عندما يتخذ المرء قرارًا بالتخلي عن عمله وحلمه الذي ثابر لسنوات من أجل تحقيقه، عادة ما يبدو أن نهاية حزينة ومؤلمة في انتظاره، لكن "داستن موسكوفيتز" الذي شارك في تأسيس "فيسبوك" لم يعلق كثيرًا في ذكريات وأحلام الماضي، وبدأ مغامرة مليارية جديدة على الفور عقب استقالته من شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم.
رغبة "موسكوفيتز" وأحد موظفي "فيسبوك" السابقين في تطوير أداة لتحسين إنتاجية فرق العمل، قادتهما إلى تأسيس "أسانا" التي لم يكونا على دراية -آنذاك على الأقل- بإمكاناتها المذهلة والتي اجتذبت ملايين من المستخدمين، وعظمت قيمة الشركة على مدار سنوات.
ميلاد الفكرة.. الحاجة كلمة السر
- "موسكوفيتز" البالغ من العمر 34 عامًا، هو واحد من أربعة مؤسسين مشاركين لـ"فيسبوك" وزميل "مارك زوكربيرج" في نُزل جامعة هارفارد، وقد عملا معًا على تطوير فكرة شبكة التواصل الاجتماعي التي انطلقت في الرابع من فبراير/ شباط عام 2004 على شبكة الإنترنت.
- وعلى خطى "زوكربيرج"، تسرب "موسكوفيتز" من الدراسة الجامعية وانتقل مع زميله إلى كاليفورنيا في صيف هذا العام للعمل على "فيسبوك" بمزيد من التركيز، وقد شغل منصب الرئيس التكنولوجي للشركة ونائب الرئيس لشؤون الهندسة، لكنه قرر الاستقالة بعد 4 سنوات ليطلق "أسانا" وهي شبكة تواصل مهنية، بحسب موقع "ويلز إكس".
- وجد "موسكوفيتز" والمهندس السابق لدى "فيسبوك"، "جاستين روزنشتاين"، أثناء مساعدتهما في ترسيخ قواعد شبكة التواصل الاجتماعي، أن إدارة المشاريع الكبيرة ذات الفرق المتشعبة تشكل صعوبة بالغة على التنفيذيين، لذا قررا تدشين أداة للتواصل والإدارة بين فريق العمل دون الحاجة للبريد الإلكتروني والاجتماعات الكثيرة التي تحد من الإنتاجية.
- يقول "روزنشتاين" في مقابلة مع موقع "لايف هاكر": كان لنا تجربة سابقة لدى كل من "جوجل" و"فيسبوك"، شعرنا خلالها بالإحباط من رؤية الأشخاص الأذكياء في فرق العمل يعانون من عدم القدرة على القيام بالأعمال المهمة، وقضاء معظم أوقاتهم في "العمل من أجل تنسيق العمل"، مثل تعقب المعلومات وتبادل رسائل البريد الإلكتروني المكررة، والتأكد من أن اليد اليسرى تعلم ما تفعله اليد اليمنى.
- أثناء عملهما في "فيسبوك"، طور الشابان أداة داخلية لمعالجة هذه المشكلة تحت اسم "تاسكس" أو "المهام"، وكانت بمثابة النموذج الأولي والبذرة التي أنبتت شركة "أسانا"، التي يقول "موسكوفيتز" إنه لم يدرك حينها أنها ستتحول إلى نشاط تجاري تتجاوز قيمته المليار دولار ويحظى بملايين العملاء.
تطوير مستمر
- بعد مرور عشر سنوات على تأسيس "أسانا"، بلغت قيمة الشركة 1.5 مليار دولار بعد آخر جولة تمويلية أجرتها، ووفقًا لموقعها الرسمي على الإنترنت، فإن عدد المؤسسات المشتركة في خدماتها مدفوعة الأجر بلغ 50 ألف كيان (مقارنة بـ20 ألفا فقط قبل 6 سنوات)، بالإضافة إلى ملايين المستخدمين لتطبيقها، في 194 دولة حول العام.
- تقول الشركة أيضًا إن معدل نمو الإيرادات على أساس سنوي بلغ في آخر تقدير لها 90%، مشيرة إلى أنه من بين أبرز عملائها شركات مثل "سبوتيفاي" و"إير بي إن بي" و"ديزني" و"إير فرانس"، ومع ذلك تستهدف المزيد من الشركات الكبرى عبر منتجها الجديد الذي تعمل على إطلاقه تحت اسم "أسانا بزنس".
- وفقًا لـ"بزنس إنسايدر"، فإن المنتج الجديد لـ"أسانا" يستهدف المؤسسات التي لديها مستوى مرتفع من التعقيد والتي وجدت تعقب العديد من المشاريع عبر المنصة التقليدية بطيئًا بعض الشيء، وبشكل أساسي يستهدف "أسانا بزنس" تمكين إدارة الشركات الكبرى لعدة مشاريع وفرق في آن واحد بسهولة ويسر.
- ركزت "أسانا" منذ نشأتها على تقديم خدماتها للشركات الناشئة والمتوسطة الحجم، لذا قد يشكل "أسانا بزنس" نقلة نوعية في فئة العملاء الذين يلجأون إلى خدماتها، ومن المقرر أن تبلغ تكلفة الاشتراك في المنصة الجديدة 20 دولارًا عن كل مستخدم شهريًا.
- ومؤخرًا مكن تطبيق "أسانا" المستخدمين من ترتيب المهام والمشروعات وفقًا للأولوية، وساعدهم على تقليل الوقت المستغرق في تعقب المعلومات والمستجدات بخصوص المشروعات القائمة، فيما سيعمل "أسانا بزنس" على ربط العمل بمجموعة من المهارات والأشخاص لمساعدة فريق العمل في التعرف على أفضل الأفراد للقيام بالمهام المقترحة.
عطاء وفلسفة
- تعمل "أسانا" على التوسع دوليًا، وتفتتح قريبًا مقرًا في أستراليا واليابان، وتقول إن 50% من إيراداتها تأتي من خارج الولايات المتحدة، وأنها تخطط لزيادة عدد فريق العمل إلى 600 موظف بحلول نهاية عام 2019.
- عندما سئل "موسكوفيتز" هذا العام عن الوضع الحالي لـ"فيسبوك"، خاصة بعد ما أثير حولها من صخب بشأن قضايا الخصوصية، رد قائلًا: "أسانا" شركة سريعة النمو، ولدينا 400 موظف، كل طاقتي واهتمامي ينصبان بشكل كامل على هذا المشروع ولا أولي اهتمامًا بالتفكير في الشبكة.
- وفقًا لمؤشر "بلومبرج" للمليارديرات، فإن "موسكوفيتز" يمتلك ثروة صافية تقدر بـ10.5 مليار دولار، تأتي أغلبها من حصته في "فيسبوك" البالغة 3%، وهو أكبر مساهم فردي في الشركة بعد "مارك زوكربيرج"، وهو ما يبرر تراجع ثروته 13.9% هذا العام مع اضطراب أداء سهم منصة التواصل الاجتماعي.
- اشتهر "موسكوفيتز" ذو الأصول الروسية البولندية بمعارضته للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" خلال الانتخابات الرئاسية في 2016، كما عُرف بعطائه، حيث أسس بمعاونة زوجته مؤسسة خيرية أنفقت الملايين للقضاء على الملاريا، وبلغ إجمالي تبرعاته حتى الآن نحو 1.4 مليار دولار، أو ما يعادل 12% من ثروته الصافية، وفقًا لـ"فوربس".
- "موسكوفيتز" الذي أبرم اتفاقا يسمح لـ"زوكربيرج" بالتصويت بدلًا منه على قرارات "فيسبوك" يقول إن النجاح هو نقطة التقاء الحظ الجيد مع العمل الجاد.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}