نبض أرقام
01:05 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

ما هو "فخ السيولة"؟ وهل العالم مقبل على الوقوع في براثنه؟

2018/12/22 أرقام - خاص

يعد مؤشر السيولة أحد أهم المقاييس التي تظهر مدى تمتع اقتصاد دولة ما بـ"الصحة" من عدمه، حيث يعكس نقص السيولة عجزًا عن تلبية الاحتياجات، ويعني زيادتها عما هو مطلوب الفشل في استثمار الموارد المتاحة والمعاناة من الركود بما يؤدي للوقوع فيما يعرف بـ"فخ السيولة" أو "مصيدة السيولة".
 

 

لماذا تحدث؟
 

وتظهر مصيدة السيولة في الاقتصاد عندما تكون هناك أموال طائلة في النظام المصرفي، ولكن تلك الأموال لا تستخدم للاستثمار أو الإنفاق، وبدلا من ذلك، يتم تخزين المال بدون استخدامه بما ينعكس في صورة انخفاض في أسعار الفائدة (المعروض للإقراض كبير في مواجهة تدني الطلب على الاقتراض).
 

إن انخفاض أسعار الفائدة يعد أمرًا طيبًا بشكل عام، لأنه يسمح بدعم قدرة رأس المال على التوسع بكُلفة قليلة، ولكن أسعار الفائدة المنخفضة هنا لا تنعكس إلى نمو اقتصادي متوازن، وتراجع في البطالة، لعدم إقبال رؤوس الأموال على الحصول على القروض رغم انخفاض سعر الفائدة.
 

ووفقًا للنظرية "الكينزية" في الاقتصاد فإن الناس يستخدمون المقايضة والادخار (الاحتياط) والمضاربة، ومصيدة السيولة تتعلق في الأساس بالنوع الأخير من استخدام النقود، حيث يحجم الناس عن إخراج أموالهم خارج "النظام البنكي" للعديد من الأسباب.
 

ولعل أولى تلك الأسباب هي الأمل في ارتفاع أسعار الفائدة مستقبلًا، وتشير دراسة لجامعة "يل" إلى أن هذا هو ما يحدث في اليابان منذ تسعينيات القرن الماضي، فعلى الرغم من انخفاض معدل البطالة والحصول على نسبة نمو مرضية إلا أن البلاد تعاني من تراجع في مراكمة رأس المال، حتى إن الأراضي ينخفض سعرها في العديد من المناطق.
 

ووصل الأمر إلى حد اضطرار البنك المركزي الياباني قبل عامين إلى فرض معدل فائدة سالب على البنوك التجارية (0.1%) وهو ما فعلته بعض البوك المركزية الأوروبية أيضًا، وذلك في محاولة لإجبار البنوك التجارية على إقراض ما لديها من أموال ودفعها للحركة في شرايين الاقتصاد.
 

الكساد و"غياب اليقين"
 

ويأتي الكساد كثاني أهم أسباب فخ السيولة، ففي الحالات التي تشهد فيها الدول كسادًا لا تميل رؤوس الأموال إلى الاستثمار والمغامرة، وتعتبر إبقاء الأموال في البنوك ولو بسعر فائدة متدنٍ بمثابة الاختيار الأمثل من استثمارها ولو في السندات الحكومية.
 

 

وظهرت هذه الحالة مع الكساد الكبير (1929-1933) فعلى الرغم من وصول سعر الفائدة على السندات إلى 10% وبقائها عند 2.5-6% على الودائع البنكية إلا أن الاستثمارات في السندات بقيت في حدها الأدنى مقابل التوسع في الودائع البنكية.
 

ويأتي "عدم اليقين" كأحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى نشأة "فخ السيولة"، فعلى سبيل المثال ظهرت تلك الأزمة في فنزويلا خلال السنوات الأخيرة بسبب حالة غياب اليقين، ومن ذلك ما يحدث في دول أخرى بأمريكا الجنوبية، بخلاف فنزويلا التي تشهد غيابًا للاستقرار السياسي، فإن التغير في أسعار الفائدة في تلك الدول صعودًا وهبوطًا لا يحدث أثرًا ملموسا على مستوى السيولة في الأسواق لتبقى الأخيرة في حدها الأدنى، وتبقى النقود حبيسة المنازل والبنوك.
 

ويبرز في هذا الإطار مفهومان هامان للغاية، مستوى ثقة المستهلك، ومستوى ثقة المستثمر، فالأول ينعكس على تحرك مدخرات المستهلكين نحو شراء السلع والخدمات بشكل موسع وعدم الاكتفاء بالحد الأدنى للمشتريات، أما الثاني فينعكس على توسع الاستثمارات وبالتالي خلق فرص جديدة للنمو الاقتصادي وسحب الأموال من البنوك لهذا الهدف بطبيعة الحال.
 

هل نحن مقبلون على الفخ؟
 

ولعل هذا هو ما دفع سويسرا في منتصف التسعينيات وبداية الألفية الحالية إلى البحث عن سبل لرفع مستوى التضخم لديها عن 0,0%، حيث تسبب هذا في إحجام المستهلكين عن الشراء لعلمهم بأن السلعة باقية على نفس المستوى لفترات طويلة، فخشيت الحكومة السويسرية الوقوع في فخ السيولة (لا سيما مع تدني أسعار الفائدة في البنوك وعلى السندات) ورأت أن الحل يكمن في رفع مستوى التضخم لحث المستهلكين على الإنفاق.
 

ويبقى الضمان المستمر لعدم ظهور فخ السيولة أو امتصاصه بشكل سريع في "الابتكارات"، فالأخيرة تحقق أكثر من فائدة أولها توفير مجالات جديدة لتوسع رأس المال، وثانيها إمداد المستهلكين بسلع وخدمات جديدة بوسعهم إنفاق مدخراتهم وأموالهم عليها.
 



ولذلك يحذر "ستيفين روش" أستاذ الاقتصاد في جامعة "يل" من احتمال توجه الكثير من المناطق حول العالم إلى "مصيدة سيولة"، فحالة عدم اليقين تتزايد حول الاقتصاد الأمريكي، وحتى حول نظيره الألماني وفقًا لأحدث استطلاعات الرأي، وتضيف الإجراءات الحمائية المستحدثة المزيد من السحب إلى الأفق الاقتصادي.
 

ويضيف "روش" أنه في حالات الحروب والكساد بالذات تتفاقم ظاهرة "فخ السيولة"، وعلى الرغم أن أياً من القوى الدولية الرئيسية لا تعاني الكساد أو تشترك في حرب (كبيرة على الأقل) إلا أن "الضبابية" المسيطرة على المشهد الاقتصادي الحالي قد تؤدي لفخ سيولة في العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا والصين.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.