استفاقت هيئة أسواق المال على مخالفة لقانون هيئة أسواق المال، ولكن بعد انتهاء «الفيلم»، بحسب مصادر مسؤولة في البورصة.
تفاصيل المخالفة التي تبدو أنها جسيمة وترقى للشبهة الجنائية كما تؤكد مصادر قانونية، أن شركة مجموعة الصفوة أعلنت أنها تلقت عرض شراء مبدئياً للاستحواذ على مساهمة «الصفوة»، البالغة %37.28 في شركة دانة الصفاة الغذائية، وذلك في 10 يونيو.
واكتشفت هيئة أسواق المال أن العرض المذكور لم يمر عليها ولم توافق عليه، وأن الكمية المذكورة ينطبق عليها ما ينطبق على عروض الاستحواذ الإلزامية، ما يستوجب تقديم عرض قانوني وفقاً للقانون 7 لعام 2010.
وعلى اثر ذلك أرسلت هيئة السوق إلى البورصة كتاباً رسمياً تطلب فيه تقريراً شاملاً عن تفاصيل العرض ومن الذي تقدّم به، والتداولات التي تمت على السهم.
بحسب المصادر، فإن المعلومات الأولية التي توافرت للمسؤولين بعد تدقيقات رقابية أن أحد كبار المضاربين وراء عرض الاستحواذ، الذي وصفته مصادر قانونية في السوق بانه لا يرقى الى عرض رسمي بل عرض وهمي من دون سعر وغير جدي على ما يبدو حتى الآن.
وعلم ان البورصة تقوم حاليا بعملية فرز شاملة للتدقيق على اسماء من باع ومن اشترى وتحديد حسابات الشركات والافراد الذين قاموا بالبيع بشكل رئيسي، حيث توجد هناك اطراف كان لديها كميات اسهم قديمة وربما لها علاقة بما حدث لتصريف تلك الكميات والتي تزيد على 12 مليون سهم تقريبا.
وأفاد المصدر ان البورصة والجهات الرقابية قد تعمد الى إلغاء التعاملات إن ثبت ان المضارب المشكوك في تعاملاته قام ببيع اسهمه.
وفي سياق آخر، سيتم تحويل كل اطراف العرض الى تحقيقات موسعة لمعرفة ابعاد العرض واسباب عدم التقدم الى الهيئة للحصول على الموافقات اللازمة.
ووفق المصادر، تضع البورصة تداولات 83.9 مليون سهم تمت على سهم دانة الصفاة الغذائية تحت التدقيق، لا سيما انه منذ الاعلان عن العرض قفز السهم سعريا من 112 الى 118 في اليوم ذاته ثم في اليوم التالي الى 128 فلسا مسجلا صعودا بالحد الاعلى واكبر كمية تداول بلغت 43.9 مليون سهم.
ثم عاد السهم الى التراجع الحاد بعد اعلان مجلس ادارة «الصفوة» عدم قبوله بالعرض ليعود السهم الى سعر 110 فلوس وفقا لإقفال الخميس الماضي 13 يونيو. لكن قبل الهبوط ربما يكون هناك من باع كميات كبيرة.
مصدر قانوني اكد ان هيئة اسواق المال هي المعنية بالاستحواذات، والبورصة تدير وتنفذ التعليمات، وعلى هذا الاساس قامت البورصة بنشر افصاح الشركة التي تلقت العرض من باب الشفافية وايضاح المعلومة للجميع.
واضاف: ان الاعلان تم نشره على شاشة السوق في يوم 10 يونيو.. فلماذا لم تلحظه الجهات الرقابية وتطلب من البورصة الايقاف الفوري؟! ولماذا لا توجد وحدة لمتابعة الاعلانات لدى الجهات الرقابية وتطلب ايقاف الورقة المالية التي تشك في اي امر بشأنها؟! في المقابل، لماذا أعلنت ادارة البورصة العرض على الشاشة قبل التأكد من جديته والتزامه بالقانون؟ ولماذا لم تسأل البورصة هيئة الاسواق ما اذا كان العرض قد حصل على موافقة ام لا على الصعيد الرقابي؟
وينوي عدد من المتداولين رفع شكاوى إلى هيئة أسواق المال حول خسائر تكبدوها نتيجة ما أسموه عرضاً وهمياً للاستحواذ على حصة شركة مجموعة الصفوة القابضة في شركة دانة الصفاة الغذائية، والمطالبة بفتح تحقيق في التداولات التي دارت رحاها على سهم «الدانة» خلال 3 أيام من الأسبوع الماضي، هي الفترة بين إفصاح «الصفوة» عن تسلمها العرض من «كي بي ام» نيابة عن مجموعة مستثمرين، وإفصاحها الثاني برفضه، للكشف عمن كان وراء العرض ومن استفاد منه في تصعيد السهم، وإن كانت هناك علاقة بينهما.
ما الذي حدث؟
وكانت «الصفوة» أفصحت الاثنين الماضي عبر سوق الكويت للأوراق المالية عن تلقيها «عرض شراء مبدئي» للاستحواذ على حصتها في «الدانة» البالغة %37.28 من قبل «كي بي ام جي»، باعتباره مستشاراً مالياً لمجموعة من المستثمرين، دون ذكر لسعر الشراء، لتنتاب سهم «الدانة» موجة شراء عارمة انتهت بصعود السهم بالحد الأعلى من 108 فلوس إلى 118 فلساً، وبكمية تداول للسهم بلغت 26.1 مليون سهم في اليوم الأول لإفصاح «الصفوة»، ليكمل ارتفاعه في اليوم الثاني بالحد الأعلى أيضاً في نهاية التداولات عند 128 فلساً وبكمية تداول بلغت 13.05 مليون سهم، وتابع السهم ارتفاعاته في اليوم الثالث ليصل لحدود 132 فلساً قبل أن يرتد في نهاية تداولات اليوم نفسه ليغلق عند 120 فلساً، وسط عمليات بيع كبيرة، حيث بلغت الكمية المتداولة 43.91 مليون سهم، وذلك قبل أن تفصح «الصفوة» مجدداً، وبعد إقفال السوق الأربعاء الماضي عن رفض مجلس إدارتها للعرض، بداعي عدم ورود سعر فيه.
وأنهى سهم «الدانة» تداولات الأسبوع الماضي، متراجعاً بالحد الأدنى يوم الخميس إلى 110 فلوس للسهم.
ويوجه متداولون في السوق الاتهامات إلى مضارب معروف بأنه كان وراء هذا العرض «الوهمي»، عبر مجموعة مستثمرين محسوبين عليه، ليستغله هو في تصعيد السهم عبر أكثر من حساب تابع له، وجر أرجل المتداولين إلى السهم نتيجة بث الجو التفاؤلي بإمكانية إتمام الصفقة، ليقوم بعد ذلك بتصريف أسهمه الأربعاء الماضي محققاً أرباحاً كبيرة نتيجة ذلك على حساب المتداولين المخدوعين، وذلك قبل أن تعلن «الصفوة» في نهاية تداولات ذلك اليوم عن رفضها للعرض، مما يبين أنه كان على علم بالرفض قبل الإفصاح عنه من قبل الشركة.
أين الهيئة والبورصة؟!
وتوجه أوساط في السوق انتقاداً شديداً لهيئة أسواق المال، قائلة إنها على ما يبدو تفهم أحد الأهداف الرئيسية لإنشائها، والذي ينص عليه قانونها، بشأن حماية حقوق صغار المتداولين بشكل خاطئ، فلا تتحرك لمعالجة الممارسات المشبوهة المؤثرة في تداولات السوق إلا حين يتقدم أحد بشكوى، دون أن تكون هي المبادرة بهذا الشأن، مضيفة أن ما حدث في سهم «الدانة» هو كلاكيت ثاني مرة لما حصل لسهم «الرمال» قبل شهور، لكن الفرق بين الحالتين أن المخرج صحح أخطاء المشهد الأول هذه المرة، كي لا يتم وقف سهم «الدانة» كما حصل مع سهم «الرمال».
وكانت شركة رمال الكويت العقارية قد أفصحت في 15 أغسطس من العام الماضي عن عرض مستثمر أجنبي للاستحواذ على %31.6 من الشركة، ليوقف سوق الكويت للأوراق المالية السهم عن التداول في اليوم نفسه، لتفصح الشركة بتاريخ 4 أكتوبر من العام الماضي عن عدول المستثمر الأجنبي عن المضي قدماً في الصفقة، ليعود السهم للتداول مجدداً بعد 5 أيام من هذا الإفصاح.
وإذا كانت هناك اتهامات لمضارب كبير، كما أسلفنا، بأنه وراء العرض الأخير للاستحواذ على «الدانة» وما صاحب ذلك من تداولات على السهم، فإن أصابع الاتهام موجهة أيضاً لهيئة أسواق المال بشكل أساسي وإدارة البورصة من بعدهما لتراخيهما في حماية صغار المتداولين، إذ تقول مصادر استثمارية إن عرض الاستحواذ المقدم من «كي بي ام جي» لـ «الصفوة» تجاوز كل المواد التي تنظم عمليات الاستحواذ في الفصل السابع لقانون هيئة أسواق المال ولائحته التنفيذية، طارحة عدة تساؤلات:
- هل قدم المتقدم بعرض الاستحواذ مستند العرض الى هيئة أسواق المال للحصول على موافقتها عليه قبل نشره، حسب ما تنص عليه المادة 263 من اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة؟ وهل حصل مستشار الطرف المتقدم بالعرض «كي بي ام جي» على موافقة مسبقة من هيئة الأسواق على تقديم العرض، بحسب ما تنص عليه المادة 249 من اللائحة؟
- هل المستشار المالي المتقدم بالعرض مرخص له من قبل الهيئة كمستشار استثمار كما تنص عليه المادة 253 من اللائحة التنفيذية؟
- هل طبق مقدم العرض البنود الـ 11 المتعلقة بمستند عرض الاستحواذ الملزم بها حسب المادة 258 من اللائحة التنفيذية قبل تقديم عرضه، ومنها: معلومات وافية عن مقدم العرض، اجمالي مبلغ العرض المقدم، وصف كامل لكيفية تمويل العرض ومصدره وأسماء المقرضين ومرتبي التمويل، الجدول الزمني لعملية الاستحواذ، وأي شروط أو قيود يخضع لها العرض؟ علماً بأن أياً من تلك البيانات لم تتوافر في افصاح «الصفوة» عن العرض!!.
- لماذا لم تتحرك البورصة مباشرة أو من خلال تعليمات من «الهيئة» بوقف تداول سهم «الدانة»، بمجرد افصاح «الصفوة» عن تلقيها عرض الاستحواذ، كما فعلت مع «رمال» عندما أفصحت عن عرض مستثمر أجنبي للاستحواذ على حصة فيها قبل فترة، حتى لا يحدث ما حدث من تداولات «مشبوهة» على السهم منذ الافصاح عن العرض حتى رفضه؟!
«كي بي ا م جي»
مصادر في «كي بي ام جي» المستشار المالي الذي تقدم بعرض الاستحواذ نيابة عن مجموعة مستثمرين أفادت أن ما تقدمت به لم يكن عرض استحواذ ولكنه «خطاب نوايا»، خاطبت به «الصفوة» مباشرة دون الرجوع الى هيئة أسواق المال لأخذ موافقتها حول نية مستثمرين الاستحواذ على حصة الشركة في «الدانة»، على أن يتم تقديم العرض مشفوعاً بالسعر المعروض للصفقة بعد اجراء الفحص النافي للجهالة، نافية أن يكون اسم المضارب الذي تدور الشبهات حول استفادته من تداولات السهم خلال الفترة بين تقديم العرض ورفضه ضمن المستثمرين المتقدمين بالعرض.
وهو ما ترد عليه مصادر استثمارية بالقول ان المادة 72 من قانون هيئة أسواق المال، وكذلك المادة 247 من اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة، تنصان على أن المقصود بعرض الاستحواذ هو «العرض أو المحاولة أو الطلب لتملك حصص في شركات.........»، وهو ما ينطبق على عرض «كي بي ام جي»، حيث إن أقل ما ينطبق عليه هو أنه محاولة لتملك حصة في شركة مدرجة، وبالتالي فانه كان من المفترض أن يحصل على موافقة هيئة الأسواق عليه قبل تقديمه والافصاح عنه، اضافة الى ضرورة تطبيق ما ينص عليه الفصل السابع من قانون هيئة الأسواق ولائحتها التنفيذية، وكذلك التعليمات الصادرة من «الهيئة» بعد ذلك فيما يتعلق بالاستحواذات، حيث إنها منطبقة على ذلك العرض، لا سيما أن افصاح «الصفوة» نص على أنه «عرض شراء مبدئي».
وأضافت المصادر: لو فرضنا جدلاً بأن عرض «كي بي ام جي» لا تنطبق عليه مواصفات عرض الاستحواذ المنصوص عليها في قانون الهيئة ولائحتها، وأنه خطاب نوايا فقط، وفي ظل عدم مبادرة «الدانة» لطلب وقف سهمها، ألم يكن من الواجب على هيئة الأسواق وقف سهم «الدانة» عن التداول منذ الافصاح عن «خطاب النوايا»، حتى يتم البت فيه، لا سيما أن «الصفوة» أعلنت من خلال افصاحها الأول أن مجلس ادارتها سيبت بالعرض بعد يومين، وذلك حماية للمتداولين، وحتى لا يحدث ما حدث من استغلال له في «تدبيس» متداولين بالسهم وتكبدهم خسائر نتيجة لذلك؟
وعلق مصدر على الوضع الحالي: بعد أن تراخت «الهيئة» والبورصة عن دورها منذ البداية فيما يخص العرض، فان الأمر الآن أصعب عليهما للوصول الى مصداقية العرض والأطراف المستفيدة من التداولات خلاله، «تعال فجج الحين».
وأكدت المصادر أنه اذا استمر الوضع على هذا المنوال في التعامل مع مثل هذه العروض والافصاحات، فان استغلالاً «مشيناً» سيستمر لثغرة عدم انطباق الالتزامات المقررة في قانون هيئة اسواق المال ولائحتها فيما يخص عروض الاستحواذ على «خطابات النوايا للاستحواذات»، من أجل تصعيد أسهم والايقاع بضحايا جدد من صغار المتداولين بشكل خاص.
أسئلة
1 - ما أوجه الشبه والخلاف مع ما حصل في عرض «الرمال» الشهير؟
2 - أين تطبيق الفصل السابع من قانون الهيئة؟
3 - لماذا لم يوقف السهم عن التداول؟
4 - ما علاقة مقدمي العرض بالمستفيدين من صعود السهم؟
5 - لماذا بدأ التصريف قبل إعلان رفض «الصفوة»؟
6 - ما تبريرات «كي. بي. إم. جي»: فهل هو خطاب نوايا وحسب.. كما تقول؟
7 - إذا كان خطاب نوايا غير ملزم.. فهل سنشهد مزيدا من هرطقات كهذه مستقبلاً؟
ما الواجب فعله الآن؟
بعد أن وقعت الفأس بالرأس، تشير مصادر استثمارية الى ضرورة ايعاز هيئة أسواق المال الى ادارة الرقابة والادارة القانونية في البورصة لفتح تحقيق في الأمر، لكشف العلاقة بين المتقدمين بعرض الاستحواذ والمستفيدين من تداولات السهم منذ الافصاح عن العرض وحتى رفضه، مع استخدام «الهيئة» لقوة الضبط القضائي لموظفيها في الحصول على أي معلومات تفيد في هذا الجانب، مؤكدة أن التحقيقات لتحديد الطرف المستفيد وعلاقته بالعرض يجب أن لا تركز على تداولات سهم «الدانة» في الأيام الثلاثة للعرض، لأنها في الغالب لن تصل الى نتيجة، بل يفترض أن تشمل تداولات السهم خلال شهر مضى على أقل تقدير لمعرفة من كان يعمل على تجميع السهم عبر الآجل والنقدي وعلاقته بالعرض والتداولات التي تخللتها فترته ومدى استفادته منها، وامكانية استخدامه لحسابات متقابلة تعود له أو أكثر من حساب يديرها هو في عمليات تصعيد السهم وتصريفه.
وتلفت المصادر الى ضرورة معرفة من كان وراء عمليات التصريف على السهم يوم الأربعاء، قبل أن تعلن «الصفوة» بعد نهاية تداولات اليوم نفسه، ومدى استفادته من معلومات داخلية، وكيف وصلت اليه، فضلاً عن علاقته بالعرض «الوهمي».
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}