في عام 1973، أجرى كبير المهندسين لدى شركة "موتورولا"، "مارتن كوبر"، مكالمة هاتفية لشركة اتصالات منافسة يخبرهم فيها أنه يحدثهم عبر هاتف محمول، وكان هذا أول اتصال عام من جوال، والذي جاء قبل 10 سنوات من طرح مثل هذه الأجهزة للبيع التجاري.
أجرى "كوبر" هذه المكالمة باستخدام النموذج الأولي لهاتف "ديناتاك" المحمول، والذي طرحته "موتورولا" في الأسواق بعد عقد من الكشف عنه، وأصبح أول جوال حقيقي، لكن سبقه إلى السوق جهاز "موبيرا سناتور" من "نوكيا" الذي كان يزن 10 كيلوجرامات.
ومن الناحية الفنية، كانت هناك هواتف محمولة قبل ذلك الوقت، ويرجع تاريخها إلى عام 1908، عندما صدرت براءة اختراع في كنتاكي الأمريكية لأول هاتف لا سلكي، لكن هذه الأجهزة كانت أشبه براديو مزدوج المسار من كونها جوالات كالتي نعرفها الآن.
بدا جوال "ديناتاك" ثوريًا للغاية، فوزنه البالغ نحو كيلوجرام يجعل حمله أسهل كثيرًا من "موبيرا"، لكنه كان يستغرق 10 ساعات لشحن بطارية تدوم لثلاثين دقيقة فقط، والأكثر من ذلك أن سعره بلغ نحو 4 آلاف دولار، وكان يسمح بالاحتفاظ بثلاثين اسمًا.
ربما يرجع هذا السعر المرتفع لكونه ابتكارًا جديدًا وثوريًا من شأنه تغيير حياة البشر، وهذا صحيح بالطبع، فمع اشتداد المنافسة وانخفاض التكاليف وتطور التصميمات التي أصبحت أخف، انخفضت الأسعار كثيرًا وأصبحت هناك نماذج بقيمة زهيدة تصل إلى عشرات الدولارات.
لكن منحنى الأسعار الذي ظل يتراجع طوال سنوات مع إغراق "نوكيا" و"موتورولا" للأسواق بنماذج متنوعة فاخرة وتقليدية ذات أسعار زهيدة، انعكس الاتجاه مع اندلاع ثورة الجوالات الذكية التي استبدلت قائدي السوق من خلال "آبل" و"سامسونج" و"هواوي"، ويبدو أن الاتجاه الجديد سيتسارع مع بدء عهد جديد للجوالات.
أنماط جديدة وأسعار فلكية
- وُجهت انتقادات عديدة ولاذعة إلى شركات مثل "آبل" و"سامسونج" بعد طرحهما جوالات ذكية تتجاوز تكلفتها الألف دولار على غرار "آيفون إكس" و"جالاكسي نوت 8"، واعتقد محللون أن هذه التكلفة ستؤثر حتمًا على مبيعات الشركات لارتفاعها.
- لكن فيما يبدو أنه رهان كبير (أو ربما عدم اكتراث لتحذيرات المحللين) طرحت بعض النماذج التي يبلغ سعرها ضعفي هذا المستوى، مثل "سامسونج جالاكسي فولد" البالغ سعره ألفي دولار، و"هواوي ميت إكس" البالغ سعره 2600 دولار.
- هذه النماذج هي لجوالات قابلة للطي، وهو ما قد يبدو منطقيًا تسعيرها عند هذا المستوى المرتفع كونها ابتكارًا جديدًا يوفر للمستخدم خدمتي الاتصال الهاتفي والحاسوب اللوحي، لكن في الحقيقة، فإن أسعار الجوالات الذكية العادية آخذة في الارتفاع منذ فترة بعيدة.
- فمثلًا نسخة جوال "سامسونج جالاكسي إس" الصادرة عام 2010 بلغ سعرها 200 دولار، مقارنة بـ900 دولار لنسخة هذا العام، وفيما بلغ سعر "آيفون" 400 دولار عام 2007، فإن أحدث إصداراته لهذا العام تبدأ من 700 دولار وتصل إلى 1400 دولار.
- لا شك أيضًا أن الجوالات تطورت كثيرًا وأصبحت أذكى وأسهل استخدامًا، حتى أنها أصبحت تنافس منصات الألعاب الإلكترونية الآن ويفضل الكثيرون استخدامها في الترفيه بدلًا من الأجهزة الضخمة المعقدة، خاصة مع تطوير إمكانياتها لتضاهي الحواسيب بقوة.
- بحسب تقرير لـ"بزنس إنسايدر"، فإن متوسط أسعار الجوالات الذكية حول العالم كان آخذًا في التراجع منذ سنوات، قبل أن تتباطأ وتيرة هذا التراجع، ويبدأ في الارتفاع بحلول عام 2016، كما هو موضع في الرسم البياني التالي.
الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع
- الجوالات الذكية أصبحت أحد أساسيات الحياة لدى الكثيرين، ووفقًا لبحث أجراه مركز "دسكوت" للدراسات فإن مستخدمي الجوال يلمسون أجهزتهم (يشمل ذلك ضغط المفاتيح وسحب الشاشة) أكثر من 2600 مرة يوميًا في المتوسط، مقارنة بـ5400 مرة لفئة 10% الأكثر استخدامًا.
- في إحصاء غريب من نوعه، قال تقرير للأمم المتحدة عام 2013، إن ستة مليارات شخص حول العالم (من إجمالي 7 مليارات) يمتلكون جوالًا، مقارنة بـ4.5 مليار شخص يمتلكون القدرة على الوصول إلى خدمات المراحيض، ما يعكس أهمية هذه الأجهزة في حياة البشر الآن.
- يُرجع موقع "ذا فيرج" هذا الارتفاع في الأسعار بشكل رئيسي إلى صعوبة بيع جوالات جديدة، حيث يمتلك الآن الكثير من الأشخاص حول العالم جوالات ذكية منذ سنوات، ويميلون للاحتفاظ بها لفترة أطول دون تغيير.
- إذا استسلمت شركات صناعة الجوالات لهذه الحقيقة، فسيعني ذلك أنها ستشهد انخفاضًا في إيراداتها وهو ما لا ترغبه بالتأكيد، ولمعالجة هذا الخطر المحتمل، فسيكون عليها إما بيع المزيد من الأجهزة أو بيع أجهزة أغلى، ويبدو أن الشركات مالت للخيار الأخير.
- التكاليف أيضًا كانت آخذة في الارتفاع، فمثلًا إنتاج جوال فاخر بمكونات "آيفون 4" تبلغ أقل من 190 دولارًا في 2010، فيما تكلف جهاز "آيفون XS ماكس" 390 دولارًا العام الماضي، وفقًا لـ"آي إتش إس ماركيت"، فهل هذا يبرر ارتفاع الأسعار؟
- يقول محللون إن الاتجاه الصعودي لارتفاع الأسعار، قد يعني أنه على المستخدم دفع المزيد من الأموال، لكن يمنحه فرصة للحصول على جهاز أفضل من المرجح أن يتمسك به لفترة أطول، ولا يضطره لشراء آخر جديد قريبًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}