نبض أرقام
01:01 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25
2024/11/24

كيف تحقق الدول النمو الاقتصادي وتصنع "المعجزات"؟

2019/03/22 أرقام - خاص

لماذا تحقق بعض الدول معدلات نمو عالية بينما تبقى أخرى دون تحقيق نمو ملموس؟ وكيف تتفوق قطاعات صناعية على أخرى؟ ولماذا تصل بعض الدول أو المدن إلى مرحلة تحقيق "المعجزات" الاقتصادية بينما يعجز الآخرون؟

 

 

ألمانيا نموذج مثالي

 

"مايكل بيست" أستاذ الاقتصاد في جامعة "ماساتشوستس" يقدم إجابات لتلك الأسئلة في كتابه "كيف يحدث النمو حقًا: صنع المعجزات الاقتصادية عن طريق الإنتاج والحكم الرشيد والمهارات"، مؤكدًا في بداية طرحه على ضرورة تضافر عناصر شتى في نفس الوقت لتحقيق النمو الاقتصادي.

 

ويسوق الكاتب ألمانيا بعد الحرب كـ"النموذج الأمثل" في تحقيق النمو، وذلك من خلال تبني خطة "ميتلاند" للأعمال، والذي أسهم في تخلص برلين من آثار الحرب العالمية في سرعة قياسية، بإقرار خطة جعلت الشركات الصغيرة والوسطى "عصب" الاقتصاد الألماني.

 

فالبرنامج قام على تشجيع الشركات التي لا تزيد عائداتها على 50 مليون دولار، ولا يزيد عدد موظفيها على 499 موظفا، لكي تحقق نموًا سريعًا من خلال سلسلة من الإعفاءات الضريبية التي وصلت إلى حد إعفاء الشركات التي تعاني الصعوبات المالية منها من الضرائب بشكل كامل.

 

وطوال عقود استمر عدد الشركات التي يشملها البرنامج، حتى يتوقع بلوغه 235 ألف شركة بحلول عام 2020، الكثير منها شركات صغيرة للغاية بل يمكن وصفها بـ"العائلية" بما يجعلها في حاجة إلى الدعم المستمر للبقاء ناجحة.

 

"بوسطن" مثالًا

 

ولذلك كثيرًا ما تصف المراجع الاقتصادية النمو الألماني بأنه الأكثر استقرارًا في العالم، فمع وجود الشركات العملاقة، إلا أن الشركات المتوسطة والصغيرة بقيت تشكل حوالي 70-80% (الزيادة والنقصان) خلال العقود الخمسة الماضية بما يجعلها أقل تأثرًا بالتقلبات الاقتصادية من دول أخرى كبيرة وصناعية.

 

 

ولتلافي مواجهة الشركات العملاقة أقامت ألمانيا أكثر من مؤسسة بحثية بالشراكة بين القطاع الخاص والحكومة، بحيث تقدم نتائج أبحاثها للشركات الألمانية التي لا تستطيع مواجهة النفقات الكبيرة للغاية في الأبحاث والتطوير بالشركات العملاقة.

 

وكذلك شكلت مدينة "بوسطن" الأمريكية ومحيطها مثالًا واضحًا لتكامل السياسات من أجل النمو، حيث أقرت المدينة وجود مؤسسات تعليمية تعمل بالتوازي مع القطاع الخاص، بحيث تمدها باحتياجاتها من العمالة المدربة الماهرة الملائمة لسوق العمل.

 

وأدى هذا إلى تحقيق المدينة لمعدل نمو يقترب دومًا من ضعف معدل النمو الأمريكي العام، مع وجود 55 ألف شركة متفاوتة الحجم تعمل في صناعات متنوعة بين التكنولوجيا والتوربينات والمعدات الطبية وأدوات الاتصال وغيرها.

 

نماذج عكسية

 

وفي المقابل، لم تتمكن المملكة المتحدة حتى الآن من المنافسة في العديد من الصناعات الرئيسية، ومن بينها على سبيل المثال صناعة السيارات، إذ لم تحظ الصناعات هناك بنفس الدعم الحكومي من تخفيضات ضريبية ومؤسسات بحثية، وغيرها من التسهيلات.

 

كما تأتي آيرلندا التي قدمت تسهيلات كبيرة للغاية للشركات متعددة الجنسيات كي تضع مقارًا رئيسية لها في البلاد، مما أسهم في تحقيق نمو متسارع في بداية التسعينيات بمعدلات وصلت إلى 6%، غير أن النمو تراجع كثيرًا بعدها بسبب عدم وجود سياسات متكاملة لتشجيع النمو على المستوى القومي وليس لقطاع بعينه.

 

 

وفي كثير من الأحيان ما تطبق بعض الدول ما تراه "وصفة" للنمو، بخفض أسعار الفائدة مثلًا لتشجيع الاستثمار، أو بخفض الضرائب، أو منح الإعفاءات من بعض المصروفات، دون نتيجة، وذلك للعديد من الأسباب إما لضعف البنية التحتية أو ضعف مستوى خريجي المؤسسات التعليمية أو بشكل أحرى لعدم تكامل السياسات مع بعضها البعض.

 

ويرسم "بيست" ما يصفها بخارطة طريق" للدول الراغبة في تحقيق النمو، أولها في الاهتمام بشكل خاص بتشجيع الشركات المتوسطة والصغيرة، مع الاهتمام بالمؤسسات التعليمية التي توفر الاحتياجات الملائمة للسوق والأهم من ذلك تحديد المجالات التي ترغب الدولة في تنميتها وهي تلك التي تتمتع بميزة نسبية واضحة فيها، وإقرار سلسلة بلا "حلقة ضعف" تجعل الجهود الحكومية والخاصة كأن لم تكن.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.