اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء زيمبابوي الإثنين الماضي، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص، بعد أن رفعت الحكومة أسعار البنزين إلى أكثر من الضعف عند 3.31 دولار للتر (12.58 دولار للجالون) خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهو الأعلى في العالم، وفقا لبيانات "جلوبال بترول بريسيسز".
لكن عدم امتلاك البلد الواقع في جنوب أفريقيا، عملتها الخاصة لا يعني ألا تعاني من أزمة نقدية، حيث خلقت ندرة النقد الأجنبي طوابير طويلة للحصول على الوقود والخبز والأدوية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، حسب تقرير لوكالة "بلومبرج".
بداية الأزمة
- تكمن جذور الأزمة في قرار زيمبابوي بإلغاء عملتها الخاصة قبل عقد من الزمان واعتماد سلة من الوحدات الأجنبية، فيما يعد الدولار الأمريكي هو الأكثر استخداما على نطاق واسع، بعد ذلك قام البنك المركزي بطباعة دولار بديل لتمويل الإنفاق الحكومي المستشري.
- والنتيجة هي نظام معقد من أسعار الصرف، حيث يدفع المستهلكون أسعارا مختلفة اعتمادا على ما إذا كانوا يدفعون بالدولار الحقيقي أو النقود الإلكترونية أو ما يسمى بالسندات، على الرغم من أن الحكومة تصر على أن الثلاثة أنواع لها نفس القيمة، إلا أنها ناقضت تلك الحجة بالسماح للأجانب دفع السعر القديم للوقود البالغ 1.32 دولار للتر إذا استخدموا الدولارات الفعلية.
مشكلة للحكومة
- تمثل الأزمة صداعا للرئيس "إيمرسون منانغاغوا"، رئيس المخابرات السابق البالغ من العمر 76 عاما والذي وعد بوضع أفضل للزيمبابويين عندما فاز في الانتخابات في يوليو/ تموز، كانت تلك هي الأولى من نوعها بعد أن أطاح الجيش في أواخر عام 2017، بحكم "روبرت موغابي" والذي بدأ الاقتصاد في الانحدار خلال عهده.
- وقال وزير المالية في الحادي عشر من يناير/كانون الثاني الجاري، إنه سيعلن عن عملة جديدة في غضون عام، من دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية، فيما يحاول البنك المركزي بناء احتياطيات من النقد الأجنبي، والتي تغطي حاليا أسبوعين فقط من الواردات، كما يحاول إعادة هيكلة مليارات الدولارات من الديون متعددة الأطراف المتعثرة لتتمكن زيمبابوي من الحصول على قروض دولية جديدة.
- ومع تفجر العنف في الشوارع، سافر "منانغاغوا" إلى روسيا، ومن المقرر أن يزور كازاخستان وبيلاروسيا وأذربيجان قبل أن يتوجه إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا في وقت لاحق من هذا الشهر في محاولة لجذب الاستثمارات.
وضع خانق
- تغلق العديد من الشركات المصنعة في زيمبابوي أبوابها، وقال الرئيس التنفيذي لشركة "سيفرس ويلمر" ، أكبر منتج لزيت الطهي، الأسبوع الماضي، إنه لا يملك خيارا سوى إغلاق الشركة لأنها لم تستطع تدبير مبلغ الستة ملايين دولار الذي تحتاج إليه كل شهر للدفع للموردين.
- وهو الأمر الذي عكسته تصريحات "سيفلاني جابانجوي" رئيس اتحاد الصناعات، قائلا: "المصنعون يختنقون وإن لم يحدث شيء على وجه السرعة فيمكننا أن نرى البلاد تتوقف."
- وفي الوقت ذاته، تقدم العديد من الشركات خصومات، تصل أحيانا إلى 70%، إذا استخدم العملاء الدولار الفعلي.
مؤشرات اقتصادية ضعيفة
- وتتداول أوراق السندات الآن في السوق السوداء مقابل 3.2 لكل دولار ، وفقا لمعهد "زيمبولار" للأبحاث ومقره هراري.
- كما امتد التوتر إلى الأسواق المالية، حيث قام السكان المحليون بالتدفق نحو الأسهم بهدف التحوط ضد ارتفاع الأسعار، في حين تقول الإحصاءات الرسمية إن معدل التضخم يبلغ 31%، فيما يعتقد أستاذ الاقتصاد التطبيقي والخبير في التضخم الجامح في جامعة "جونز هوبكنز" في بالتيمور "ستيف هانكه" أنه أعلى بكثير عند 186%.
- ارتفع مؤشر الأسهم الرئيسي في زيمبابوي بنسبة 72% منذ مارس/آذار الماضي ، مسجلا أكبر معدل زيادة عالميا، في الوقت الذي يقوم المستثمرون الأجانب - الذين يكافحون للحصول على أموالهم خارج البلاد بسبب ضوابط رأس المال - بتخفيض حيازتهم إلى مستويات أكثر واقعية.
حلول بديلة
- ويؤكد "هانكه" أن على زيمبابوي أن تلتزم بالدولار لأنها لن تكون قادرة على حماية عملة جديدة، وأن تلغي أوراق السندات والعملات البديلة، موضحا أنه يمكن للحكومة أن تفعل ذلك من خلال قبول المدفوعات، بما في ذلك الضرائب، بنفس سعر الدولار.
- إلا أن "بيلي سميث" من "جلوبال إيفولوشن" يخالفه الرأي.. ويقول إن على الحكومة أن تكبح الإنفاق وأن تعمل بسرعة نحو طرح عملة جديدة، ويمكن بناء الثقة في الوحدة باستخدام احتياطيات إضافية ورفع أسعار الفائدة - وهو أمر لا يمكن أن يفعله ما دام يتم الاحتفاظ بالدولار، على حد قوله، مؤكدا: "ينبغي أن يكون لديهم عملة تسمح بالاستخدام المرن للسياسة النقدية".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}