نبض أرقام
11:09 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/10/02
2024/10/01

كيف يُصبح التضخم "العدو" الأبرز للأسواق الناشئة؟

2019/05/05 أرقام - خاص

يُعد التضخم أحد أهم مؤشرات الاقتصاد في أي دولة، فهو يعكس ما إذا كان نموها الاقتصادي حقيقياً أم زائفاً من جهة، ويؤشر لمدى تحسن مستوى معيشة الفرد، ولذا ازدادت أهميته مؤخراً في الدول الناشئة التي تشهد معدلات نمو عالية بشكل عام، ولكنها -في المقابل- تعاني ارتفاع معدلات التضخم.
 

 

تراجع عالمي
 

وبشكل عام، ووفقاً لدراسة للبنك الدولي، انخفضت معدلات التضخم عالمياً خلال العقود الأربعة الأخيرة بشكل ملحوظ، إذ تراجعت من 17% عام 1974 إلى 1.7% عام 2015، وفي الفترة نفسها تراجعت معدلات التضخم من 15% في الدول المتقدمة إلى 0.3%.
 

وهناك العديد من الأسباب التي ساهمت في تراجع معدلات التضخم عبر تلك الفترة الزمنية، لعل أولها امتصاص "الصدمة" الناجمة عن الزيادة المفاجئة في سعر النفط، وثانيها الزيادة الكبيرة في حجم التجارة العالمية والتي تجعل الأسعار أقل عرضة للتقلبات المتعلقة بدولة بعينها، وإن بقيت متغيرة بطبيعة الحال.
 

أما اقتصاديات الدول الناشئة فقد شهدت تراجعاً في متوسط معدلات التضخم أيضاً، من 17.3% عام 1974 إلى 3.5% عام 2017، ولكن اللافت أن مستويات التضخم عاودت الارتفاع عما كانت عليه عام 2015 (2.7%) والذي كان أقل معدل للتضخم تسجله تلك الدول في تاريخها، بما أدى للتأثير على معدلات التضخم العالمية برفعها عن مستويات 2015 المنخفضة.
 

وبسبب هذا الارتفاع في التضخم تضطر الدول النامية لإصدار سندات الدين الخاصة بها بنسب فائدة تفوق الدول المتقدمة بـ4-9% في المتوسط لتعويض المستثمرين عن التراجع في قيمة النقود من جهة، ولتوفير حافز اقتصادي للتغاضي عن المخاطر الاقتصادية من جهة أخرى.
 

فقدان استثمارات "محتملة"
 

وتشير الدراسة إلى أن الدول الناشئة تفقد قرابة 50% من الاستثمارات طويلة المدى المحتملة بسبب التذبذب في مستويات التضخم، خاصة في ظل قياس المستثمرين والشركات الدولية لكافة تعاملاتها بالعملات الرئيسية (دولار، يورو ...).
 

 

فالمستثمرون يجرون عملية حسابية بسيطة، بإزالة مستوى التضخم، والتغير في سعر الصرف من المعادلة عند الاستثمار في الدول النامية (أو الناشئة) وإذا جاءت العائدات المتوقعة أعلى من الاستثمار في الدول المتقدمة فإنهم يقدمون على الاستثمار فيها، وذلك لتعويضهم عن المخاطر المتعلقة بالاستقرار السياسي في تلك الدول.
 

وتظهر الأزمة في اضطرار الدول النامية لامتصاص معدلات التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة في البنوك، بحيث تمتص السيولة الزائدة من الأسواق فيقل المعروض النقدي، بما يفرض المزيد من الضغوط على الاقتصاد.
 

وتقدر الدراسة أن معدلات التضخم المرتفعة في الدول الناشئة كلفت اقتصاداتها حولي 30% من مستويات الدين الحالية التي تعانيها (في المتوسط)، بسبب اضطرارها لإصدار السندات بسعر فائدة أعلى في ظل "منافسة غير متوازنة" مع الدول المتقدمة، بل ومع بعض الدول المصنفة كدول نامية مثل الصين والهند.
 

الحل؟
 

وتشير الدراسة إلى ما تصفه بـ"الجانب الإيجابي" للتعرض للركود من وقت لآخر في الدول المتقدمة، حيث يعمل ذلك على الحفاظ على معدلات التضخم ضمن مستويات مقبولة، في الوقت الذي تسعى فيه الدول الناشئة لتحقيق معدلات نمو عالية بما يكبدها تحمل نسب تضخم عالية أيضاً.
 

كما أن بقاء الإنفاق على الغذاء عند نسب عالية في الأسواق الناشئة يزيد من ارتفاع نسب التضخم، بسبب ارتباطه بسلع لا بديل لها ومتقلبة الأسعار.
 

وتنفق الدول الناشئة 30-40% من الدخل على الغذاء، بينما تتراجع النسبة في الدول المتقدمة حتى لا تتعدى 10-20% بما يضمن درجة أكبر من السيطرة على التضخم في الدول المتقدمة التي لا تتأثر كثيراً بمستوى أسعار الغذاء العام.
 

 

وتؤشر دراسة لصندوق النقد الدولي إلى أن الأزمة التي تواجه الدول الناشئة –والنامية معها- في أن ربط أسعار الغذاء حول العالم من خلال أسواق عالمية جعل التضخم في أسعارها عالمياً كذلك، بما يجعل الأسواق الناشئة تعاني منافسة مع أصحاب المداخيل الأعلى في الدول المتقدمة.
 

والحل وفقاً للصندوق يتمثل في الحرص على "التوازن" في النمو، بحيث لا يتسبب في انفلات التضخم من عقاله، غير أن المنتدى الاقتصادي العالمي يؤشر لصعوبة ذلك في ظل حتمية اتباع الحكومات لسياسات "شعبوية" تحظى بدعم المواطنين حتى وإن افتقدت للكفاءة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.