نبض أرقام
02:33 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

هل أصبحت صناعة السيارات "استثماراً خطراً"؟

2019/06/16 أرقام - خاص

تُعاني صناعة السيارات خلال الأعوام الماضية من حالة شديدة من التقلب، في ظل عدم وضوح اتجاه المبيعات في المستقبل، وتأثرت المبيعات الإجمالية لمبيعات السيارات حول العالم بشدة بسبب ذلك، لا سيما مع ما يشهده العالم من توترات تجارية.

 

 

صناعة عملاقة ولكن

 

وتعد السيارات أحد أهم الصناعات عالمياً، حيث تقدر الجمعية العالمية لمصنعي السيارات حجم الصناعة بحوالي 2.75 تريليون دولار، بما يجعلها مساهمة بحوالي 3.65% من مجمل الناتج  المحلي الإجمالي العالمي.

 

ويشير موقع "ستاتيكا" المتخصص في السيارات إلى أن إجمالي مبيعاتها حول العالم بلغ 77.3 مليون سيارة عام 2016 و79 مليون سيارة عام 2017 و78.8 مليون سيارة عام 2018، بما يعكس حالة من "الثبات" تقريباً تعانيها صناعة السيارات.

 

والأزمة الحقيقية ليست فقط في الركود في المبيعات الحالية، ولكنها تمتد لتقدير اتجاهات المستقبل في التصنيع، ففي الوقت الذي تقدر "برايس ووتر هاوس كوبرز" أن السيارات ذاتية القيادة ستزيد نسبتها 40% عالمياً بحلول عام 2030، فيما ترى "ماكينزي" للاستشارات أن النسبة لن تتخطى 10% على أفضل تقدير.

 

كما تواجه الصناعة مأزقاً شبيهاً فيما يتعلق بمستقبل السيارات الخضراء في مواجهة تلك التي تستهلك الوقود بدرجة أكبر، ففي الوقت الحالي تزداد مبيعات السيارات الكهربائية (2% تقريباً من مبيعات السيارات حول العالم وفقاً لتقديرات "فوربس") في الوقت الذي تتزايد فيه مبيعات سيارات الـ"إس.يو.في"، لتشكل 38% من السوق العالمي.

 

رهان ضروري

 

وهنا على الشركات الإجابة عن تساؤل هام يتعلق بصورتها الذهنية لدى المستهلك، لا سيما في الدول المتقدمة التي تمنح اهتماماً أكبر بقضية البيئة، فالاستمرار في إنتاج السيارات "إس. يو. في" الملوثة للبيئة لا يتناسب بطبيعة الحال مع إنتاج مثيلتها الكهربائية (غالبية الشركات تقوم بذلك حالياً ولكنه سيكون عليها الاختيار في المستقبل القريب حفاظاً على صورة ذهنية متسقة لدى المستهلك).

 

وبطبيعة الحال فإن منتجي السيارات مضطرون لـ"الرهان" على اتجاهات السوق المستقبلية في هذا الشأن، فالتوسع في إنتاج تلك السيارات وإقرار إنشاء خطوط إنتاج لها ثم مواجهة حقيقة ضعف الطلب لن يقل فداحة عن عدم إقامة مثل تلك الخطوط ليسبق المنافسون ويتمتعون بميزة تنافسية يصعب تجاوزها.

 

 

وتبرز خطورة "الرهانات" المستقبلية لشركات السيارات مع أحجامها الكبيرة نسبياً، ومع أن سبعة شركات منها تشكل نصف إجمالي إيرادات الصناعة تقريبا: تويوتا 265 مليار دولار، فولكس فاجن 260 مليار دولار، دايملر 185 مليار دولار، جنرال موتورز 157 مليار دولار، وفورد 156 مليار دولار وهوندا 138  مليار دولار (الأرقام لعام 2018).

 

ويعكس هذا أنه يكفي أن تتخذ بعض تلك الشركات اختيارات خاطئة سيؤدي إلى تأثر الصناعة بشدة في ظل التمركز الشديد في الإنتاج في أيدي قلة من الشركات، فبعضها يمتلك حصصاً سوقية تقترب من 10% من إجمالي المبيعات.

 

اتجاهات مؤثرة

 

وفي الوقت الذي يشير تقرير "برايس ووتر هاوس كوبرز" إلى أن المسافات التي تقطعها السيارات ستزيد بنسبة 23% بحلول عام 2023، فإن التقرير يشدد على أن ذلك لا يعني بالضرورة زيادة مبيعات السيارات بنفس النسبة في ظل نمو اتجاهات متعددة قد تعرقل المبيعات.

 

لعل أول وأهم تلك العراقيل هي نمو النقل التشاركي، فمع تطبيقات مثل "أوبر"، وتطبيقات أخرى تساعد في إيصال الناس من نفس المناطق والاتجاهات معاً تقل الحاجة لشراء سيارات خاصة لدى كثيرين، حتى تشير تقديرات "أوبر" إلى أنها وفرت 1.2 مليون رحلة في الصين فحسب خلال عام واحد بسبب مشاركة الرحلات.

 

 

ومن الصعوبة بمكان تقييم تأثير مثل تلك الاتجاهات –الحديثة نسبياً- على مبيعات السيارات في المستقبل، إلا أن تأثيرها المتوقع يبقى سلبياً، بعد تأثيرها إيجاباً على مبيعات السيارات في بادئ الأمر، خاصة في بعض الدول النامية التي شهدت انتعاشاً لافتاً في مبيعات السيارات.

 

ويتضح من كل ما سبق استعراضه أن الأزمة الحقيقية التي تعترض صناعة السيارات في المستقبل "الغائم" وكثرة المرهنات التي يصعب معها اتباع سياسة إمساك العصا من المنتصف، ويجعل المخاطرة واجبة بما يضع الاستثمارات في هذا المجال في مخاطرات استثنائية في السنوات المقبلة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.