تستضيف المملكة العربية السعودية منتدى قمة السلامة الرابع في الشرق الأوسط الذي تنظمه الهيئة العامة للطيران المدني بالتعاون مع منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) خلال الفترة من 2 إلى 3 أكتوبر 2018 بحضور عدد من أصحاب المعالي والوزراء ورؤساء هيئات الطيران المدني من مختلف دول إقليم الشرق الأوسط، بمشاركة المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للطيران المدني والمنظمة العربية للطيران المدني، وعدد من الباحثين والمتخصصين في مجال السلامة الجوية بالطيران المدني.
ويهدف المنتدى لتسليط الضوء على أفضل التجارب والممارسات في مجال السلامة الجوية بالطيران المدني وتبادل الخبرات من خلال توعية مجتمع الطيران المدني بإرساء أعلى مستويات السلامة الجوية والتثقيف بآخر مستجدات مجموعة سلامة الطيران الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط.
ويعد هذا المنتدى أحد أهم وأبرز الفعاليات الإقليمية المتخصصة في الطيران المدني، التي تقام في الشرق الأوسط، ومن أهدافه استعراض أفضل التجارب والممارسات المتعلقة بالسلامة الجوية، وتبادل الخبرات في هذا المجال، والتزام جميع الأطراف ذات العلاقة وفي مقدمتهم المطارات والناقلات الجوية والشركات المصنعة بالمعايير الموصى بها، وتطبيق السبل التي تضمن تحقيق أعلى مستويات السلامة الجوية، بما يعود بالنفع على المسافرين بشكل خاص وصناعة الطيران المدني في الشرق الأوسط بشكل عام.
ويأتي اختيار مدينة الرياض لاحتضان هذا المنتدى نظراً لدور المملكة الرائد في صناعة الطيران المدني بشكل عام، فقد آمنت المملكة العربية السعودية في وقت مبكر بأهمية صناعة النقل الجوي على المستوى العالمي، وأدركت دورها الفاعل فيما تقدمه لخدمة شعوب العالم أجمع، والتي كان لها الأثر البالغ في تغيير أوجه الحضارة العالمية، حتى أضحت جزءاً من عصب الحياة الاقتصادية للدول، بل تجاوزت الاقتصاديات لتثري البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات.. وانطلاقا من تلك القناعة كانت المملكة ولاتزال، من الدول السباقة في دعم هذه الصناعة، وحرصت بشكل متواصل على المساهمة في تحقيق نموها.. سعياً إلى تطويرِ أداءِ هذا النشاط الإنساني في مجالاته المتعددة، ابتداءً من أمن وسلامة الحركة الجوية، ومرورا بتجويدِ الخدمات والأخذ بالتطورات والابتكارات المؤثرة في مجال تكنولوجيا الطيران، علاوة على حماية البيئة من الآثار التي نجمت عن التوسع في خدمات النقل الجوي، وقد جاءت مساهمات المملكة في إطار تعاونها الفعال والوثيق مع جميع الأطراف المعنية بصناعة الطيران المدني من منظمات دولية وإقليمية، حكومية وغير حكومية، حيث أن نجاح هذه الصناعة وتأديتها لدورها على النحو المنشود يعتمد على مدى التعاون والتآزر بين دول العالم.
لقد كانت المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي صادقت على معاهدة شيكاغو، التي أُعلن عن انطلاقتها في صباح الخميس السابع من ديسمبر عام 1944م، والتي بموجبها تأسست منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، وقد مثلت تلك المعاهدة حدثاً تاريخياً شكل منعطفاً رئيساً في مسيرة صناعة النقل الجوي على المستوى العالمي، حيث بدأت الإيكاو مشوراها الطويل الحافل بالعطاء المثمر، لتحقق الإنجازات تلو الإنجازات، والتي كان من بينها وضع قواعد العمل المنظم في مختلف عمليات الطيران المدني، وتنظيم حركة النقل الجوي العالمية، وتحديد المعايير والمقاييس التي تستهدف سلامة وأمن الطيران، وبلورة العمل المشترك، وصياغة القرار الدولي في مجالات صناعة النقل الجوي المتعددة، وتقنين عمليات الطيران.
ولم يقتصر دور المملكة على الالتزام الكامل بما توصي به هذه المنظمة العريقة من قواعد ومعايير ومقاييس وسياسات، بل كان لها دور كبير فيما حققته من إنجازات، وما اضطلعت به من أنشطة، حيث شاركت المملكة منذ انضمامها للإيكاو في جميع مراحل العمل الدولي المعني بصناعة النقل الجوي، وحرصت على دعم برامجها، كما وأصبح لها " تحت مظلة الإيكاو" دور رئيس في صنع القرارات الدولية الخاصة بالطيران المدني، إذ شاركت في وضع خطط العمل الاستراتيجية التي أقرتها الإيكاو، وقد شهد بذلك أحد رؤساء مجلس الإيكاو في مقال له نشرته مجلة الطيران المدني الصادرة عن الهيئة العامة للطيران المدني، حيث قال (إن العلاقة الوثيقة التي تربط المملكة الإيكاو لها جذور عميقة إذ كانت ضمن أول (52) دولة اجتمعت لوضع اتفاقية شيكاغو... ومنذ ذلك الوقت والمملكة تؤدي دوراً بارزاً في أنشطة الإيكاو سيما في مجلسها، وقد ساعدت على وضع كثير من قراراتها وسياساتها).
إن إنجازات وأنشطة المملكة التي ساهمت في تقدم وازدهار صناعة الطيران المدني على المستوى العالمي أكثر مما يمكن أن يستوعبه هذا التقرير، إلا أنه من الأهمية بمكان تسليط الضوء بإيجاز على عدد منها وذلك على النحو التالي:
1- فوز المملكة منذ عام 1986م، وحتى الآن وعلى التوالي في انتخابات مجلس الإيكاو، ضمن الفئة الثانية (فئة الدول الأكثر مساهمة في تقديم خدمات الملاحة الجوية) حيث يعاد انتخابها في كل دورة منذ ذلك الحين، ومن ثم حافظت على مقعدها في هذا المجلس الدولي الهام، وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على إدراك دول العالم للدور الحيوي والأساسي الذي تلعبه المملكة للوصول بصناعة النقل الجوي العالمية إلى أفضل المستويات.
2- فازت المملكة في عام 2018 في انتخابات مفوضية الملاحة الجوية (ANC) التابعة للإيكاو، ممثلة في المهندس/ جميل كامل متولي بمنصب (نائب رئيس مفوضية الملاحة الجوية لتطبيق الإجراءات الفنية) وتفوز المملكة بعضوية في هذه المفوضية منذ عام 2014، علما بأن هذه المفوضية هي المستشار الفني لمجلس الإيكاو، ويعكس هذا الفوز المكانة المتميزة التي تحظى بها المملكة في المحافل الدولية، وما توليه حكومة المملكة من اهتمام ورعاية للتعاون الدولي في هذا المجال.
3- تحظى المملكة بعضوية معظم اللجان التابعة للإيكاو والتي يبلغ عددها (31) لجنة.
4- استضافت المملكة في شهر أغسطس 2016 "المؤتمر الوزاري العالمي للطيران المدني" بالتعاون مع الإيكاو والهيئة العربية للطيران المدني، وقد أقيم برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله)، واستهدف المؤتمر تحديد ورسم مستقبل الطيران المدني في العالم، علاوة على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجالي سلامة وأمن الطيران المدني، وقد أعتبر الأول من نوعه في المنطقة، وقد استمر لثلاثة أيام، وشارك فيه عدد كبير من وزراء النقل والمواصلات ورؤساء الطيران المدني مثلوا (54) دولة، إضافة إلى (13) منظمة دولية وإقليمية متخصصة في الطيران المدني، وأكثر من (450) جهة وشركة، وشهد المؤتمر (11) جلسة علمية.
5- تبنت المملكة إعلان الرياض (2016م للأمن والتسهيلات)، الذي كان من أبرز ما تمخض عنه المؤتمر سالف الذكر، مما أكد ريادة المملكة على مستوى إقليم الشرق الأوسط في مجالي أمن وسلامة الطيران المدني.
6- تقوم المملكة بتقديم الدعم المادي للمشاريع التي تضطلع الإيكاو بتنفيذها، فعلى سبيل المثال أعلنت المملكة خلال المؤتمر الوزاري السابق ذكره والذي أقيم في أغسطس 2016 عن تقديمِ دعم مالي قدره (مليون) دولار أمريكي لبرنامج الإيكاو الذي طرحته تحت عنوان "ضمان عدم ترك أي دولة خلف الركب NCLB"، لمساعدة الدول غير القادرة على تطبيق القواعد القياسية والأساليب الموصى بها الخاصة بسلامة وأمن الطيران، وبحيث يقدم هذا المبلغ على مدار ثلاث سنوات، وفي عام 2010م قدمت المملكة للإيكاو مبلغاً وقدره (152,508) دولارا كنديا يمثل مساهمة المملكة في دعم برنامج تدقيق أمن الطيران وآلياته وبرامج السلامة الجوية على المستوى العالمي، وفي عام 2008م قدمت المملكة (250,000) دولار أمريكي لدعم مشروع الإيكاو لرفع مستوى سلامة الطيران المدني في القارة الأفريقية (AFIPLAN).
7- تستضيف المملكة المقر الدائم لمنظمة مراقبة السلامة الإقليمية لإقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا (MENA RSOO) التابع للإيكاو.
8- تستضيف المملكة وتمول المقر الدائم للبرنامج التعاوني لأمن الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط (CASP-MID) التابع للإيكاو.
9- تساهم المملكة بفعالية في جهود الإيكاو الرامية لحماية البيئة الناجمة عن الآثار السلبية لتشغيل الطائرات، من خلال العديد من المبادرات والدراسات التي تطرح في المؤتمرات والندوات التي تقيمها الإيكاو أو تشرف عليها، ومن أمثلة ذلك إعلان المملكة انضمامها بشكل طوعي إلى مبادرة خطة التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي (CORSIA) بدءاً من مرحلته الاستطلاعية (Pilot Phase)، وجاء هذا الإعلان عقب أعمال الجمعية العمومية (39) للايكاو 2016م.
10- قدمت المملكة (100) فرصة تدريب في (الأكاديمية السعودية للطيران المدني) يستفيد منها لمختصون في الدول النامية، وقد أعلن عن ذلك معالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني في كلمته التي ألقاها في منظمة الطيران المدني الدولي خلال زيارته للمنظمة في شهر مارس 2018.
11- أثناء لقائه برئيس منظمة الإيكاو، عبر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله) عن أهمية وجود اللغة العربية كلغة رئيسة في موقع المنظمة على الشبكة العنكبوتية، وعليه دعمت المملكة إنشاء النسخة العربية منه لتصبح إحدى اللغات الرسمية المعتمدة في الموقع.. وفي سبتمبر 2016 دشّن معالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني موقع منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) بنسخته العربية. وقد أتاح ذلك لجميع ناطقي اللغة العربية التعرف على المنظمة وقرارتها وتوصياتها.
12- تحظى مطارات المملكة الدولية بعضوية مجلس المطارات العالمي ACI، وتشارك في أنشطته وقراراته وإنجازاته بفاعلية كبيرة.
13- تحظى أغلب الناقلات الجوية في المملكة بعضوية الاتحاد الدولي للنقل الجوي IATA، وتشارك في أنشطته وقراراته وإنجازاته بفاعلية كبيرة.
14- تحظى المملكة بعضوية منظمة الملاحة الجوية الدولية CANSO. وتشارك في أنشطتها وقراراتها وإنجازاتها بفاعلية كبيرة.
15- نظمت المملكة في مايو 2013 (المؤتمر الدولي لأمن المطارات والمعرض المصاحب له) والذي استمرت فعالياته لمدة يومين، وشاركت فيه العديد من المنظمات العربية والدولية وهيئات الطيران المدني، إضافة الى العديد من الشركات الدولية والمحلية المتخصصة في مجال صناعة أجهزة ومعدات أمن المطارات.
16- استضافت المملكة في مايو 2013 الاجتماع الثاني لمدراء الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط والذي نظمه المكتب الاقليمي للإيكاو وبحث الاجتماع على مدى ثلاثة أيام عددا من القضايا ذات العلاقة بتطوير قطاع الطيران المدني وبلغ عدد أوراق العمل المقدمة فيه (46) ورقة.
17- استضافت المملكة مؤتمر الإيكاو لمفاوضات الخدمات الجوية (ايكان 2012) شارك فيه أكثر من (350) مفاوضا أتوا من (62) دولة تمثل كافة أقاليم العالم، وامتدت فعاليات المؤتمر لمدة خمسة أيام عُقدت فيها أكثر من 350 جلسة، تمخض عنها إبرام (130) اتفاقية.
18- استضافت المملكة في يناير 2012 ورشة ICAO New Flight Plan (نموذج الإيكاو الجديد لخطة الطيران) والتي تعتبر أحد متطلبات الخطة العالمية للتقنيات المطلوبة للملاحة الجوية.
19- استضافت المملكة في مايو 2011 ندوة الاستطلاع الملاحي والتي نظمها المكتب الإقليمي للإيكاو وشارك فيها متخصصون وخبراء مثلوا دول إقليم الشرق الأوسط وعددا من المنظمات الدولية.
20- استضافت المملكة في مارس 2007 المؤتمر الدولي الثاني لأمن الطيران المدني، الذي نظم بالتعاون مع الإيكاو والهيئة العربية للطيران المدني تحت شعار (لنعمل معا لمواجهة تهديدات أمن الطيران) وقدمت فيه المملكة اقتراحات عديدة لتعزيز التعاون في مجال أمن الطيران.
21- أبرمت المملكة مع الإيكاو في شهر يناير 1976 اتفاقية (التعاون الفني) والتي تعتبر أكبر اتفاقية للتعاون الفني تبرمها الإيكاو مع إحدى الدول الأعضاء في المنظمة، وتبلغ ميزانية الاتفاقية التي تتحملها المملكة أكثر من (30) مليون ريال سنويا وهي مستمرة حتى الآن.
22- ساهمت المملكة في دعم إصدارات منظمة الإيكاو وبشكل خاص المتعلقة بأمن وسلامة الطيران.
23- سعت المملكة جاهدة لتحقيق التوازن بين نمو صناعة النقل الجوي، وأثر الطيران على تغير المناخ، وضرورة عدم تحميل بعض الدول أعباء إضافية لمعالجة أمور هي غير مسئولة عنها تاريخياً.
24- تجتاز المملكة بكل كفاءة وبشكل متواصل البرنامج العالمي للتدقيق على سلامة الطيران المدني التابع للإيكاو والذي تخضع له مرافق وتجهيزات النقل الجوي في مختلف الدول، مما يعكس مدى التزام المملكة بالمنهج الدولي لتحقيق وتطبيق نظم السلامة.
25- تم انضمام المملكة وتأهلها لبرنامج الإيكاو الخاص بالتدريب والمعروف باسم (AIRTRAINING).
26- حظيت الأكاديمية السعودية للطيران المدني بالعديد من الشراكات والاعتمادات الدولية:
أ) منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO).
ب) الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA).
ج) معهد القيادة والإدارة البريطاني (ILM).
د) شركة أمديدوس.
هـ) مركز Idp.
وهكذا تبوأت المملكة مكانة عالمية مرموقة في محافل الطيران المدني الدولية، إلا أن هذه المكانة ليست نهاية المطاف، فالمملكة تخطط للمساهمة فيما ينطوي عليه مستقبل صناعة النقل الجوي من متغيرات وتحديات ماثلة، سواء تلك المتعلقة بسلامة وأمن الطيران المدني، أو المتعلقة بالتقنيات الحديثة التي تشهد قفزات متتالية لا تعرف التوقف، أو الازدحام المتزايد في الأجواء والارتفاع المضطرد في عدد المسافرين، فبعد أن كان عدد المسافرين جوا في العالم في عام 1970 نحو (310) مليون مسافر، ارتفع ليصل إلى (3,3) مليار مسافر في عام 2014، ومن المتوقع أن يقفز إلى (7) مليار مسافر في عام 2034م. كل تلك التحديات تجعل العالم اليوم بحاجة ماسة لجهود أكبر وتعاون أوثق، وإننا في المملكة العربية السعودية سنعمل بكل عزم ومثابرة.
وبالتعاون مع الدول الصديقة والمنظمات الدولية المتخصصة، وفي مقدمتها الإيكاو على تحقيق المزيد من التقدم والازدهار لهذه الصناعة.. مستشرفين آفاق النجاح وتخطي التحديات والتغلب على ما تواجهه من صعوبات حتى تتحقق لصناعة النقل الجوي الحيوية معدلات عالية من النجاح المضطرد، وفق الآمال والأهداف التي تصبوا إليها شعوب العالم أجمع.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}