توقع جيفري سينغر الرئيس التنفيذي لمركز دبي المالي العالمي أن يسجل المركز نمواً لا يقل عن 10% هذا العام بعد أن حقق نجاحاً قوياً في العام الماضي .
وقال سينغر في حوار مع “الخليج” إن المركز يواصل مساعيه لترسيخ مكانته كمركز له ثقله على الساحة العالمية من خلال تذليل العقبات أمام الشركات الأعضاء .
وأكد أن المركز يواصل محادثاته مع “اتصالات” و”دو” لخفض تكلفة خدمات الاتصالات على الشركات الأعضاء . وتزيد التكلفة حالياً على 10 أضعاف مستواها في مراكز أخرى بالعالم .
وأكد أنه من المتوقع أن يحصل المركز على عرض من شركة “اتصالات” أولاً وإن لم يحدد الإطار الزمني المتوقع للوصول إلى اتفاق نهائي على هذا المستوى .
من جهة أخرى أكد سينغر دعم المركز القوي لمبادرة تحويل دبي إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي قائلاً إن توقيت إطلاق المبادرة هو الأنسب ودبي الموقع الأفضل لمثل هذه المبادرة .
وقال إن التعديل الجديد الذي أقرته في مارس/آذار الماضي هيئة الأوراق المالية والسلع خطوة حيوية لاستقطاب الشركات إذ سيسهم في تيسير عمل الصناديق الاستثمارية وعددها حالياً 170 شركة في المركز من خلال قدرتها على تقديم خدمات مباشرة في السوق المحلي .
وحول دور المركز في تحقيق طموحات دبي في التحول إلى مركز عالمي لإصدار وإدراج الصكوك قال سينغر إن المبادرة نجحت بالفعل مع الإدراجات المحلية إذ أصبحت ناسداك- دبي تحتل المركز الثالث عالمياً بعد إدراج صكوك طيران الإمارات وديوا بإجمالي إصدارات 5 .10 مليار دولار، وتوقع أن يكون هناك إقبال إقليمي في المرحلة المقبلة .
وفي ما يلي نص الحوار:
* توليتم عملكم في المركز قبل 8 أشهر، فترة ربما تكفي لوضع رؤية وتصور واضحين لاستراتيجية تطوير الأداء، فهل يمكن أن تطلعونا على الملامح العامة لهذه الاستراتيجية؟
- بداية أحب أن أؤكد أن فرصة العمل في المركز بالنسبة لي هي فرصة متميزة بالنظر للنجاح القوي والسمعة الطيبة للمركز عالمياً وللرؤية الواضحة والفعالة لمجلس إدارته .
أما بالنسبة للأشهر الثمانية الماضية فقد ركزت خلالها على ترسيخ فكر التوجه للسوق، فالمؤسسات الحكومية عالمياً عادة ما يقوم نهج عملها على توقع وترقب الفرص السانحة التي تأتي إليها بحكم موقعها .
لكن الخيار الأنسب للمركز من وجهة نظري لتحقيق هدفه في التحول إلى مركز مالي عالمي رائد له ثقله يتمثل في التوجه إلى السوق وسلوك الدروب الجديدة وفي شتى الأماكن لاستكشاف أفضل الفرص واقتناصها .
هناك لا شك اليوم العديد من المؤسسات المالية الكبرى والشركات العالمية التي لديها اهتمام بل وخطط للقدوم إلى المنطقة للاستفادة من فرص النمو القوي فيها، وهنا يبرز دور التواصل الفعال عالمياً لتسليط الضوء على المميزات المتعددة للمركز التي تجعله يتفوق على منافسيه، إضافة إلى ذلك نحرص في المركز على التواصل الدوري مع الشركات الأعضاء للتعرف إلى احتياجاتهم وتذليل ما يمكن أن يصادفوه من عقبات .
* أقرت هيئة الأوراق المالية والسلع مؤخراً قواعد جديدة لتيسير عمل صناديق الاستثمار الأجنبية في الدولة، إلى أي حد برأيك يمكن أن يصب هذا في مصلحة المركز؟
- يعد القرار من دون شك على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لنا، وهو لا شك قرار جيد وحكيم من قبل هيئة الأوراق المالية والسلع، ففي السابق لم يكن من المسموح لصناديق الاستثمار الأجنبية من المركز الترويج لمنتجاتها في السوق المحلي، لكن اليوم وبعد صدور القرار في مارس الماضي بات بإمكانها ذلك بعد الحصول على موافقة الهيئة .
ومن دون شك سوف يشجع القرار الجديد العديد من المؤسسات على الانضمام إلى المركز، كما سيدفع العديد من الصناديق العاملة في المركز والتي يزيد عددها حالياً على 170 إلى توسعة أنشطتها، وبالفعل كانت العديد من المؤسسات الدولية وشركات الاستثمار من أعضاء المركز تتواصل مع الهيئة لتسهيل فرصها في الترويج لمنتجاتها في السوق المحلي، ولا شك في أن تجاوز هذه العقبة خطوة مهمة لاستقطاب اهتمام العديد من كبريات المؤسسات المالية العالمية .
* كيف تقيمون أداء المركز في العام الماضي؟ وما هي توقعاتكم للنمو في العام الحالي؟
- حقق المركز مستويات أداء متميزة ونجاحاً فاق التوقعات في العام الماضي، حيث قام بمنح 170 رخصة تجارية جديدة لمؤسسات جديدة بنمو بلغت نسبته حوالي 27% مقارنة بعام ،2011 كما ارتفع عدد العاملين في الشركات الأعضاء بالمركز بحوالي 16% في العام الماضي إلى 14 ألف موظف .
وشهدت أعمال الشركات الأعضاء في المركز بدورها توسعاً لافتاً سواء على مستوى الشركات المالية أو المحال التجارية والمطاعم، ونحن نتوقع هذا العام مستويات نمو قوية، ونسعى لتحقيق معدل نمو لا يقل عن 10% يضاف إلى ما حققناه من نمو قوي في العام الماضي .
* برأيكم كيف يمكن أن يسهم مركز دبي المالي العالمي في تحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتحويل دبي إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي؟
- يدعم المركز بالتأكيد هذه الرؤية المهمة، وأنا أرى أن التوقيت الذي تم اختياره أكثر من ممتاز، كما أن دبي لا شك الموقع الطبيعي لخلق عاصمة للاقتصاد الإسلامي .
ولتحقيق هذه الرؤية لا بد من وضع السياسات والإجراءات والأطر اللازمة لبناء قاعدة اقتصاد إسلامي حقيقية وراسخة، ويتميز مركز دبي المالي العالمي بتوافر هذه البنية اللازمة وفي الوقت الحاضر فلدينا سلسلة مميزة من الإجراءات والتشريعات، وما نحتاجه هو التركيز على الترويج بصورة أوسع وأكبر .
إن السؤال الحقيقي فيما يخص الاقتصاد الإسلامي ليس إن كان فكرة جيدة فهذا هو الواقع، وإنما السؤال هو هل يعتبر أفضل من التقليدي، فإذا كان المنتج المالي المتماشي مع مبادئ الشريعة الإسلامية جيداً لن يكون ذلك حافزاً كافياً للاستثمار فيه، وإنما من المهم لاستقطاب شريحة أوسع من السوق واقناع المستثمرين من غير المسلمين أن يكون أفضل من التقليدي، إلا أن المنتج الإسلامي مازال أعلى تكلفة وأغلى من المنتج التقليدي ولذلك يركز مركز دبي المالي العالمي على خلق إطار يساعد المؤسسات الإسلامية على الارتقاء بمستوى خدماتها وتقليص التكلفة لنتمكن من التنافس مع المنتج التقليدي ولتحظى بقاعدة طلب أكبر .
إن ما يهم المستثمر هو المنتج الذي يحقق العائد الأفضل وأنا عن نفسي سأشتري المنتج أو الخدمة الإسلامية إن كانت تقدم عائداً أفضل، وأعتقد أن بيئة العمل والبنية التحتية المتميزة للمركز ستلعب دوراً مهماً في دعم أداء الشركات والمؤسسات المالية الإسلامية ومساعدتها على هذا المستوى .
* ما هو الدور الذي يمن للمركز أن يلعبه ضمن مبادرة تحويل الإمارة إلى مركز عالمي لإصدار وإدراج الصكوك؟
- حققت المبادرة منذ إطلاقها نجاحاً لافتاً، فناسداك- دبي تحتل اليوم وبعد إدراج صكوك طيران الإمارات و”ديوا” المركز الثالث عالمياً من حيث إدراجات الصكوك بعد ماليزيا ولندن، حيث تصل قيمة الإصدارات المدرجة في ناسداك- دبي اليوم إلى نحو 5 .10 مليار دولار .
ولقد كان من المهم أن تشهد إدراجات محلية قوية لننجح في استقطاب الإدراجات الإقليمية والعالمية، وتملك بورصة ناسداك- دبي المقومات اللازمة لاستقطاب الإدراجات بفضل المناخ التنظيمي والخدمة الجيدة . إن عملية الإدراج في البورصة تتطلب ما لا يزيد على يومين أو 3 أيام في ناسداك- دبي مقابل فترة تصل إلى 10 أيام في بورصات أخرى وهذه من المزايا المهمة بلاشك .
* بحكم خبرتكم الكبيرة في أسواق المال العالمية، ما الذي ترونه لازماً لإنعاش حركة أسواق الأسهم بصفة عامة وتشجيع الإدراجات الجديدة والاستثمارات الخارجية؟
- أعتقد أن الخطوة الأهم في المرحلة القادمة هي ترقية الإمارات إلى الأسواق الناشئة، فهذا سيكون له مردوده الكبير على المدى المتوسط والطويل، ونحن نرى اهتماماً متنامياً بالاستثمار في الإمارات بفضل عائدات الشركات القوية والقيم الجديدة، لكن من المهم تيسير عمل المستثمر العالمي بتقديم النظم المتعارف عليها في الأسواق العالمية .
إن ما يحتاجه السوق بشكل ماس هو السيولة، وذلك سيتحقق من خلال تشجيع المستثمرين وأؤكد أن الأسواق هنا والمستثمر المحلي على أتم الاستعداد لقبول واستيعاب النظم الجديدة، فغالبية المؤسسات الاستثمارية هنا لديها خبرات وقيادات واعية وتعرف تماماً النظم والقواعد العالمية لأسواق البورصة وهي ليست غريبة عنها، أما بالنسبة للمستثمرين الأفراد فهم سواء في السوق المحلي أو في الأسواق العالمية لا يعتبرون من أصحاب الخبرات .
* برأيكم ما الذي يحتاجه مركز دبي المالي العالمي لتحقيق طموحاته في ترسيخ مكانته العالمية؟ وما هي العقبات التي تحد من قدرته على ذلك؟
- نحتاج بداية إلى سوق رساميل قوي فغالبية شركات إدارة الأصول في الإمارات والمنطقة تدار من لندن لغياب سوق رساميل محلي قوي . وبالتالي فما من شك هناك أن تجاوز هذه العقبة سوف يفتح مجالاً رحباً أمام المركز للنمو والتوسع إقليمياً وعالمياً .
* تحدثتم سابقاً عن تكلفة الاتصالات باعتبارها من العقبات التي تؤثر في الشركات العاملة في المركز، فهل من جديد على مستوى محادثاتكم مع شركات الاتصالات في الدولة؟
- صحيح أن كلفة خدمات الاتصالات هنا تصل إلى 10 أضعاف مستواها في مراكز أخرى، ونحن نجري مباحثات مع شركتي “اتصالات” و”دو” في الوقت الراهن وزارتنا وفود من الشركتين مؤخراً للاطلاع على طبيعة عملنا .
ومن المتوقع بحسب مجرى المحادثات أن تكون “اتصالات” الأولى في تقديم عرضها المنخفض للمركز وفقاً للمؤشرات الأولية، لكن ليس بالإمكان إعطاء تفاصيل أكثر عن الأسعار أو الوقت المتوقع لتقديم العروض .
* وهل هناك برأيكم عقبات أخرى يحتاج المركز لتجاوزها؟
- يعتبر وضع الاقتصاد العالمي المؤشر الأكبر في أداء المركز وتبدو الصورة حالياً حيادية مع جمود في معدلات النمو في الولايات المتحدة دون نمو وانكماش ونمو سلبي في أوروبا وإيجابي في آسيا .
* بناءً على هذا هل تتوقع أن يكون النمو في المرحلة المقبلة من الشركات الآسيوية؟ وماذا عن سوق أمريكا اللاتينية؟
- إن الشركات الآسيوية بطبيعتها أكبر حجماً فعلى سبيل المثال يشكل أكبر 5 بنوك صينية 50% من السوق هناك ولدينا اليوم في المركز 3 من هذه البنوك، كما عندنا مباحثات مع بنوك أخرى .
أما بالنسبة للأسواق الأخرى في أمريكا اللاتينية فيشكل البعد الجغرافي عقبة هنا، ويمكن القول إننا نتبع في تركيزنا خطوات طيران الإمارات، فنركز على الأسواق التي لدينا خطوط مباشرة ورحلات متعددة معها .
ونزمع في المرحلة المقبلة التركيز وبقوة على أسواق أوروبا والولايات المتحدة التي تبقى الأهم والأكبر، إضافة إلى الهند وكوريا والصين .
تسوية العملة الصينية لها مميزات عديدة
حول تحويل مركز دبي المالي العالمي إلى مركز لتسوية العملة الصينية قال جيفري سينغر أن الفكرة من دون شك مهمة ولها مميزات عديدة، ولكن الأمر بحاجة إلى موافقة من “المركزي” وإلى تواصل مباشر واتفاقات بينه وبين المركزي الصيني فهذه هي طبيعة المعاملات عالمياً . لكن المركز بالطبع يهمه أن يكون جزءاً من المبادرة وأن يوفر النصح في الوقت الذي سيقع فيه عبء وضع النظم والأطر والقوانين اللازمة على كاهل المصرف المركزي .
إن الفكرة عظيمة خاصة لو فكرنا في العائد على مستوى التكلفة والوقت في تسوية المعاملات وتسوية تصدير النفط، فبدلاً من أن يستغرق الأمر فترة من يومين إلى 3 أيام سيتم بشكل مباشر وفوري .
وبالنسبة للمركز فسوف تسهم الخطوة كثيراً في استقطاب المزيد من الأعمال والشركات المستفيدة من المبادرة وسيعزز ذلك التنافسية أمام أسواق أخرى في السعودية .
إن الإمارات هي المركز الطبيعي لمثل هذه المبادرة، خاصة أن المجتمع الدولي يفضل الإمارات كمركز مالي أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة وبخاصة مركز دبي المالي العالمي .
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}