نبض أرقام
10:49 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

الدين الحكومي الأكبر في العالم.. هل أصبح ثبات العم "سام" في خطر؟

2019/02/13 أرقام - خاص

في عالم يصبح أكثر ترابطًا بمرور الوقت، وتنتقل العدوى فيه بسرعة البرق، كان طبيعيًا أن يحذر المراقبون والمحللون ليل نهار من الاعتماد المتزايد لبكين على الإقراض في تنشيط اقتصادها المتباطئ، خشية أن يؤدي ذلك في النهاية إلى استفحال أعباء الديون وخلق فقاعة، قد يكون لانفجارها تداعيات مدمرة في مناطق أخرى.

 

 

لكن ما لم يكن مفهومًا هو التركيز على الدين الصيني وتجاهل نظيره الأمريكي، رغم أن الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم بالإضافة إلى الحصة الأعظم من الدين، ما يعني أن أثر التعثر هناك ستكون عواقبه أشد قسوة، خاصة أن لواشنطن شهية للقروض لا تضاهى.

 

ووفقًا لتقرير وزارة الخزانة الأمريكية الصادر الثلاثاء، فإن إجمالي الدين الوطني للولايات المتحدة تجاوز 22 تريليون دولار - للمرة الأولى على الإطلاق -  اعتبارًا من الحادي عشر من فبراير، أي أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

 

 فيما بلغت ديون الحكومة الصينية 5 تريليونات دولار أو ما يعادل 46% من حجم الاقتصاد، وفقًا لموقع "ناشونال دبيت كلوكس" المعني بتعقب الديون الحكومية للبلدان، ويستقي معلوماته من الجهات الرسمية أو المنظمات العالمية، مثل البنك الدولي.

 

نهم لا ينقطع

 

- تعتمد الحكومات على الاقتراض لتمويل شتى الأنشطة الحيوية، بما ذلك التعليم والصحة ومشروعات البنية التحتية وغيرها، والديون هي سمة مشتركة في جميع اقتصادات العالم تقريبًا، وقد زادت نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدى العقود الماضية.

 

- تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى بلوغ الدين العالمي أعلى مستوياته على الإطلاق عند 184 تريليون دولار، أو ما يعادل 225% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2017، ووفقًا لهذه المعدلات يصل نصيب الفرد من هذا الدين 86 ألف دولار، وهو ما يعادل مرتين ونصف المرة متوسط دخله.

 

 

- على أي حال، تشير هذه البيانات إلى إجمالي الدين العالمي، وتقول وكالة "فيتش" إن ديون الحكومات العالمية فقط سجلت 66 تريليون دولار في 2018، وهو ضعف ما كانت عليه في 2007، ويرجع ذلك لاستفادة البلدان من انخفاض معدلات الفائدة.

 

- في عام 2018، ارتفع إجمالي قيمة السندات التي طرحتها وزارة الخزانة الأمريكية إلى 1.34 تريليون دولار، وهو ما يزيد على ضعف إجمالي ما أصدرته في 2017، والذي بلغت قيمته 550 مليار دولار.

 

- يبدو أن عام 2018 لم يكن استثناء، حيث كشفت تقارير عن استعداد الوزارة لاقتراض نحو تريليون دولار أخرى في 2019 لتمويل عجز الموازنة الفيدرالية، وتوقع محللون استمرار تمسك الحكومة الأمريكية بوتيرة الاقتراض عند هذا المستوى لفترة.

 

- الأكثر من ذلك، أظهرت تقديرات مكتب الموازنة التابع للكونجرس، حاجة الولايات المتحدة لاقتراض نحو 12 تريليون دولار إضافية خلال عشرينيات القرن الجاري، بضغط من الإنفاق الحكومي المتزايد والتباطؤ الاقتصادي المتوقع.

 

 

- الاقتراض إجراء إيجابي للاقتصادات النشطة، ما دام يخضع للتدقيق ولا يخرج عن نطاق السيطرة، وقد يصبح وبالًا إذا تم في أثناء الركود، وحتى الديون الرخيصة ربما تضر الاقتصاد إذا لم يكن يحقق ما يكفي من إيرادات لسداد الالتزامات.

 

- لنكن منصفين، ليست الولايات المتحدة فقط صاحبة معدلات الديون المرتفعة بشكل هائل، فمثلًا تسجل اليابان نسبة ديون إلى الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 230%، واليونان 190%، وإيطاليا 130%، لكن كما أشرنا، تستأثر واشنطن بنصيب الأسد من الدين العالمي وفقًا للقيمة المطلقة.

 

هل هذه الديون سيئة؟

 

- يختلف الاقتصاديون ومحللو السياسات حول هذه القضية، فمنهم من يرى القروض ضرورة لدعم الحكومات التي تعاني من عجز مالي، وهو أمر قد يؤثر على الاستثمار الرأسمالي في الأسواق الخاصة، كما يؤثر إصدار السندات الحكومية على أسعار الفائدة، بحسب "إنفستوبيديا".

 

- يعتقد آخرون أن الأنفع هو إدارة عجز الحساب الجاري بدلًا من محاولة دفع الطلب الكلي للاقتصاد، ويرون أن العجز المالي والديون الحكومية تضر بالاستثمارات الخاصة والصادرات، وتُلقي أعباءً غير عادلة على الأجيال القادمة، تتمثل في مزيد من الضرائب والتضخم.

 

 

- بالنسبة للولايات المتحدة، فإن ثلثي ديونها الحكومية تستحق لحاملي سندات الخزانة، ويشمل ذلك الأفراد والشركات والحكومات الأجنبية، أما الثلث الأخير فيستحق لجهات وهيئات تابعة للحكومة الأمريكية نفسها، بحسب موقع "ذا بلانس".

 

- النسبة الكبيرة للدين الحكومي والتي تجاوزت حجم ما ينتجه الاقتصاد، قد تعني للمستثمرين إشارة توحي بأن البلاد ستواجه مشاكل في سداد القروض، وهي مخاوف جديدة ومقلقة في السوق الأمريكي (يقول البنك الدولي إن أغلب الدائنين يشعرون بالقلق مع تجاوز نسبة الدين 77%).

 

- خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا العام، أصر الحضور على تهميش قضية الديون العالمية والتقليل من خطورتها، وأكد الكثيرون أن البلدان التي تعتمد على الخارج كثيرًا في الاستدانة هي فقط التي تواجه خطرا حقيقيا.

 

- لكن في الحالة الأمريكية لا تنطبق هذه القاعدة، فحتى الديون الخارجية للبلاد مقومة بنفس عملتها المحلية التي لن تجد مشقة في توفيرها للسداد، كما أنه من الناحية التاريخية استطاع الاقتصاد الأمريكي التفوق على الديون.

 

- على سبيل المثال، بلغت ديون الولايات المتحدة 260 مليار دولار عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، بزيادة نسبتها 14% عن حجم الناتج المحلي الإجمالي، لكن خلال 3 سنوات استطاع اقتصاد البلاد النمو لتجاوز هذا المستوى، قبل أن يتضاعف حجمه بحلول عام 1960.

 

 

- يبقى القول إنه في ظل امتلاك الخارج لحصة كبيرة من الديون الأمريكية، فإن خصوم واشنطن يصبحون أكثر قدرة على إزعاجها (على الأقل من الناحية النظرية)، فالصين التي تعد أكبر حائز لسندات الخزانة، أثارت جلبة في السوق العالمي العام الماضي، عقب تقارير أفادت بأنها تنوي تقليص حيازاتها.

 

- في إطار الحرب التجارية بين أمريكا والصين، يرى محللون أن لجوء بكين إلى تقليص حيازاتها من سندات الخزانة، سيعني مزيدًا من الارتفاع في أسعار الفائدة الأمريكية وبالتالي زيادة تكلفة خدمة الدين على الحكومة في واشنطن، وهو أمر سيزعج المستثمرين حتمًا.

 

- بحسب موقع "ذا بروكينغس"، فإن المخاطر النظرية المتعلقة بامتلاك الأجانب للديون الأمريكية قد لا تتحول إلى حقيقة، لا سيما وأن معظمهم حلفاء للولايات المتحدة، لكن استمرار اعتماد واشنطن على القروض الأجنبية يشكل نقطة ضعف كبيرة حال حدوث صدمة ما مثل انهيار أسعار المنازل أو وقوع أي خرق كبير للأمن القومي أو مع تباطؤ تدفق الأموال إلى البلاد لأي سبب.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.