوبة استمرار أنماط الاستثمار الحالية في العقار مستقبلًا.

 

واعتبر موقع "إنفست فرسس" أن العقارات الأوروبية حققت انتعاشًا لافتًا خلال العامين الأخيرين على وجه الخصوص، مع تراجع نسبي للاستثمار الشرق أوسطي في الولايات المتحدة في العقارات وتوجيهها لأوروبا، ومع عودة القوة الشرائية الشرق أوسطية للانتعاش مع ارتفاع أسعار النفط، فضلًا عن سياسات أوروبية أكثر انفتاحًا في مجال الاستثمار في العقارات زادت من ميل الاستثمارات الأجنبية للتوجه لأوروبا بشكل عام، بعد أن كانت مقتصرة على مدن بعينها وأبرزها "لندن" و"باريس" و"مدريد".

 

سوق الدول النامية

 

ويعد السوق العقاري في الدول النامية والنمور الصاعدة الأكثر ربحية، فمعدلات الدخل المتنامية بسرعة مقارنة بالدول المتقدمة، تسمح لسوق العقارات بالنمو المضطرد، حتى أن مجلة "فوربس" تقدر أن مدنًا مثل "شنغهاي" و"مومباي" ستكون في صدارة مدن العالم في غضون أقل من 20 عامًا في ظل معدلات نمو قياسية تفوق معدلات نمو المدن في الدول المتقدمة.

 

 

ففي الوقت الذي بلغ حجم السوق العقاري في مدينة "شنغهاي" الصينية 32 مليار دولار عام 2015، بلغ 86 مليار دولار في "نيويورك" في العام نفسه، غير أنه من المتوقع أن تضيق المدينة الصينية الفجوة السوقية مع نظيرتها الأمريكية بحلول عام 2030 ببلوغ الأولى قيمة تناهز 96 مليار دولار والثانية 133 مليار دولار.

 

وترجع دراسة لجامعة "هارفارد" أسباب نمو السوق السريع في بعض الدول وفي صدارتها الصين والهند إلى تحسن الدخول في تلك الدول، مع النمو الحضري اللافت فيها، والأهم من ذلك تطور القوانين المنظمة للاستثمار بشكل عام، والعقار بشكل خاص، وتحسن مستوى الشفافية في التجارة، ولا سيما في العقارات.

 

وعلى الرغم من أن دولا مثل "تايوان" و"سنغافورة" و"نيويورك" قد تبدو أكثر ملاءمة للاستثمار، بسبب محدودية التقلبات في أسعار العقارات هناك، حيث المساحات المتاحة محدودة للتوسع، والكثافة السكانية عالية، بما يجعل الاتجاه التصاعدي دائما وشبه مضمون، إلا أن نسب نمو الأسعار في تلك الأماكن تقل كثيرًا عن نظيرتها في الدول النامية وفي المناطق الناشئة، ولكن نسبة المخاطرة تزداد بشكل مضطرد بالطبع في تلك الأسواق.

 

سوق استثنائي

 

وهناك بعض الأسواق التي تشهد تغيرات لافتة، فوفقا لموقع "هوم لون إكسبرتس" فإن السوق الأسترالي يعتبر استثناءً، فمدن مثل "هوبورت" و"كانبرا" تشهد معدلات نمو لافتة في أسعار العقارات يتوقع أن تصل إلى 8.5% سنويًا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بينما من المتوقع أن تتراجع الأسعار في المدن الرئيسية مثل "سيدني" و"ملبورن" بنسب ضئيلة للغاية خلال الفترة نفسها.

 

ويرجع السبب وراء ذلك أن أستراليا –وكندا أيضا- تعتمد على المهاجرين إلى حد بعيد في نمو السوق هناك، ومع زيادة أسعار الإيجارات بصورة كبيرة للغاية في المدن الكبيرة يلجأ المهاجرون إلى استيطان المدن الصغيرة هربًا من الإيجارات المرتفعة، بما يجعل الأسعار في تلك البلدان والمدن الصغيرة تنمو بشكل متسارع لارتفاع الطلب بشكل متنام هناك.

 

 

وعلى الرغم من الاتجاه التصاعدي للمدن الصغيرة في أستراليا إلا أن الاتجاه العام هو للثبات أو التراجع وفقًا لبنك "مورجان ستانلي" الذي يحذر من أن 200 ألف وظيفة في القارة الجديدة مهددة بسبب إمكانية تراجع الأسعار فيما تبقى من العام الحالي والعام المقبل، مع توقع تراجع الإيرادات والأسعار على مستوى أستراليا ككل بنسبة 1% خلال 2019.

 

الولايات المتحدة

 

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فترى "فوربس" في رفع أسعار الفائدة الأمريكية ضغطًا كبيرًا على الاستثمار في العقارات الأمريكية، حيث أصبح إيداع الأموال في البنوك منافسًا جديًا للاستثمار في العقارات، وبالطبع من نسبة مخاطرة معدومة في البنوك مقابل وجود نسب مخاطرة زادت أم قلت في الاستثمار العقاري.

 

وتضع المجلة قائمة من 15 موضعا في الولايات المتحدة يجدر بالمستثمرين توجيه أموالهم إليها: وسط مدينة "لوس أنجلوس"، "أوستين" في ولاية "تكساس"، "هيوستن" و"دالاس"، "ميامي"، "فينيكس"، "أتلانتا"، مدينة "ممفيس" في ولاية "تينيسي"، "شيكاجو"، "مترو أريا" في "واشنطن" العاصمة، "سياتل"، "لونج أيلاند سيتي" في "نيويورك"، "مينوبوليس"، "بويس"، "تورنتو"، و"سينسيناتي".

 

وتضيف المجلة أنه في كل الأحوال يبدو الاستثمار في "العقارات المميزة" أو تلك التي تتمتع بمزايا مكانية أو تاريخية أو تصميمية فريدة أمرًا رابحًا في الولايات المتحدة، غير أنه يحتاج لضخ استثمارات كبيرة و"الصبر" على جني الأرباح من الاستثمار، أو حتى اللجوء لتأجير تلك العقارات بمبالغ باهظة بدلًا من إعادة بيعها لاحقًا.

 

 

يتأكد مما سبق أن مستقبل العقار في أعقاب التعافي من أزمة 2009 سيكون "كلما زادت المخاطرة زاد العائد"، وأنه لم يعد ذلك الاستثمار "الآمن التقليدي"، بل أصبح لزامًا على المستثمر فيه أن يدرس بعناية قبل المخاطرة بأمواله حتى لا يفقد أرباحًا يمكنه جنيها حال توجيه استثماراته لمجالات أخرى، وعليه أيضًا تحديد، ما إذا كان يريد "ضمانات أكبر وأرباحا أقل" أو "أرباحا أكبر ومخاطر أعظم".

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة