قد يتطلب الأمر قدرًا كبيرًا ونادرًا من الشجاعة والصدق كي يعترف المرء بأنه كان على خطأ، ومع ذلك لا يتردد "بيتر رينهاردت" المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة المتخصصة في أعمال البنية التحتية لبيانات العملاء "سجمنت"، في الاعتراف بعدم رجاحة قراره بوأد فكرة مشروعه مبكرًا، بحسب تقرير لـ"بي بي سي".
جرّب "رينهاردت" ذو الثمانية وعشرين عامًا، وثلاثة من أصدقائه فكرتين تجاريتين، لكنهما فشلتا في نهاية المطاف، لكن الرباعي توصلوا إلى فكرة شركتهم الحالية التي تحظى بنمو متسارع ونموذج أعمال ناجح للغاية، وهي الفكرة ذاتها التي أراد "رينهاردت" قتلها في مهدها لعدم إيمانه بها.
مولد فكرة من فشل غيرها
- إحدى الأفكار التي عمل عليها الأصدقاء كانت "كلاس متريك"، وهي عبارة عن أداة على الإنترنت مصممة لتزويد المعلمين بنظرة معمقة على مدى فهم الطلبة لمحاضراتهم، ويقول "رينهاردت" إنها كانت كارثية وسقطت عند أول عائق، فبدلًا من استخدام الأداة كان يدخل الطلاب مباشرة إلى "فيسبوك".
- لكن في أثناء العمل على بلورة الأفكار الفاشلة، كان المؤسسون قد صاغوا جزءًا من الرموز البرمجية التي ستصبح نواة للشركة الناجحة "سجمنت"، وعملت هذه الرموز كخط أنابيب يربط بين بيانات العملاء من مواقع مختلفة معًا، وكان الهدف منها في البداية خدمة الأعمال التجارية لـ"رينهاردت" وأصدقائه.
- في ديسمبر/ كانون الأول عام 2012، أراد المؤسسون استخدام الرموز التي صاغوها كأساس لنموذج عمل جديد، لكن "رينهاردت" لم يرغب في ذلك، وقال إنها أسوأ فكرة سمع بها من قبل، وظل الرباعي يتجادلون طوال يوم كامل بشأنها.
- المشكلة التي رآها "رينهاردت" في الفكرة، هي أن هذه الرموز كانت مفتوحة المصدر، أي إنها متوافرة بالفعل للمطورين دون تكلفة، لذلك لم يعتقد بوجود سبيل لجني الأموال منها.
- عاد الشاب إلى بيته وأمضى الليل يفكر في خطة لتوظيف الفكرة بالشكل الأمثل، وتوصل إلى تطوير موقع إلكتروني يشرح ما تفعله الرموز، ويعرض منتجًا (لم يكن قد تم التوصل إليه بعد) يستند إليها.
- حالما انتهى من خطته، كان يفكر في قرارة نفسه قائلًا: سنضعها في مجتمع المطورين وسنرى ما سيحدث، أعتقد أنه لن يكون هناك أي اهتمام، وبالتأكيد ستموت هذه الفكرة.
نجاح لم يكن في الحسبان
- في غضون 24 ساعة من إطلاق الموقع الإلكتروني الجديد، تلقت الشركة آلاف الاستفسارات عبر البريد الإلكتروني حول المنتج، والذي لم يكن قد تم تطويره فعليًا حتى هذه اللحظة.
- بعد خمسة أيام من عدم النوم، توصل الفريق إلى النسخة الأولى من منتجه، ورغم أن المصدر كان متاحًا بشكل مجاني، طورت الشركة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرًا لها، نسخة مُضيفة لتتمكن من بيع منتجها كخدمة، وبدأت في تغطية طلب العملاء المتدافعين.
- يعلق "رينهاردت" قائلًا: تحظى "سجمنت" الآن، بشعبية كبيرة لأنها تسمح للشركات بربط بيانات العملاء القادمة من برامج ومصادر مختلفة، بالإضافة إلى بيانات حول عادات وأولويات الشراء عند العملاء، خدماتنا أشبه بخدمات السباكة، لكن بالنسبة للبيانات.
- بعد شهر على إطلاق المنتج الأول، استعانت به 70 شركة، ومع صعوبة الأمر في البداية قرر "رينهاردت" كتابة رسالة إلكترونية لنفسه، بغرض قراءتها بعد عامين أو أربعة أعوام من مواصلة العمل، لاستعادة الشعور بالجهد المبذول في تلك الأثناء.
- في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، أصبحت هناك 19 ألف شركة تستخدم منتجات "سجمنت"، بينها كيانات ناشئة وأخرى كبيرة، مثل "آي بي إم" و"ليفايس" و"توينتي وان سنشري فوكس".
- في البداية، كان المؤسسون مترددين في طلب المال، وفرضوا رسومًا قدرها 120 دولارًا في السنة، ثم وجدوا أن العديد من العملاء راضون عن دفع 120 ألف دولار سنويًا لقيمة المنتج الكبيرة بالنسبة لهم.
- تفرض الشركة الخاصة سياجًا حول بيانات الإيرادات والأرباح التي تجنيها، لكن "فوربس" قدرت إيراداتها بنحو 45 مليون دولار في عام 2017.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}