نبض أرقام
06:01 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

الاحتياطي الفيدرالي و"ليمان براذرز".. لنضع الأمور في نصابها أيها السادة

2018/09/29 أرقام - خاص

في عام 2008 أكد المسؤولون في بنك الاحتياط الفيدرالي عجزهم عن إنقاذ إحدى أكبر المؤسسات المالية في البلاد، مصرف "ليمان براذرز"، بسبب ما وصفوه حينها بـ"العقبات القانونية" بما أدى لواقعة الإفلاس الأكبر في التاريخ، حيث كان رأسمال البنك 619 مليار دولار حينها، مما أدى لاندلاع الأزمة المالية بما لحقها من تداعيات عالمية.

 

 

محاولة جديدة للفهم

 

ورغم مرور 10 سنوات على الحادثة، إلا أنها لا تزال تثير اهتمام المتابعين بشدة بسبب أهمية تداعياتها، والمخاوف من تكرارها، ولذا قدم الكاتب الاقتصادي "لورانس بول"، الأستاذ بجامعة جون هوبكينز" كتابه "البنك المركزي و"ليمان براذرز": وضع الأمور في نصابها حول الأزمة المالية" في محاولة جديدة لفهم ماذا حدث في تلك الأزمة.

 

ويرى "بول" أن ما حدث للبنك الأمريكي كان النهاية الحتمية لمؤسسة اعتمدت على علاقاتها الجيدة بالسلطات المحلية خلال 200 عام في توفير الاعتمادات المالية للمؤسسة، وفقًا للكاتب، مثلها مثل "سيتي بنك" الذي أكد حصوله على حزم الإنقاذ الأكبر خلال الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي ثم الأزمة المالية العالمية التي حصل خلالها على 476 مليار دولار كحزم إنقاذ حكومية.

 

وعلى الرغم من ذلك يرى "بول" أن "الشرير" في أزمة "ليمان براذرز" كان وزير الخزانة آنذاك "هنري بولسون" الذي أصر على إشهار البنك لإفلاسه ورفض إنقاذه، مدعيًا بجهل الوزير والاحتياطي الفيدرالي وقتها لحجم الضرر الذي سيتسبب به إفلاس البنك الكبير للنظام المصرفي والمالي الأمريكي ككل، مما قاد الحكومة الأمريكية لإنفاق أموال أكبر على إنقاذ الاقتصاد.

 

ووفقا لـ"بول"، فقد تسبب جهل المسؤولين الأمريكيين وقتها في تكبد الاقتصاد الأمريكي مئات المليارات من الدولارات، ويقدر أن "ليمان براذرز"كان بحاجة إلى 84 مليار دولار فحسب لكي يواصل مهامه على المدى القصير والمتوسط مع إقرار البنك بعد ذلك لخطط طويلة الأجل تمكنه من تفادي الإفلاس.

 

 

السياسة السبب

 

ويرى "بول" أن الاعتبارات السياسية وليست الاقتصادية كانت وراء رفض الوزير تمويل حزم إنقاذ البنك، وإلا فما الداعي وراء إنفاق مئات مليارات الدولارات في الوقت الذي أكد فيه "ليمان براذرز" قبل إفلاسه حاجة لعشرات المليارات فحسب للبقاء على قيد الحياة.

 

ولم يكن "بولسون" نظريًا مسؤولًا حتى عن حزم الإصلاح، فوفقًا لقانون البنك الاحتياطي الفيدرالي الصادر عام 1913 يتولى البنك الفيدرالي التعامل مع حالات إفلاس البنوك وليس وزارة الخزانة، غير أن "حجم الانهيار" الكبير اضطره للجوء إلى وزارة الخزانة في ظل عجز موارده منفردة عن الوفاء باحتياجات الأزمة، وضرورة تدخل الحكومة الفيدرالية.

 

ويرجع "بول" بالمسؤولية لما حدث في الأزمة المالية لإدارة الرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون" الذي ضغطت إدارته على البنوك الأمريكية بغية تسهيل حصول الأمريكيين على القروض للحصول على "المنزل الأمريكي المعاصر" بما أدى مع الوقت للمزيد من التساهل في منح القروض –مما أعجب المؤسسات المالية الراغبة في إقراض ما لديها من أموال- وأنتج الأزمة المالية في نهاية الأمر.

 

ويقدر "بول" حجم الخسائر الأمريكية من فشل الإدارة الأمريكية في التعامل مع الأزمة المالية بحوالي 600 مليار دولار على الأقل كان يمكن تجنب دفعها من أموال دافعي الضرائب، الذين أحجمت الإدارة عن مساندة "ليمان براذرز" بادئ الأمر بدعوى الحفاظ على أموالهم.

 

إضعاف أمريكا عالميًا

 

ورغم مساندته لإنقاذ البنك الأمريكي قبل إفلاسه، يؤكد "بول" على ضرورة محاسبة مجلس إدارته المسؤول عن تدهور أوضاع مؤسسة مالية كبيرة للغاية بهذا الشكل، مشيدًا في الوقت نفسه بتصرف الحكومة الإنجليزية مع بنك "بركليز" من خلال محاسبة مسؤوليه بشدة في أعقاب الصعوبات الكبيرة التي واجهت البنك البريطاني في نفس الوقت.

 

 

ويرى "بول" أن الخطوات الأمريكية الخاطئة لم تؤثر على الاقتصاد الأمريكي فحسب، بل أثرت على الموقف الأمريكي العالمي اقتصاديًا أيضًا، حيث لجأت قوى آسيا للصين إبان الأزمة العالمية، التي ساعدتها بشراء أسهم وسندات على نطاق واسع، بينما تدعم موقف ألمانيا كقوة أوروبا الأهم والأعظم في الفترة نفسها لتبقى واشنطن في مواجهة مشكلاتها المحلية.

 

ويحذر "بول" من استمرار أسباب الأزمة المالية في الظهور بعد عقد من الزمان، مع تقديرات تشير إلى نصف تريليون دولار على الأقل كديون رديئة لشركات وأفراد، وتصل بعض التقديرات بها إلى تريليون دولار، بما يعني أن سقوطًا مفاجئًا لأحد البنوك الكبرى قد يفاجئ الأسواق العالمية لتجد الحكومة نفسها مضطرة لاتخاذ قرار حاسم جديد، إما بمواجهة الأزمة ومحاسبة المسؤولين عنها أو التسبب في أزمة مالية قد تفوق سابقتها حدة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.