هل تنتابك الحيرة حول مستقبلك الوظيفي وما إذا كانت وظيفتك الحالية ستظل "باقية" في المستقبل سواء القريب أو البعيد؟ هل تشعر بالقلق على الجيل القادم وما إذا كان سيجد وظائف جيدة يشغلها أم ستتقلص الفرص والخيارات أمامه؟
وظائف "لم تظهر بعدُ"
حسنًا يبدو هذا القلق مبررًا ومنطقيًا، حيث قدرت دراسة لجامعة "يل" أن 65% من الأطفال الملتحقين بالتعليم الابتدائي حالياً سيشغلون لدى انتهاء تعليمهم (سواء المرحلة الثانوية أو الجامعية) وظائف يقومون من خلالها بأعمال "غير موجودة" حالياً.
ولمعرفة حجم هذه النسبة، يكفي الإشارة إلى أن 15% فقط من العاملين حالياً يشغلون وظائف لم تكن موجودة لدى دخولهم المرحلة الابتدائية، بما يؤشر على تغير كبير للغاية في الاقتصاد أولاً، ولطبيعة الوظائف ثانياً، ويعطي انطباعاً بتغير ما هو مطلوب من العاملين مستقبلاً.
ولذلك تُشير الدراسة إلى أن 93% من الأمريكيين الذين يحظون بشهادة جامعية أكدوا على أهمية برامج التدريب المهني التي تلقوها، بينما تصل النسبة إلى 79% فحسب لهؤلاء الذين يرون أهمية كبيرة للدراسة الجامعية التي حصلوا عليها.
ويلاحظ زيادة أهمية التدريبات المهنية مقارنة في ظل نمو الوظائف الحرة ((freelancer، إذ تلقى 70% من هؤلاء الذين يعملون بشكل حر لدورات تدريبية خلال الستة الأشهر الأخيرة، مقابل نسبة لا تتعدى 50% خلال الفترة نفسها لهؤلاء الذين يعملون في وظائف دائمة.
عمالقة "بلا شهادات"
وعلى سبيل المثال أعلنت شركات مثل "آبل" و"جوجل" و"آي.بي.إم" وغيرها في الأشهر الماضية أن العمل لديها في مناصب تقنية وإدارية لم يعد يتطلب بالضرورة الحصول على شهادة جامعية ليكونوا من بين قائمة شملت أكبر 15 شركة في أمريكا غيرت سياساتها التوظيفية مؤخراً نحو الاهتمام بالمهارات على حساب الشهادات.
بل ووصل الأمر بشركة كبيرة "برايس ووتر هاوس كوبر" إلى الاعتماد على خريجي المدارس الثانوية في مجال المحاسبة والتحليل المالي وتقييم المخاطر، شريطة حصولهم على الدورات التدريبية الملائمة أو إثبات كفاءتهم، وذلك بعد أن كانت تلك الوظائف حصراً على خريجي كليات التجارة وإدارة الأعمال لعقود، سواء في الشركات الكبيرة أو حتى الصغيرة.
بل وكشف بيان لموقع "أب وورك" (upwork) المتخصص في العمل الحر على شبكة الإنترنت، أن أعلى 20 وظيفة مطلوبة على الموقع، مثل كتابة المحتوى وتصميم البرامج وأعمال الجرافيك والترجمة، لا تتطلب بالأساس شهادة محددة بل تقوم على مهارات، يكون على من يحصل على العمل التمتع بها.
ووفقاً لتقديرات المكتب الفيدرالي الأمريكي لإحصاءات الوظائف فإن سبعة ملايين وظيفة لا تجد من يشغلها في الولايات المتحدة، في ديسمبر الماضي، وذلك بسبب معاناة البلاد مما يعرّفه المكتب بـ"فجوة المهارات" ويقصد بها الفرق بين المهارات التي يتمتع بها العمال والموظفون في مواجهة المهارات التي يحتاجها سوق العمل.
مهارات المستقبل
ووفقاً لموقع "لينكد إن" فإن هناك 5 مهارات "ناعمة" (أو شخصية) هي الأكثر أهمية في عام 2019 للحصول على الوظائف: إدارة الوقت، والاعتمادية، التعاون والتنسيق، الإقناع، الروح الخلاقة، ويعطي الموقع دورات مجانية في تلك المجالات لضمان تأهيل العمالة لسوق العمل.
وفي المقابل فإن هناك 5 مهارات عملية ستكون الأكثر طلباً في 2019 وتشمل: "كلاود كومبيتينج" (شبكات وقياس رد فعل العميل)، والذكاء الاصطناعي، التحليل المنطقي (ويشمل حل المشكلات واتخاذ القرار واستراتيجيات العمل)، إدارة الجمهور (وتشمل التحفيز وحل الصراعات في العمل) والتصميم والجرافيك.
وتُشير دراسة للموقع إلى أن أولويات سوق العمل ستتغير بشكل متسارع وغير مسبوق خلال العقد المقبل، حيث قد تظهر وظائف جديدة تتطلب مهارات جديدة لتحتل القمة بشكل مفاجئ، بما يجعل المهارات أكثر أهمية من الشهادات بشكل متزايد.
ولكن في الوقت نفسه لا شك أن ذلك يضع ضغوطاً متفاقمة على العاملين، الذين عليهم باستمرار تبني مبدأ التعليم المستمر، وليس فقط الارتكان على مجموعة من المهارات التي يجيدونها ولكن تطويرها وتعلم مهارات جديدة تبقيهم في خضم المنافسة باستمرار.
ولا يشكل ذلك أزمة فقط للعاملين وفقاً لـ"لينكد إن" ولكن أيضاً لأصحاب العمل الذين قد لا يجدون ما يحتاجون من مهارات متاحة في السوق خلال السنوات القادمة في ظل تطور الاقتصاد بسرعة تفوق التعليم وبرامج التدريب، ليبقى الحل الأكثر نجاعة في تطور الأخيرة بسرعة وتمتعها بمرونة و"تبصر" باحتياجات سوق العمل المستقبلية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}