واحدة من أهم المتغيرات التي يمكن أن تفسد المسيرة الصعودية لأسعار النفط، هي العوائق التي تواجه الطلب العالمي، فقد انتهى النمو العالمي المتزامن مع هذا الاتجاه بالفعل في وقت سابق من العام الجاري رغم تواصل الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي، بحسب تقرير لموقع "أويل برايس".
ومع ذلك، فإنها مسألة وقت قبل أن يهدأ النمو في أمريكا مع تلاشي آثار الإصلاحات الضريبية التي أجراها الرئيس "دونالد ترامب" وفي ظل توسع نطاق التعريفات الجمركية التي ترتبط بعلاقة طردية مع أسعار المستهلكين، بجانب ارتفاع أسعار الوقود والفائدة.
الأسعار أكبر خطر على نفسها
- في الواقع، الخطر الحقيقي على الطلب العالمي هو ارتفاع أسعار النفط نفسها، فرغم أن وصول سعر خام "برنت" إلى 85 دولارًا للبرميل، ارتفاعًا من نحو 65 دولارًا في بداية عام 2018، شكل زيادة نسبتها نحو 30% فقط وفقًا للسعر العالمي الدولاري، إلا أن الأسعار في الأسواق الناشئة شهدت تحركًا هائلًا مع فوضى هبوط العملة.
- على سبيل المثال، في البرازيل، فقد الريال نحو 20% من قيمته هذا العام، وهو ما تزامن مع ارتفاع أسعار النفط، وبالتالي انعكس بارتفاع صاروخي على أسعار الوقود في البلاد، والتي فاقت أعلى مستوياتها المسجلة عام 2008 بنحو 50%.
- نفس المشهد تكرر في إندونيسيا وجنوب إفريقيا وبولندا على سبيل المثال لا الحصر، وفي المكسيك تخطت أسعار الوقود أعلى مستوياتها المسجلة قبل 10 سنوات أيضًا، أما الهند فقد عصفت احتجاجات السائقين بأرجاء البلاد.
- هذه الاضطرابات خطيرة، لأن العالم النامي يقود الجزء الأكبر من نمو الطلب على النفط، إذ إن الاستهلاك في معظم أرجاء أوروبا والولايات المتحدة تحول إلى الاستقرار، ورغم سهولة ملاحظة حقيقة الارتفاع الاستثنائي لأسعار الوقود في الأسواق الناشئة، إلا أن المهمة الأصعب هي التنبؤ بكيفية تأثير ذلك على الطلب.
- قال مصرف "ستاندرد تشارترد" في مذكرة حديثة: يبدو أن السوق حساس للغاية تجاه العوامل التي تهدد استمرار نمو الطلب، وهو ما نعتقد أنه كان سببًا في إبقاء أسعار النفط قرب 80 دولارًا بدلًا من 90 دولارًا للبرميل.
- كما أشار البنك في مذكرته إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط إلى أدنى مستوياته في 21 شهرًا خلال يونيو/ حزيران الماضي، ومع ذلك قد تكون هذه الحركة عابرة، فقد نما الطلب في الشهر التالي بأقوى معدل له في أكثر من عام.
مواطن التهديد
- اختتم مصرف "ستاندرد تشارترد" مذكرته بالقول، إنه لا يتوقع ضعف الطلب العالمي لعدم توازن السوق، وأن الأمر يتطلب قدرًا كبيرًا من الاضطراب الاقتصادي للتأثير على الطلب بما يدفع الأسعار إلى تراجع حاد.
- مع ذلك، من الصعب تجاهل عدد متزايد من العلل الاقتصادية، منها على سبيل المثال، ارتفاع التضخم في تركيا خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، بالقرب من أعلى مستوياته خلال حقبة الرئيس "رجب طيب أردوغان".
- الأسوأ، أن ارتفاع التضخم إلى هذا الحد جاء رغم رفع البنك المركزي سعر الفائدة، وقد يؤدي عدم القدرة على التحكم بالاقتصاد وكبح جماح التضخم إلى مزيد من التأزم والتدهور الاقتصادي.
- من الواضح طبعًا أن الانخفاض الحاد في قيمة الليرة التركية هذا العام، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، ساهما بشكل كبير في تأجيج هذه المشكلة، وهو نفس ما شهدته الأرجنتين التي عانت أيضًا من انحدار قيمة عملتها.
- بجانب ما يجري في الأسواق الناشئة، هناك تهديدات اقتصادية رئيسية في مناطق أخرى من العالم لم تتفجر بعد، فحتى الآن لا تبدي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أي علامات على تباطؤ النمو.
- لكن الأمور قد تسوء مع رفع التعريفة الجمركية على واردات أمريكا من الصين بقيمة 200 مليار دولار إلى 25% من 10% بنهاية هذا العام، علاوة على تهديد "ترامب" بفرض رسوم على سلع أخرى بقيمة 267 مليار دولار.
- من بين الحالات التي تخضع للتدقيق من قبل المستثمرين، الأوضاع في إيطاليا والتي قد تؤدي إلى إرباك منطقة اليورو كاملة، وتشعر الأسواق بقلق متزايد من احتمال ظهور دعوات لانسحاب البلاد من التكتل على غرار "بريكست"، في ظل تفاقم الديون واضطراب المصارف المحلية وضعف النمو.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}