نبض أرقام
10:17 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

التعريفات الجمركية على السلع المكسيكية.. مجازفة أمريكية لها تكلفة اقتصادية وسياسية

2019/05/31 أرقام

قبل بضع سنوات فقط، كانت إمكانية اعتبار واردات الصلب الكندي والسيارات البريطانية تهديدًا للأمن القومي فكرة سخيفة ومثيرة للضحك في واشنطن، لكن الآن، أصبحت السيارات الأوروبية في مرمى التعريفات الجمركية الأمريكية فيما تم إعفاء المعادن الكندية منذ وقت قريب للغاية، بحسب تقرير لـ"بلومبرغ".

 

 

تطورت الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك، وكشف الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في تغريدة مساء الخميس، عن عزمه فرض رسوم جمركية على السلع المكسيكية، وأوضح بيان لاحق للبيت الأبيض أنه سيتم زيادة الرسوم بنسبة 5% شهريًا لتبلغ 25% بحلول أكتوبر.

 

حُجة لا أساس لها

 

- الحُجة القانونية لـ"ترامب" هي أوضاع الحدود الجنوبية للولايات المتحدة (الأمريكية - المكسيكية)، لكن في الحقيقية، فإن مخاوف التسرب غير الشرعي إلى داخل البلاد عند أدنى مستوياتها منذ ستينيات القرن الماضي، ومع ذلك يبدو أن الأمر يشكل حالة طوارئ وطنية بالنسبة للبيت الأبيض.

 

- إذا كان بمقدور المرء أن يجادل لتأكيد اعتقاده بكل وضوح بأن سيارة "فيات 500" المستوردة من أوروبا تشكل تهديدًا لسلامة البلاد، فلا شك سيكون بمقدوره أن يقف مدافعًا عن اعتقاداته الأخرى مهما كانت.

 

 

- الشيء الحقيقي الذي يدعو للقلق هو ما ستعنيه هذه الإجراءات بالنسبة لإدارة "ترامب" نفسها، وقدرة الولايات المتحدة على السعي عبر قنوات السياسات التجارية والدبلوماسية في آن واحد بعد ذلك.

 

- إثر انتشار الخبر في الأسواق، أصاب المستثمرين حالة من الارتباك، وانخفض البيزو المكسيكي بنسبة 2.1% في غضون دقائق، ملامسًا أدنى مستوياته في 3 أشهر، وتراجع سهم شركة "مازدا" التي تستورد جميع سياراتها المبيعة في الولايات المتحدة، بنسبة 8% خلال تعاملات طوكيو.

 

تكلفة اقتصادية

 

- من الواضح أن أي خطوة من هذا القبيل سوف تضر بقوة الشبكة المعقدة من سلاسل التوريد التصنيعية الممتدة بين الولايات المتحدة والمكسيك، علمًا بأن العديد منها مفيد لسوق العمل الأمريكي كما هو الحال بالضبط لنظيره المكسيكي.

 

- 36 من القيمة المضافة في صادرات المكسيك تأتي من دول أجنبية، أغلبها من الولايات المتحدة، كما يعد البلد ثاني أكبر مشتر أجنبي للبضائع الأمريكية، وبلغت قيمة هذا البند 265 مليار دولار عام 2018، بعد كندا التي سجلت 298.7 مليار دولار.

 

 

- بدءًا من صناعات مثل قطع غيار السيارات إلى أعمال النفط الخام الذي تستورده مصافي ساحل الخليج الأمريكي من المكسيك وتعيد تصديره في صورة بنزين وديزيل، هناك اقتصاد متكامل عابر للحدود سيقف في وجه هذه التحركات المدمرة.

 

- الأهم من ذلك، أن الإعلان المفاجئ وغير المتوقع عن تعريفات نسبتها 25%، يتسبب في أضرار يصعب معالجتها لصورة أمريكا كشريك جدير بالثقة، فالرسوم الجمركية التي فرضت العام الماضي على المعادن المكسيكية تم رفعها للتو، منذ أسبوعين فقط.

 

- قبل أشهر تم توقيع اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، والذي طالب وقاتل من أجله الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" طويلًا كي يحل محل اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية القديم، رغم أنه من المستبعد الموافقة عليه من قبل الكونجرس.

 

خسائر سياسية

 

- بدلًا من تقديم سياسة متسقة تتيح للحكومات والشركات الأجنبية في جميع أنحاء العالم معايرة سياستها مع بيئة واضحة، تُضعف تحركات "ترامب" علاقات بلاده مع حلفائها وتتسبب في مخاوف لرأس المال الذي سيضطر للتراجع وانتظار انقشاع الغيوم للتمكن من التنبؤ بشكل أفضل.

 

- في دراسة استقصائية شملت عددًا من الشركات الأمريكية أجراها الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، تبين تراجع توقعات الطلبيات الجديدة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2012، فيما تراجعت خطط الإنفاق الرأسمالي بشكل حاد عن مستوى الذروة المسجل مع تولي "ترامب" مهام الرئاسة.

 

 

- غالبًا ما يزعم أن هذه النوعية من عدم القدرة على توقع المستقبل تساعد الرئيس الأمريكي "ترامب" في وضع منافسيه الاستراتيجيين مثل الصين في موضع دفاعي متراجع، لكن المشكلة أن بكين ليست وحدها المرتبكة إزاء السياسات الأمريكية.

 

- حلفاء أمريكا في أوروبا وشرق آسيا وكندا والمكسيك وغيرها يتأكدون يومًا بعد الآخر، أن الاتفاقات مع الحكومة الأمريكية لا تكاد تستحق قيمة الورق المكتوبة عليه، وذلك في وقت تكثف فيه الصين جهودها لتقديم نفسها كشريك أكثر موثوقية والتزامًا بالعهود.

 

- حتى الآن، لا يبدو أن حلفاء أمريكا الأقرب سيميلون إلى الجانب الصيني الآخذ في التودد لهم، لكن كل تغريدة لـ"ترامب" وكل إجراء مماثل لفرض تعريفات على سلع المكسيك، يجعل هذه النتيجة أكثر احتمالًا.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.