نبض أرقام
02:48 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

عبد العزيز الغرير في حوار صريح مع الخليج: خارطة طريق من 5 مسارات ضرورة للتعافي

2011/03/06 الخليج

رسم عبدالعزيز الغرير رئيس المجلس الوطني الرئيس التنفيذي لبنك المشرق خارطة طريق لإنعاش الاقتصاد الوطني والخروج به من نفق تداعيات الأزمة المالية العالمية، مؤكداً أن الحكومة نجحت في تخطي الأزمة في بداياتها بفضل القرارات السريعة التي اتخذتها من ضخ سيولة وتأمين الودائع وغيرها، أما الآن وفي هذه المرحلة الصعبة من عمر الأزمة فإنها مطالبة باتخاذ إجراءات سريعة وقرارات حاسمة لتحفيز الاقتصاد الوطني الذي يراوح مكانه ولا يشهد أي نمو .

وحدد الغرير مجموعة من الإجراءات التي من شأنها إنعاش وتحفيز القطاع الاقتصادي، وأكد عدم تفاؤله بقدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق أي نمو حقيقي في قطاعاته غير النفطية ما لم تطبق هذه الإجراءات ومنها:

أولاً: طرح مشاريع عملاقة على المستوى الحكومي من بنية تحتية وتعليم وتدريس وموانئ وإسكان وصحة .

ثانياً: لابد من وجود اجراءات على المستوى الحكومي بخفض نسبة الفائدة فوراً .

ثالثاً: آن الأوان لكي يعود إلى البنوك الاحتياطي الإلزامي الذي تضعه في المصرف المركزي والبالغ 71 مليار درهم .

رابعاً: وجود نافذة في البنك المركزي بشكل دائم لشهادات الاستثمار .

خامساً: ضخ سيولة من الصناديق السيادية سريعا عبر المؤسسات الحكومية .

وقال بمنتهى الشفافية والوضوح في حواره الشامل مع “الخليج” إن القطاع المصرفي متقدم على القطاع الاقتصادي الذي يعاني مشاكل حقيقية، فالقطاع الاقتصادي “مكانك سر” ولا يسجل أي نمو ويسيطر عليه الهدوء التام، لافتاً إلى أن نسب النمو في الاقتصاد تعود إلى ارتفاع عائدات النفط، أما القطاعات الأخرى فهي تسجل تراجعاً ملموساً، مطالباً المسؤولين بالتحلي بالجرأة والإعلان عن نسبة النمو أو التراجع في الاقتصاد بدون القطاع النفطي، مؤكداً أن المواطن العادي يستشعر ذلك التراجع من خلال عدة مؤشرات أهمها مؤشر أسواق الأسهم التي تراجعت قيمتها السوقية بأكثر من 60% منذ 2008 إلى الآن .

وفي ما يلي نص الحوار:


* المستثمر، التاجر، المقاول، المصرفي، رجل الشارع العادي، كل هؤلاء يريدون أن يعرفوا واقع اقتصادنا الوطني بمختلف قطاعاته، القطاع المصرفي، القطاع المالي، القطاع العقاري، وغيرها من القطاعات الأخرى . فما تقييمكم لواقع اقتصادنا الوطني بمختلف قطاعاته؟
- دعنا نتحدث أولاً عن القطاع المصرفي:
مع بداية الأزمة المالية العالمية في العام 2008 سادت حالة من عدم المعرفة وانتاب الأفراد شعور مبهم حول واقع القطاع المصرفي وما ستؤول إليه الأزمة المالية العالمية بهذا القطاع، هل ستعصف به أم سيستطيع تجاوز تحدياتها بسلام، والحقيقة أن القطاع المصرفي في الإمارات أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه قطاع قوي ومتين، واستطاع أن يتجاوز الأزمة بكل شفافية ومصداقية وبكل عزم أيضاً واضعاً نصب عينه أن هناك أزمة مالية تعصف بالأسواق، وأن القطاع المصرفي جزء من هذه الأسواق .

لقد وضع القطاع المصرفي مجموعة من الأدوات والمعالجات التي دفعته إلى تجاوز تداعيات الأزمة فجاءت نتائج البنوك مقبولة بل جيدة في ظل تهاوي مصارف عالمية، في الودائع تنمو ولاتزال خلال السنوات الثلاث للأزمة حتى الآن لتغطي الفجوة وتفوق مستوى الإقراض، وكذلك شهد الإقراض نمواً وإن كان بسيطاً، أما ملاءة البنوك وكفاية رأسمالها الآن فهي الأفضل في تاريخ دولة الإمارات، فالمشهد يؤكد أن وضع المصارف جيد وأرى أن المصارف تمتلك الجرأة الكافية لتجنيب مزيد من المخصصات خلال المرحلة القادمة وأنا أظن أنه لا توجد مشكلة في القطاع المصرفي بقدر ما توجد مشكلة في القطاع الاقتصادي .

* إذن لا يوجد أي خوف على القطاع المصرفي؟
- نعم، فالقطاع المصرفي متقدم عن القطاع الاقتصادي الذي يعاني مشاكل حقيقية، فالقطاع الاقتصادي “مكانك سر” ولا يسجل أي نمو حقيقي في العديد من قطاعاته غير النفطية، ويسيطر عليه الهدوء التام، وبمنتهى الشفافية والحقيقة أقول إنني يمكن أن أكون متفائلاً بأداء القطاع الاقتصادي إذا تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات السريعة التي تحفز وتسرع نمو الاقتصاد الوطني في الدولة والا ستمر علينا ثلاث سنوات كاملة ونحن مكانك سر دون أي نمو أو تقدم في الاقتصاد .

إن الدول تقاس بنمو اقتصادها فيقولون هذه الدولة تنمو بمعدل 4% أو 5%، فالهند مثلاً تنمو بنسبة 10% وهذا النمو ينعكس على الشعب، الذي يستفيد من هذا النمو، فالفرد الهندي أو الصيني مثلاً دخله قبل 20 سنة مختلف تماماً عن دخله اليوم، وما هو السبب؟ السبب أن الاقتصاد ينمو، خاصة في الوقت الراهن فإن الشعوب تطالب حالياً بتحسين أوضاع معيشتها .

أرى أن السبيل الوحيد لتحسين المستوى المعيشي للمواطن في كل دول العالم هو تحسين المناعة الاقتصادية، وهنا يجب أن نشير إلى أن دولة الإمارات دائماً سباقة في الاقتصاد وفي حرية الاقتصاد فقوانينا وإجراءاتنا الاقتصادية من الأفضل ولكن هذا لايكفي فالمطلوب تحديثها لمواكبة المتغيرات، وهناك حاجة إلى قرارات سريعة لإعادة العجلة إلى الدوران .

* ذكرتم أن تفاؤلكم مرتبط بمجموعة من الإجراءات التي يجب أن تنفذ لتحفيز الاقتصاد الوطني ما هذه الإجراءات؟
- لكي يتحرك الاقتصاد الوطني هناك مجموعة من الإجراءات التي شاهدناها على مستوى العالم منها على سبيل المثال خطة الإنقاذ التي أقرت في أمريكا وأوروبا بضخ 800 مليار دولار لتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار والإنتاجية، وأذكر هنا أن الولايات المتحدة لجأت إلى تجاوز تشريعاتها حيث اتخذت إجراءات كانت محرمة وسموها “التيسير الكمي” بضخ 600 مليار دولار أخيراً بعد أن كانت قد ضخت 1،7 تريليون دولار في السوق الأمريكي بطبع أوراق نقدية وضخها مباشرة في السوق وفي القطاعات الاقتصادية المختلفة مؤكدين هنا حقيقة واقعية وهي أن “مشكلة الركود أهم وأخطر من التضخم” .

* هل يعني كلامكم أننا بحاجة لطبع نقود وضخها في السوق؟
- أنا لا أقول الآن، ولكن هناك مجموعة من الإجراءات تأتي أولاً ويجب اتخاذها فوراً ولنترك طبع الأموال ليكون سلاحنا الأخير، فلابد أن تكون هناك خطة لتحفيز الاقتصاد، وأقول هنا إن الحكومة من خلال إجراءاتها من ضخ سيولة وتأمين الودائع وغيرها نجحت في تخطي الفترة الأولى من الأزمة، أما الآن فهي مرحلة جديدة تحتاج إلى قرارات وإجراءات جديدة أيضاً تتناسب معها .

* إذن ما هذه الإجراءات، أو ما هذه الخطة المحفزة للاقتصاد؟
- أولاً: لابد الآن من طرح مشاريع على المستوى الحكومي سواء مشاريع بنية تحتية وتعليم وتدريس وموانئ وإسكان وصحة، وذلك لتحريك الاقتصاد، وأود هنا أن أشير إلى أن مشروع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، باستثمار 7 .5 مليار درهم لمشاريع مياه وكهرباء في الإمارات الشمالية جاء في الوقت المناسب وهو على درجة عالية من الاهمية، ولكن هل هذا المشروع يكفي لتحريك الاقتصاد ككل، قطعاً لا يكفي، فالاقتصاد بحاجة إلى العديد من هذه المشاريع الناجحة، فمشروع صاحب السمو رئيس الدولة خطوة لحل معالجة ماسة لتوفير الكهرباء والماء التي تحتاج لها المصانع والشركات وكذلك البيوت، فإذا وجدت الكهرباء وجد النمو للمصانع والشركات، وأقول إن هذه المبادرات والقرارات العملاقة والكبيرة ستحفز الاقتصاد .

ثانياً: مهم جداً أن تتم معالجة سعر الفائدة، فسعر الفائدة في دولة الإمارات مرتفع جداً على المقترض وعلى المودع، فالمودع “مهيص وسعيد” لأن البنوك دفعت السنة الماضية نسبة تتراوح بين 4-6% على الودائع في حين تراوحت نسبة الفائدة عند جيراننا من دول المنطقة 1-5 .1% وأمريكا أقل من واحد في المئة، وهذا يؤدي إلى غلاء في تكلفة الإقراض وما يتبعه من شح في السيولة، والسبب الرئيسي في عدم قدرتنا على خفض سقف أسعار الفائدة المرتفع هو أن المؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية والمؤسسات شبه الحكومية تجري مزاداً على ودائعها، ومن هنا يأتي التنافس على الوديعة وتزيد نسبة الفائدة عليها، فإذا حصلت على وديعة حكومية بنسبة فائدة 4% فكم ستبلغ نسبة الفائدة على الإقراض؟

* كيف يمكن أو ما الآلية لخفض أسعار الفائدة؟
- لابد من وجود توجيه على المستوى الحكومي بالقبول بخفض نسبة الفائدة، فإذا حصلت على ودائع من المؤسسات الحكومية بنسبة 2% فإن التكلفة على الإقراض ستنخفض ومن ثم ستزيد السيولة في الأسواق وستعم الاستفادة على الجميع . كيف؟ أقول الآن يتجاوز حجم الإقراض للقطاع المصرفي في الدولة التريليون درهم فإذا تم تخفيض نسبة الفائدة 2% فإن الاقتصاد الوطني سيستفيد بمقدار 20 مليار درهم، تقليص تكلفة التشغيل له مميزات كثيرة للاقتصاد، إنه أحد أهم محفزات الاقتصاد، والحكومة ستستفيد كذلك، وأقولها صراحة لا أحد يستفيد الآن من هذه الأسعار المرتفعة للفائدة .

* هل يستطيع البنك المركزي أن يخفض سعر الفائدة؟
- البنك المركزي حاول أن يخفض سعر الإقراض بين البنوك بتدخل سري “يا بنوك خفضي”، لكن الواقع شيء آخر، البنك المركزي يريد أن يكون الانتر بنك 1،5% لكن الفائدة على الودائع عند 5% هذا لا يجوز، فالتدخل الشكلي شيء، أما التدخل الواقعي فشيء آخر، فعلى كافة الجهات الحكومية وشبه الحكومية تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة بقبول أسعار فائدة منخفضة وذلك لأولوية المرحلة الحرجة الحالية، كما أن الحكومة ستستفيد كذلك لأنها مقترضة أيضا .

* ما طرحته حالياً من الناحية النظرية رائع ولكن على أرض الواقع كيف يمكن تطبيقه؟
- تحتاج إلى قرار جريء من أصحاب القرار أو على مستوى مجلس الوزراء فالمسؤول عن مؤسسة حكومية لا يستطيع اتخاذ قرار بخفض أسعار الفائدة من تلقاء نفسه على ودائع مؤسسته، والا تعرض إلى مساءلة ديوان المحاسبة، أتحدث هنا عن “قرار سياسي” يعطي الأولوية لدعم الاقتصاد .

* في الشأن ذاته هل تطالب بتخفيض الفائدة على وديعة ال 50 ملياراً التي ضختها الحكومة في القطاع المصرفي؟
- ليس هذا فحسب بل أطالب بتخفيض الفائدة على كافة أشكال الودائع عبر قرار يتخذ على المستويين الاتحادي والمحلي حتى تعم الإفادة الجميع .

* تحدثنا عن طرح مشاريع عملاقة لتحفيز الاقتصاد وضرورة ملحة لخفض نسبة الفائدة . ماذا أيضاً عن الإجراءات التي يجب أن تتخذ لإصلاح الوضع الاقتصادي؟
- ثالثاً: السؤال الأهم الآن الذي يدور في أذهان الجميع من أين نأتي بالسيولة، أسمعهم دائماً يقولون “من وين تجيب البيزات (السيولة) من وين تجيب البيزات”، وأقول إنه آن الأوان لكي تحصل البنوك على الاحتياطي الإلزامي الذي تضعه في المصرف المركزي والبالغ 71 مليار درهم أي ما يعادل 7% من حجم الإقراض الكلي، فلو تحررت هذه المبالغ تستطيع البنوك أن تقرضها من جديد فهي سيولة منخفضة الكلفة، مع العلم أن غالبية الدول المجاورة تبلغ فيها نسبة الاحتياطي الإلزامي 3% تقريباً من حجم الإقراض الكلي، فالمقترض يحتاج من يساعده، فهذا الاحتياط الإلزامي يستخدم عادة في حالة الانفلات في الإقراض أو التضخم الكبير بسبب الإقراض، فهي أداة مالية لامتصاص السيولة من السوق، والآن السوق متعطش إلى هذه السيولة ويوجد شح في الإقراض . وأشير إلى أن هذا القرار اتخذ منذ 20 سنة ولم تتم مراجعته، فإذا كان وزير المالية ووزير الاقتصاد ومحافظ المصرف المركزي في اجتماعهم قبل أسبوع يناشدون البنوك الإقراض، فالسؤال من أين ستقرض هذه البنوك؟

رابعاً: يجب إيجاد نافذة في البنك المركزي بشكل دائم لشهادات الاستثمار بتصنيف AAA وAA وA وذلك لأن البنوك تحتفظ بجزء كبير من سيولتها في استثمارات خارجية وهو أمر معتمد في جميع الدول، أما في الإمارات فقد سمح به المصرف المركزي مرة واحدة فقط خلال فترة الأزمة، ومن ثم أغلق هذه النافذة، وأؤكد أن نافذة شهادات الاستثمار هذه تمنح راحة البال للبنك بدلاً من اللهاث وراء الودائع والاحتفاظ بالسيولة بغرض عدم التعرض للضغط مستقبلاً .

خامساً: ما المانع من قيام الصناديق السيادية بضخ سيولة حالياً عبر المؤسسات الحكومية، ومازلت أتحدث عن 150 ملياراً، وهذه السيولة يمكن أن تسحب بعد عام بعد عودة الأوضاع إلى طبيعتها .

إذن فالحكومة تمتلك العديد من الأدوات التي من شأنها تحفيز ودفع الاقتصاد، لا يمكننا أن نقول إن كل شيء بخير ولا توجد أزمة، هذا كلام غير صائب، فإذا أخذنا القيمة السوقية لأسواق المال كمعيار على الأداء، في عام 2003 كانت القيمة السوقية 140 مليار درهم، وفي عام 2008 أي عشية الأزمة 883 ملياراً واليوم 354 مليار درهم .

* هذا صحيح، ولكن في 2003 لم يكن قد تم إدراج 20 شركة جديدة بعد؟
- صحيح، قارن بين 2008 والآن، التراجع في القيمة السوقية يبلغ 60% تقريباً، أي أن هناك أزمة، والاقتصاد بحاجة إلى تحريك .

* من وجهة نظرك ماذا يحتاج سوق الأسهم؟ لماذا إذا انخفضت أسواق الأسهم في دولة ما تقع في نهاية العالم تنخفض الأسواق لدينا متأثرة بها، وكذلك إذا انخفضت الأسواق في دولة قريبة منا فإن أسواقنا تهوي، مع العلم أن الاستثمارات الأجنبية في اسواقنا لا تتجاوز 4% من الإجمالي، فأين يكمن الهلع، ومن أين يتشكل؟
- المسألة مسألة ثقة في الاقتصاد، الآن تباع الأسهم بأقل من قيمتها الدفترية، هذا لم يحدث في تاريخ الإمارات، فسوق الأسهم يعتمد على الثقة في الاقتصاد فإذا حدث نمو فيه سيتبعه فوراً انتعاش في أسواق المال، والثقة لها مؤشرات وبعض الإجراءات ستنعش الاقتصاد وكذلك أسواق المال .

* في ضوء ذلك هل تحتاج الأسواق إلى تعديل أو زيادة في التشريعات؟
- في الحقيقة أسواق المال في الوقت الحاضر لا تحتاج إلى أي تشريعات جديدة، ولكن يجب أن نشير هنا إلى بعض الأدوات الموجودة وبعض التشريعات المتخلفة جداً والخاصة بالشركات نأمل أن يعالجها قانون الشركات الجديد حيث يجب أن تضاهي الدول المتقدمة .

ونعود مجدداً لنؤكد ونقول إنه إذا استعاد الاقتصاد عافيته وشهد نشاطاً ملحوظاً فإن أسواق المال أيضاً ستشهد نشاطاً كبيراً وذلك عن طريق الإجراءات التي حددناها سابقاً ومن أبرزها الإجراءات السريعة كخفض نسبة الفائدة وضخ سيولة وعودة الاحتياطي الإلزامي للبنوك لتدويره عبر قروض، كل ذلك سينعش الاقتصاد سريعاً مثل الدول المجاورة، أما المشاريع والمبادرات العملاقة فهي لدعم الاقتصاد على المدى الطويل، وأقولها صراحة إذا تحرك الاقتصاد فأنا متفائل جداً بسوق الأسهم .

* وماذا عن سوق العقار والقطاع العقاري؟
- في الواقع سوق العقار يأخذ وقتاً للتعافي قد يطول إلى سبع سنوات أمضينا ثلاثاً منها، أما سوق الأسهم فإن التعافي يأتي فور تحريك الاقتصاد وانتعاشه .

* كيف تنظر إلى الأحداث الجارية من حولنا اقتصادياً؟
- أعتقد أن دولة الإمارات بما تتمتع به من تقدم بقوانينها وفكرها وقيادتها وبنياتها التحتية واستقرارها السياسي والأمني وقبولها كمركز تجاري عالمي، وكمركز مصرفي عالمي، قادرة على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية .

انظر إلى مركز دبي المالي العالمي لايزال يتدفق عليه العديد من الشركات التي تسعى إلى الدخول للإمارات والمنطقة عبر بوابة هذا الصرح المالي العالمي الكبير، والآن في خضم هذه الأحداث لن يجد المستثمر الأجنبي أفضل من الإمارات لتوسعة أعماله بفضل ما تتمتع به الإمارات من ميزات فريدة، فنحن على أول القائمة سياحياً ومالياً واستثمارياً، هناك مؤشرات ولكن يجب أن تستغلها .

* كيف يمكن تحفيز المستثمرين، وكيف يمكن أن نستغل هذه المؤشرات كما ذكرتم؟
- أنا أرى أن اقتصاد دولة الإمارات قام وسيعتمد في الجزء الأكبر على مواطني دولة الإمارات، نحن دائماً نرحب بالاستثمارات الأجنبية ولكن الأولوية دائماً يجب أن تكون لدعم تجارة واقتصاد دولة الإمارات، فهذا يشكل 70 -80% من المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني، أما فيما يخص الاستثمارات الأجنبية فلابد أن نسوق لها، لابد أن نسعى للترويج واستقطاب المشاريع العملاقة التي تمثل قيمة مضافة للدولة .

وهنا وفي هذا السياق نشيد بصندوق صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله “لتمكين المواطنين” فهو يساعد ويدفع المواطنين إلى العمل في القطاع الخاص، وهو ما يخلق وظائف جديدة لهم .

كما أن القطاع المصرفي لعب دوراً مهماً وتحمل المسؤولية الكبيرة في ذلك، ووصلت نسبة التوطين في المصارف إلى حدود 40%، وهنا يجب على كل شركات القطاع الخاص أن تباشر سياسة التوطين من ناحية ومن ناحية أخرى على المواطن أن يتقبل مفهوم التوظيف في القطاع الخاص .

* لنعود إلى قضية أساسية أثرتها وهي أن القطاع المصرفي نما أفضل من القطاع الاقتصادي على الرغم من أن الاحصائيات الرسمية تشير إلى وجود نمو في القطاع الاقتصادي؟
- بكل شفافية يجب فصل النمو في القطاعات الاقتصادية عن القطاع النفطي أولاً ثم يضاف إليها القطاع النفطي، فعملياً ارتفاع عوائد النفط ونموه هو الذي يدفع إلى ظهور نسب نمو في الاقتصاد لكن في حقيقة الأمر، إذا تم استبعاد هذا النمو الحاصل في القطاع النفطي فإن الاقتصاد سيسجل تراجعاً، يجب أن تكون لدينا الجرأة بالإعلان عن نسبة النمو أو التراجع في الاقتصاد بدون القطاع النفطي، لأن المواطن يستشعر ذلك، أفضل مؤشر عند المواطن على تراجع النمو هو مؤشر أسواق الأسهم، فالقيمة السوقية تراجعت 60%، فأين النمو وهو أحد المؤشرات المهمة، ونحن هنا نطالب بفصل مؤشرات نمو الناتج المحلي بدون النفط ثم دمج القطاع النفطي بحيث يصبح لدينا رقمان منفصلان .

* بالعودة إلى القطاع المصرفي، من وجهة نظركم، هل حان الوقت لإغلاق باب المخصصات؟
- باب المخصصات يجب ألا يغلق أبداً، ويجب على البنوك أن تكون لديها الشجاعة الكافية والشفافية الكاملة بتجنيب المخصصات المطلوبة، وعلى السوق أن يكافئ هذه البنوك على إفصاحاتها وعلى شفافيتها، ومن هنا جاء تعميم البنك المركزي بشأن المخصصات الذي يهدف إلى توحيد المعايير بين جميع البنوك .

هل هذا يؤثر على بعض البنوك؟ نعم يؤثر وبخاصة البنوك التي لم تقم بتجنيب أي مخصصات سابقاً .

 هل هذا التعميم شديد؟ نعم هو شديد .

هل توقيته مناسب؟ قد يكون التوقيت غير مناسب .

أنا مع تعميم البنك المركزي حتى ولو كان سيؤثر على بعض البنوك .

الآن نحن نتعامل مع تصنيفات جديدة للديون المشكوك في تحصيلها، فمثلاً إذا مر 90 يوماً بدون تحصيل الأقساط نحن نضغط على الزبائن وفقاً لتعليمات المركزي بما يضمن حق البنوك، أما في السابق فكان هناك تساهل كبير في هذا الشأن .

* وماذا عن تعميم المركزي الجديد بشأن الرسوم والعمولات؟
- في ما يتعلق بالقرار الخاص ببطاقات الائتمان وعدم منح بطاقات لأفراد ذوي دخل أقل من خمسة آلاف درهم شهرياً فهو جيد جداً، وسيعيد الانضباط إلى سوق الائتمان، أما في ما يتعلق بالرسوم وتحديد سقف لها فسيدفع البنوك لعدم تقديم خدمة مميزة للعملاء الذين تعودوا الحصول على خدمات مجانية، وأصبح ذلك عرفاً، الآن البنوك ستعطي الأولوية للعملاء الذين تستفيد وتربح منهم .

* ولكن في الفترة الأخيرة حدثت مغالاة كبيرة في الأسعار؟
- لا يوجد لدي أي مانع من محاسبة تلك البنوك التي زادت من أسعار رسومها بشكل مفرط ودون أسباب وجيهة وذلك بدل من تعميم نظام على كل البنوك كان يمكن أن تتم محاسبة البنوك المتجاوزة فقط .

* وما رأيكم أيضاً في ربط القرض الشخصي بالتدفقات النقدية للمقترض؟
- هذا جيد جداً، ولكن إذا أرادت الجهات المسؤولة ممثلة في وزارة المالية والمصرف المركزي ضبط إيقاع الائتمان عليها الإسراع بإطلاق شركة المعلومات الائتمانية الاتحادية ودخولها حيز التنفيذ الفعلي، فهي ضرورة ملحة حالياً .

* ما توقعاتك لأداء البنوك في العام الحالي؟
- بمنتهى الصراحة فإن 2011 سنة صعبة ليس على القطاع المصرفي فحسب بل على كل القطاعات، وأنا أقول بشفافية للحكومة إذا لم يتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات السريعة لتحفيز الاقتصاد فإن اقتصادنا سيظل مكانك سر ولن يشهد أي نمو، أنا لست متفائلاً إلا إذا اتخذت الإجراءات التي تحدثنا عنها مسبقاً من ضخ مشاريع وتخفيض الفائدة وضخ سيولة وغيرها .

هل تعلم أن العملاء الذين نريد إقراضهم متخوفون ويفضلون سداد قروضهم والاحتفاظ بارباحهم، فضلاً عن الدخول في مشاريع واستثمارات جديدة، أما من يرغب في الاقتراض حالياً فهم عملاء غير ملتزمين وغير جادين، إذن فالعميل الجيد لا يرغب في الاقتراض، والعميل غير الجيد لا تقرضه البنوك، فكيف سننعش الاقتصاد؟


توسعات “المشرق”

* ما الخطة المستقبلية لبنك المشرق؟
- في ما يخص بنك المشرق لدينا توسعات في قطر، وكذلك الاستفادة من المشاريع في الكويت، كما نأمل بالتوسع في مصر من خلال 11 فرعاً والدخول إلى السوق السعودي .


دبي أكثر من عادلة مع الدائنين

* من وجهة نظرك أين تقف دبي حالياً بعد هيكلة العديد من مؤسساتها؟ وما فرص الإمارة؟
- قابلت مستثمرين وبيوت خبرة مالية أجنبية وجميعهم راهنوا على أن دبي ستكون قاسية على البنوك المقرضة، لكن الذي اتضح أن دبي تعاملت بكل شفافية وواقعية مع الشركات المتعثرة، وحرصت دبي على أن تكون أكثر من عادلة وأن تحصل على موافقة ما يزيد على 90 95% من الدائنين ولم تكتف ب 51% ما يمثل الأغلبية كما تفعل الدول الأخرى .

أما في ما يخص فرص الإمارة فإن دبي تميزت بأنها مركز العمل التجاري في منطقة الشرق الأوسط، لدينا تجارة على أعلى مستوى، مؤشرات سياحية ناجحة بكافة المقاييس، وكذلك الطيران والعمليات اللوجستية، فيجب التركيز على هذه القطاعات وعدم اختراع شيء جديد بالاستماع إلى المسؤولين في هذه القطاعات ومحاولة دعمهم وحل مشكلاتهم .


لا شفافية في معالجة “سعد والقصيبي”

* إلى أين وصلت قضيتكم ضد سعد والقصيبي؟
- بشكل عام نحن من أوائل البنوك التي قامت بتجنيب مخصصات بشكل دائم، أما في ما يخص سعد والقصيبي فنحن نطلب من السعودية إذا أرادت أن تلتحق بالاقتصاد العالمي أن تضع إجراءات واضحة لاسترداد حقوق المقرضين لسعد والقصيبي، وآخر ما نعرفه حالياً وجود قرار ملكي بتجميد أموال سعد والقصيبي، يمكن أن يشكل القرار حفظاً لأموال الدائنين لكن لا توجد أي شفافية في هذه القضية وطريقة معالجتها، هناك 120 بنكاً دائناً على مستوى العالم لمجموعة سعد والقصيبي لا يعرفون أي شيء عن طريقة معالجة هذه القضية، وما هي الإجراءات المتبعة، وأشير إلى أننا قمنا بتجنيب مخصصات بنسبة 80% من ديون سعد والقصيبي، أما في ما يخص مجموعة دبي العالمية فقد جنبنا مخصصات بلغت 125 مليون درهم سترجع بالتساوي في خلال 5 سنوات وبمعدل 25 مليون درهم سنوياً .


150 ملياراً للبنوك

تساءل الغرير في حواره مع “الخليج”: ما المانع من قيام الصناديق السيادية بضخ سيولة حالياً عبر المؤسسات الحكومية، فالبنوك في حاجة إلى سيولة تقدر بحوالي 150 مليار درهم على الرغم من سد الفجوة بين الاقراض والايداع في الامارات، وهذه السيولة يمكن أن تسحب بعد عام بعد عودة الأوضاع إلى طبيعتها .


تخفيض الفائدة يوفر 20 ملياراً

يقول الغرير: لابد من وجود توجيه على المستوى الحكومي بالقبول بخفض الفائدة، فإذا حصلت البنوك على ودائع من المؤسسات الحكومية بسعر ارخص فإن التكلفة على الإقراض ستنخفض ومن ثم ستزيد السيولة في الأسواق وستعم الاستفادة على الجميع . كيف؟ أقول الآن يتجاوز حجم الإقراض للقطاع المصرفي تريليون درهم فإذا تم تخفيض نسبة الفائدة 2% فإن الاقتصاد الوطني سيستفيد بمقدار 20 مليار درهم عبر تخفيض تكلفة الاعمال .

ويضيف: نحتاج إلى قرار جريء من أصحاب القرار أو على مستوى مجلس الوزراء فالمسؤول عن مؤسسة حكومية لا يستطيع اتخاذ قرار بخفض أسعار الفائدة من تلقاء نفسه على ودائع مؤسسته، والا تعرض إلى مساءلة ديوان المحاسبة، أتحدث هنا عن “قرار سياسي” يعطي الأولوية لدعم الاقتصاد .


مكانك سر

قال الغرير بمنتهى الشفافية والوضوح في حواره الشامل مع “الخليج” إن القطاع المصرفي متقدم على القطاع الاقتصادي الذي يعاني مشاكل حقيقية، فالقطاع الاقتصادي “مكانك سر” ولا يسجل أي نمو ويسيطر عليه الهدوء التام، لافتاً إلى أن نسب النمو في الاقتصاد تعود إلى ارتفاع عائدات النفط، أما القطاعات الأخرى فهي تسجل تراجعاً ملموساً.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.