لطالما اعتبر الفحم ذا مكانة كبيرة في أستراليا منذ أن استعمرها البريطانيون ورأوا المادة سوداء اللون لأول مرة على منحدرات ساحلية شمال "سيدني" في تسعينيات القرن الثامن عشر، وفي تقرير نشرته "الإيكونوميست"، بدأت التساؤلات تتزايد بشأن ما إذا كانت صناعة الفحم تفقد مكانتها من عدمه؟
أعلنت الصين – ثاني أكبر مستهلك للفحم الأسترالي بعد اليابان – في فبراير أنها سجلت تأجيلات في تسلم شحنات الواردات من أستراليا، كما أعلنت شركة "جلينكور" أنها ستضع قيوداً على إنتاجها من الفحم في البلاد، وللمرة الأولى، رفض أحد القضاة السماح بأنشطة تعدينية جديدة لاستخراج الفحم بسبب التغيرات المناخية.
يمكننا الإضرار بكم أيضاً
- تسببت هذه الخطوات وغيرها في إثارة جدل بشأن مستقبل صناعة الفحم في أستراليا بين الساسة الذين تحدثوا عن السياسة المناخية ومخاطرها على الدولة وفي نفس الوقت مزايا تصدير الفحم للصين – أكبر شريك تجاري للبلاد.
- لا تواجه الاقتصادات التي تصدر وتستهلك الفحم احتجاجات فقط من المدافعين عن البيئة بل أيضاً من البنوك التي تواجه هي الأخرى ضغوطاً من المستثمرين الساعين لتقليص استثماراتهم وتمويلهم لمشروعات ملوثة للبيئة.
- لكن بعض شركات التعدين لا تبدو قلقة من هذا الأمر، ومن بينها شركة "بي إتش بي" – التي يقع مقرها في "ملبورن" – التي أكدت على أنه من السابق لأوانه التفكير بشأن مرور صناعة الفحم بنقطة فارقة.
- تشير توقعات إلى أن الفحم سيكون على رأس الصادرات الأسترالية من حيث القيمة عام 2019، وتكمن أكبر مخاوف الصناعة في الشحنات التي يتم تصديرها إلى الصين.
- تسبب تأجيل شحنات التصدير إلى الصين في قلق لدى الساسة الذين طالبوا بتوضيح من بكين، ووقع الفحم أيضاً في بؤرة نزاع من نوع آخر بعد منع أستراليا "هواوي" الصينية من تطوير شبكة اتصالات الجيل الخامس "5G".
- رغم نفي الحكومة، أفاد البعض بوجود خلافات عميقة بين أستراليا والصين خاصة بعد حظر أعمال "هواوي"، حيث تريد بكين أن ترسل رسالة مفادها: "يمكننا الإضرار بكم".
احتجاجات بيئية
- أعربت بعض شركات التعدين عن أملها في أن يكون تأجيل الصين لتسلم وارداتها من الفحم الأسترالي مؤقتا، ولكن على الجانب الآخر، هناك مطالبات من منظمات وشخصيات بحماية البيئة وفرض قيود على تعدين الفحم.
- تسبب ذلك في صداع آخر في رأس السلطة خاصةً بعد قرار أحد القضاة البارزين بمنع تنفيذ عطاء يتعلق بتعدين 21 مليون طن من الفحم قرب مدينة "جلاوسستر" على مدار 16 عاماً.
- حظر القاضي أيضاً الغازات الدفيئة المسببة لتغيرات مناخية على الرغم من أن أعمال التعدين في "جلاوسستر" كانت ترتبط باستخراج فحم "الكوك" وليس الفحم الحراري الذي يشغل محطات الطاقة.
- رغم تأكيد "بي إتش بي" على عدم تأثير القرار على الصناعة بوجه عام، إلا أن الاحتجاجات المتزايدة بشأن تأثير تعدين الفحم سلبياً على المناخ تدق جرس إنذار بشأن مستقبل الفحم (الكوك والحراري) في أستراليا.
معادن أخرى على حساب الفحم
- رغم تخلي "جلينكور" تماماً عن تعدين الفحم في أستراليا، إلا أن هناك توجها للاستثمار نحو تعدين معادن أخرى مثل "الكوبالت" والنحاس والنيكل التي ترتبط ببعض صناعات تهدف لتعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة.
- يأتي ذلك بضغط من مجموعات استثمارية تتكون من عدة صناديق تقاعد في البلاد تستهدف دعم التحول نحو الطاقة النظيفة، وهو ما يمكن أن يضغط بدوره على أعمال "جلينكور" و"بي إتش بي" وغيرهما.
- على المدى الطويل، ربما تشهد صناعة الفحم في أستراليا بعض التغيرات مثل زيادة تصدير فحم "الكوك" المهم لإنتاج الصلب وانخفاض صادرات الفحم الحراري الذي يقع تحت ضغط المستثمرين.
- بالتزامن مع هذه التغيرات، أشارت جهات أسترالية إلى استهداف مشروعات الطاقة المتجددة، وظهر ذلك في إعلان مجلس الطاقة النظيفة في البلاد عن استثمار 20 مليار دولار أسترالي (حوالي 14.3 مليار دولار أمريكي) في 83 مشروعاً للطاقة المتجددة.
- رغم كل ذلك، يشهد التحول نحو الطاقة النظيفة تباطؤاً في أستراليا مقارنة بالدول الأخرى نظراً لأهمية صناعة الفحم لاقتصاد البلاد.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}