نبض أرقام
09:06 م
توقيت مكة المكرمة

2025/02/05
2025/02/04

الأزمة المالية وعالمية دبي

2010/05/30 الخليج ـ د . إبراهيم الدرمكي

كثيرة هي المدن التي تحاول جاهدة إيجاد موقع لها في شبكة المدن العالمية، في منطقة الشرق الأوسط تتصدر مدن دولة الإمارات العربية المتحدة هذه المدن حيث يتم عرض نماذج فريدة للتنمية في أبوظبي ودبي والشارقة .

وبرغم ما قيل حول تداعيات الأزمة المالية العالمية لا تزال مدن دولة الإمارات من الناحية العملية الوجهة المفضلة لأغلب الشركات العالمية والإقليمية كنتيجة لجهودها المتواصلة في تطوير بنية تحتية متقدمة .

الكثير من رجال الأعمال يفضلون دبي وأبوظبي في إدارة استثماراتهم لكثرة الوسائل المحفزة وتعدد الخيارات الاستثمارية .

لقد تم وصف دبي كأسرع مدينة تنمو على سطح الأرض، واعتبرت محوراً اقتصادياً إقليمياً وهي تمضي قدماً نحو العالمية مستفيدة من ربطها بين الأسواق الرئيسية (الأسواق الغربية) والأسواق الناشئة (الأسواق الآسيوية) .

وليس صحيحاً أن نموذج دبي مجرد مبانٍ زجاجية شاهقة وفنادق باهظة التكاليف، ومراكز تسوق ضخمة . إذ يعد نموذج دبي نموذجاً اقتصادياً تنموياً يملك رؤية واضحة وأهدافاً مرنة كفيلة باستدامة النجاح الذي حققته، فهي تملك بنية تحتية متطورة تعد الأفضل في الإقليم، ولا تزال تدير 47 محطة بحرية منتشرة في 35 دولة حول العالم، رافعة شعار “الشمس لا تغيب عن دبي العالمية” .

وبها أكبر ميناء صناعي في العالم، مع توقعات بتعامل مطارها الدولي مع 46 مليون مسافر بنهاية العام الحالي، فضلاً عن احتضانها لقائمة طويلة من المكونات الحضرية تضم ألقاباً ريادية كالأكبر والأضخم والأفخم والأطول في العالم .

لكن يبدو أن العنصر الإعلامي في الأزمة المالية العالمية أخذ حجماً مبالغاً فيه، حتى ربما ظن بعض المحللين أنهم كانوا محقين في ما يكتبون عن دبي . ففي واقع الأمر تعتبر التحليلات الإعلامية التي تناولت اقتصاد دبي رغم هامشيتها اعترافاً ضمنياً بأهمية المدينة على المستويين الإقليمي والعالمي . الجزء الأكبر من هذه الكتابات كان مولعاً بالأطروحات السلبية، وبحسب بعض الاقتصاديين الأوربيين فإن المحللين والمعلقين والأسواق الأجنبية بالغت في ردود أفعالها . إذ إن تداعيات الأزمة المالية لم تمثل تحدياً كبيراً لدبي فحسب، بل لاقتصاديات أغنى مدن العالم فلم تسلم منها نيويورك ولندن وطوكيو . لقد باتت عملية هيكلة ديون مجموعة دبي العالمية ووحدتاها العقاريتان نخيل وليمتلس إجراء في غاية الذكاء، وهي من التدابير المتوقعة كنتاج طبيعي للمناخ الاقتصادي العالمي الحالي . فضلا عن أن المدن الدينامية كدبي والتي لا تفتأ تكافح للتطوير تكون عرضة لاختبارات صعبة خلال طريقها الذي رسمته لبلوغ العالمية .

وكما قال أحد المسؤولين بصندوق النقد الدولي: “إن الإمارات ليست مجرد دبي وإن دبي ليست مجرد مجموعة دبي العالمية” . وبأداء مثير للدهشة تحاول دبي مواكبة التغيرات والعيش مع الواقع بآلياته، ليس ذلك فقط بل إن دبي تعيش حالياً مرحلة جني ثمار الأزمة المالية العالمية والتي من أهمها: التدليل على الانسجام الداخلي لدولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعباً بعد قرار أبو ظبي بدعم مجموعة دبي العالمية، ووقوف دبي على جوانب ضعفها وحدود قدراتها وإبراز مواهبها، وبشكل منقطع النظير كسبت دبي عملية مكثفة من التعرف والتعريف بالمدينة من خلال ما كتب عنها سواء بالتحامل أو بالتحليل .

عموماً، استطاعت مدن دولة الإمارات خلال العقود الثلاثة الماضية استثمار موقفها من الاستقرار في منطقة تتسم بالصراع وعدم الاستقرار، ونجحت في مواجهة التحديات وتوظيف الإمكانات وتحقيق الكثير من المكاسب . على أن ذلك التطور لم يخلُ من بعض المخاطر والسلبيات وهناك مع ذلك قضايا يجب معالجتها: بدءا من مشكلة التركيبة السكانية ومرورا بواقع الحياة الثقافية والاجتماعية التي تشهد إغراقاً ثقافياً تمارسه العولمة الثقافية من خلال ما تزج به من مفردات وممارسات تبث أصداء سلبية وعادات دخيلة على مجتمع الإمارات أدت بدورها إلى ضعف بعض الملامح الإسلامية والعربية .

لقد بات موقف اللغة العربية ضعيفاً إزاء انتشار اللغات الأخرى . ومن القضايا التي ينبغي الاهتمام بها .

جانب آخر مهم في تطوير مدن دولة الإمارات، الحاجة إلى التسريع في تطوير النظم والقوانين الاتحادية للتعامل المثمر مع الأوضاع الاقتصادية الجديدة . يفضل توزيع المسؤوليات لتجنب الازدواجية في المهام وعدم تكرار بعض المشاريع الإستراتيجية بين هذه المدن .

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.