نبض أرقام
02:28
توقيت مكة المكرمة

2024/07/12
2024/07/11

كيف أصبحت "ميتشجان" عماد صناعة السيارات الأمريكية؟

2019/05/12 أرقام - خاص

كثيرًا ما تشتهر دولة ما أو إحدى مقاطعاتها بإنتاج سلعة أو تقديم خدمة معينة، لتشكل عمادًا لاقتصادها، وتشكل ولاية "ميتشجان" الأمريكية حالة واضحة في هذا الإطار في ظل تفوقها في صناعة السيارات التي تشكل عماد اقتصاد هذه الولاية، بما أدى لنمو هذه الصناعة بشكل لافت هناك.
 

المنتدى الاقتصادي العالمي أجرى دراسة حول أسباب تفوق صناعة السيارات في الولاية الأمريكية، مرجعًا السبب وراء ذلك إلى تكامل عناصر الإنتاج كلها بشكل متفرد، بدءًا من المنظمين مرورًا بالعاملين وانتهاءً بالعامل الأهم البنية التحتية وسلطات الولاية.
 

 

عمالة متميزة
 

وفيما يتعلق بالعمالة، فإنه من أجل إمداد الصناعة بما تحتاجه من كوادر تعطي 16 جامعة وكلية درجات جامعية في هندسة السيارات والميكانيكا بما يفوق غالبية الولايات الأمريكية الأخرى في عدد الكليات في هذا المجال، و650 برنامجًا مهنيًا للتدريب على الأدوار المختلفة في صناعة السيارات.
 

واللافت هنا أن الولاية نفسها تتدخل بحيث توفر الدعم للمؤسسات التعليمية التي تقدم برامج تعليم أو تدريب خاصة بصناعة السيارات، ويصل الأمر إلى حد توفير الدعم المادي المباشر والمنح المقدمة من الولاية لدراسة هندسة وميكانيكا السيارات.
 

وجاءت النتيجة في وجود 57 ألف مهندس وفني عالي التدريب يفوقون ما يتواجد حتى في ولاية "بافاريا" الألمانية الغنية التي تعد وفقًا لتعريف البعض بمثابة "عاصمة صناعة السيارات العالمية"، بل وتمتلك الولاية قرابة 375 مركزًا لأبحاث السيارات تضعها في صدارة المناطق حول العالم في هذا المجال.
 

كما تتسم الولاية بوجود سلسلة قوية للتوريدات لصناعة السيارات، ولعل أبرزها حقيقة أن 36 من أكبر 100 مورد لمستلزمات صناعة السيارات في الولايات المتحدة يتركزون في الولاية، بل وتتسبب المنافسة الشديدة بينهم (مع بقية الموردين المحليين والعالميين أيضًا) في تقديمهم لخدماتهم بأسعار تقل 3-4% عن الموردين الآخرين بما يسهم في زيادة أرباح منتجي السيارات.
 

وينعكس هذا الحجم إيجابًا على الاقتصاد في الولاية، حيث يقدر حجم صناعة السيارات في الولايات المتحدة بحوالي 273 مليار دولار، وتبلغ مساهمة "ميتشجان" منها حوالي 57 مليار دولار، بما يجعلها تمد الاقتصاد الأمريكي بقرابة 21% من إنتاجه للسيارات (وهي ولاية من أصل خمسين أخرى).
 

الثورة الصناعية الرابعة
 

وما يزيد التأثير الإيجابي لمثل تلك الصناعة حقيقة أنها تتسم بدرجة عالية من التأثير من خلال مضاعف الإنفاق، حيث يتسبب الدولار الذي يتم إنفاقه في تلك الصناعة في توليد 1.83 دولار في مجالات أخرى، بما يعكس تخطي الآثار الإيجابية للصناعة لحدود إيراداتها المباشرة فحسب.
 

 

وتؤشر الدراسة إلى أن المرحلة المقبلة في صناعة السيارات في ميتشجان ستتعلق بالأساس بالثورة الصناعية الرابعة، ويقصد بها الاعتماد على الروبوتات والذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد، وغيرها من أشكال التكنولوجيا المتقدمة لدفع عجلة الإنتاج وتقليل كلفته.
 

وأقرت غالبية الشركات المنتجة للسيارات في الولاية برامج لتحسين الإنتاجية باستخدام ما يعرف بـ"الكابوت" (شكل من أشكال الروبوتات الصناعية) وبدأت بالفعل في دفع عجلة الإنتاج هناك ومن المتوقع أن يصل تأثيرها السنوي عام 2021 وعند اكتمال تلك البرامج إلى وفرة 2.1 مليار دولار.
 

ويمتد الأمر ليشمل استخدام تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في المعادن، مما سيوفر على تلك الشركات حوالي 2.7 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2021 أيضًا.
 

ووصلت معدلات تخفيض الكلفة بالنسبة لاستخدام تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة في بعض الحالات إلى توفير 90% من التكلفة، خاصة في حالات الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تجعل الخامات المستخدمة أقل وزنًا وكُلفة من جهة وتختصر الكثير من العمليات الإنتاجية من جهة أخرى.
 

دور حكومي
 

واللافت أن هذه البرامج لاستخدام تكنولوجيا الجيل الرابع لم تتزامن مع تراجع في عدد الوظائف، بمنطق إحلال الروبوتات للعمالة البشرية، ولكن استمرت معدلات التوظيف في التزايد بمعدلات قياسية تصل إلى 11.3% سنويًا، بما يعكس توظيف التكنولوجيا لخدمة الزيادة في الإنتاج وليس لاستبدال العمالة وتقليل التكلفة فحسب.
 

ولا يقتصر الدور "الحكومي" لولاية "ميتشجان" على تشجيع المؤسسات التعليمية فحسب، بل يمتد إلى ما تصفه الدراسة بـ"دور قديم جديد" بدأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا ويتمثل في توفير البنية التحتية الملائمة لصناعة السيارات.
 

 

ففي أعقاب الكساد الكبير أقرت الولاية برنامجًا موسعًا لتحفيز صناعة السيارات من خلال توفير طرق فرعية لخدمة المصانع مع إمدادها بكافة المرافق اللازمة، وكلف ذلك الأمر الولاية إنفاق حوالي ربع ميزانيتها للبنية التحتية لمدة 10 سنوات متتالية.
 

وتقر الدراسة أن تفوق ولاية ميتشجان في صناعة السيارات لم يكن محض صدفة أو بناء على عوامل طبيعية، بل تم رسم استراتيجية تكاملت فيها عوامل الإنتاج جميعًا لكي تقدم نموذجًا –يمكن محاكاته- في التفوق في صناعة بعينها وتحقيق نتائج قوية بها.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة