نبض أرقام
12:31 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

الدولة تضرب من جديد..تراجع الإصلاحات الاقتصادية في الصين

2019/04/19 أرقام - خاص

يثير الاقتصاد الصيني اهتمامًا كبيرًا بوصفه ثاني أكبر اقتصادات العالم حجمًا، فضلًا عن سرعة نموه اللافتة لأعوام، وأيضًا لاختلافه عن اقتصادات القوى التقليدية في عالمنا المعاصر الذي تعد الرأسمالية النظام الاقتصادي المهيمن عليه، بينما تبقي بكين على ملامح كثيرة من النظام الشيوعي.

 

ومن هنا تأتي أهمية كتاب "نيكولاس لاردي" "الدولة تضرب من جديد: تراجع الإصلاحات الاقتصادية في الصين"، والذي يشير فيه إلى أن الصين كانت ملتزمة تمامًا بتغيير شكل نظامها الاقتصادي من النظام المركزي إلى الاقتصاد الحر حتى عام 2008.

 

 

إصلاحات طويلة

 

فمنذ عام 1978 حتى الأزمة المالية أبقت الحكومة الصينية على خط أساسي واحد، وهو تقليص سيطرة الحكومة على النشاط الاقتصادي، وخاصة أدوات الإنتاج، وكان لهذا أثر كبير في تحقيق بكين لمعدلات نمو تراوحت في الكثير من السنوات حول 10% ليتحقق ما يعرف بالمعجزة الصينية.

 

ومكّنت هذه الإصلاحات الدولة من إخراج حوالي 850 مليون شخص من خط الفقر على مدى 3-4 عقود، ويبقى اللافت أنه على الرغم من التقدم السريع للغاية في الاقتصاد الصيني، إلا أن معدل الدخل هناك يبلغ 25% من متوسط المداخيل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

 

وكان الرابط الأساسي في الإصلاحات الاقتصادية الصينية هو منح القطاع الخاص دورًا متناميًا في النشاط الاقتصادي، وكان لهذا دوره المركزي في تحفيز النمو، من خلال زيادة التدفقات المالية في الأسواق، وتحسين طرق الإدارة، وتشجيع التنافس، بدلًا من نمط إدارة حكومي جامد سابقًا.

 

ويرى "لاردي" أن الإصلاح وصل إلى ذروته في عهد الرئيس "جيانغ زيمين" ورئيس الوزراء "تشو رونغ جي"، الذي ترك منصبه في عام 2003 بعد تقليص القطاع الحكومي، وإعادة رسملة النظام المصرفي، وانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.

 

العودة للممارسات القديمة

 

وعلى الرغم من تحقيق خلفائهم، وخاصة "هو جينتاو" و"وين جياباو"، عقدًا من النمو القوي، فإنهم لم يقدموا سوى القليل من الإصلاحات وجاءت أرقام النمو في فترتهم  بمثابة "جني الأرباح" من السياسات التي الاقتصادية الانفتاحية التي اتبعها أسلافهم.

 

 

لكن وبالتزامن مع إطلاق بكين خطة التحفيز استجابة للأزمة المالية العالمية، عادت الدولة مجددًا للعب الدور المركزي في الاقتصاد، وكان ذلك موضع ترحيب من الدول المجاورة ومن الشركات الصينية، بل ومن بعض الدول الغربية التي رأت في هذا التدخل "إراحة" لها من مسؤولية الشرق الآسيوي المليء بالتعقيدات والمكتظ بالسكان.

 

ويرصد "لاردي" أن القطاع الخاص الصيني كان يقدم قرابة 80% من الإنتاج الصيني عام 2008، وعلى الرغم من عدم القيام بحركة تأميم على سبيل المثال أو حتى إنشاء الحكومة الصينية لشركات جديدة إلا أن نصيبها من السوق ارتفع من 20% إلى 35% خلال عقد من الزمان.

 

واعتمدت الحكومة في ذلك على زيادة حصصها في الشركات مزدوجة الملكية بين القطاعين الخاص والعام، فضلًا عن التوسع في الشركات المملوكة للقطاع العام وضخ المزيد من رؤوس الأموال داخلها، بل وحتى بدء بعضها لأنشطة جديدة.

 

أمل جديد للنمو

 

وعلى الرغم من تحذيرات "لاردي" المتكررة حول ما يثير القلق بشأن مستقبل الاقتصاد الصيني لا سيما بعد وصول الاقتصاد إلى معدل نمو 6.6% وهو الأبطأ منذ عام 1990، لكن هناك أيضا بعض التفاؤل بشأن تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني لأن الحل يبقى "ممكنًا" و"تحت السيطرة".

 

فالتوقف عن توسيع دور الدولة في الاقتصاد وإعادة النهج "الإصلاحي" من شأنه رفع معدلات النمو مجددًا إلى نسبة تفوق 8%، كما سيعيد معدلات تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى الصين إلى نسبها القياسية، بما قد يحقق "انطلاقة جديدة" للاقتصاد الصيني.

 

 

ويعتبر "لاردي" أن هناك سببًا سياسيًا وراء توقف الإصلاح الاقتصادي (بالإضافة إلى تأثير الأزمة المالية العالمية)، حيث تتمثل النظرة التقليدية للاقتصاد السياسي في الصين في أن الحزب الشيوعي قد أبرم صفقة ضمنية مع الشعب، وبمقتضاها يقدم الحزب النمو الاقتصادي في مقابل قبول الشعب باستمراره.

 

ولكن واقع الأمر يثبت أن الإنجازات الاقتصادية التي تتحقق في الصين ستجعل الشعب أكثر تشبثًا بالحزب، بينما يشكل الإمساك بزمام الاقتصاد والأدوات الإنتاجية وسيلة غير ناجعة أثبتت فشلًا في العديد من التجارب السابقة، وأبرزها الاتحاد السوفيتي السابق.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.