لا يستطيع الدائن الرجوع مباشرة على الكفيل ما لم يطالب المدين أولا بالدين، فإذا لم يسدد المدين ما عليه يكون من حق الدائن بعد ذلك الرجوع على الكفيل، فالتزام الكفيل هو التزام تابع للالتزام الأصلي للمدين، ومتى كان ذلك فإن من حق الكفيل أن يمنع الدائن من التنفيذ على أمواله قبل أن يبدأ بالتنفيذ على أموال المدين الأصلي. فإذا أقيمت الدعوى عليه قبل المدين أو اتخذت إجراءات التنفيذ ضده بموجب سند الدين الرسمي المذيل بالصيغة التنفيذية يمكن له أن يطلب تجريد المدين أولا.
وحقيقة، فإن الدفع بالتجريد، والمنصوص عليه في المادة 760 من القانون المدني يؤدي إلى اختصار الإجراءات ذلك أنه بدلا من أن يرجع الكفيل على المدين بعد سداد الدين عنه، يرجع الدائن مباشرة على المدين ويستوفي منه دينه.
والكفيل الذي له حق الدفع بتجريد المدين هو الكفيل الشخصي الذي يضمن الدين عن طريق ضم ذمته المالية إلى ذمة المدين الأصلي، فيلتزم التزاما شخصيا ولا تنحصر مسؤوليته بمال معين كما هي الحال بالنسبة للكفيل العيني، الذي تقتصر مسؤوليته على المال الذي رهنه من أجل الدين. إلا إذا وجد اتفاق على أن الدائن لا ينفذ على هذا المال قبل التنفيذ على أموال المدين، ففي هذه الحالة يكون للكفيل العيني حق التمسك بالدفع بالتجريد.
وكذلك الكفيل المتضامن لا يمكنه مواجهة الدائن بالدفع بتجريد المدين أولا. لأن من حق الدائن في الكفالة التضامنية الرجوع على أي من المدين أو الكفيل المتضامن والدفع بتجريد المدين من أمواله حق خالص للكفيل، ومن ثم لا تستطيع المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، فلابد للكفيل أن يتمسك بهذا الدفع أمام المحكمة التي لها السلطة التقديرية في إجابته أو رفضه، والكفيل يمكن له أن يتمسك بهذا الدفع في أي وقت وفي أي حالة كانت عليها الدعوى، ما لم يتبين من سلوكه وأقواله أنه تنازل عنه، وقد يكون هذا التنازل صريحا كأن يرد في عقد الكفالة، وقد يكون ضمنيا كأن لا يتمسك الكفيل بالدفع رغم توافر شروطه، وفي جميع الحالات يجب أن يكون التنازل قاطعا يفيد بتنازل الكفيل عن هذا الحق، وعند الشك يفسر الأمر لمصلحة الكفيل بما يعني عدم تنازله عن الدفع بالتجريد.
وتنص المادة 761 على ان الكفيل إذا طلب تجريد المدين وجب عليه إرشاد الدائن على نفقته إلى أموال المدين، علاوة على إثبات ان تلك الأموال تكفي للوفاء بكامل الدين. فلا عبرة للإرشاد إذا كانت أموال المدين لا تفي إلا بجزء من الدين، ويجب ان تكون هذه الأموال غير متنازع عليها وموجودة في الكويت، فلا يكفي ان تكون هذه الأموال كافية لسداد الدين كله، بل يجب أيضا ان تكون في ملكية المدين دون منازعة وموجودة في الكويت، حتى يمكن للدائن التنفيذ عليها.
وإذا أجابت المحكمة طلب الكفيل بتجريد المدين، ترتب على ذلك وقف إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل، ولكن يجوز للدائن اتخاذ إجراءات تحفظية على أموال الكفيل أثناء نظر الدعوى، لأنه من غير المؤكد إجابة الكفيل إلى طلبه بتجريد المدين.
وعلى الدائن أن يقوم بالتنفيذ على أموال المدين التي أرشد عنها الكفيل، فإذا تأخر الدائن في ذلك ثم أعسر المدين أو قام بالتصرف في هذه الأموال، فإن الدائن هو الذي يتحمّل تبعة تقصيره وإهماله في اتخاذ الإجراءات، وتبرأ ذمة الكفيل من الدين. وإذا قام الدائن بالتنفيذ على أموال المدين التي ارشد عنها الكفيل، ولم يحصل على دينه كاملا، يحق له الرجوع على الكفيل بالباقي.
وفي بعض الأحوال قد يضع المدين تحت تصرف الدائن مالا من أمواله ضمانا للدين مثل رهن عقار مملوك للمدين أو منقول، بحيث يكون هذا المال المرهون المملوك للمدين قد خصص لضمان الدين.
وإضافة إلى ذلك يجوز ان تكون هناك كفالة شخصية إلى جانب الكفالة العينية. ففي هذه الحالة يجوز للكفيل، إذا لم يكن متضامنا مع المدين ان يطلب التنفيذ على المال المرهون المخصص لضمان الدين قبل التنفيذ على أمواله هو، والمحكمة لن تقضي بذلك من تلقاء نفسها، بل يجب على الكفيل ان يتمسك به ويطلبه من المحكمة، وإلا اعتبر متنازلا عنه.
وإذا توافرت شروط الدفع بالتجريد للتنفيذ على الأموال المخصصة لضمان الدين وجب على القاضي قبول الطلب، لأنه لا يجوز التنفيذ على أموال الكفيل بوجود أموال مخصصة لضمان الدين، ولا يشترط ان يكون هذا المال المخصص لضمان الدين كافيا لسداد الدين كله، حيث يتم الرجوع بالباقي على الكفيل، أما إذا كان المال كافيا لسداد الدين يستوفي الدائن حقه منه وينقضي التزام الكفيل تبعا لانقضاء التزام المدين.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: