تعافت البيتكوين أخيرًا من أدنى مستوياتها في نحو 5 أشهر الذي سجلته في أوائل يوليو، لتعاود الارتفاع قرب 70 ألف دولار مجددًا، مدفوعة بالطلب المتزايد من قبل الصناديق المتداولة في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن الطلب وحده لم يكن الحافز لارتفاع العملة المشفرة الأكبر عالميًا من حيث القيمة السوقية، ولكن أيضًا الخطاب المؤيد من قبل المرشح الرئاسي الأمريكي "دونالد ترامب" الذي تزايدت فرص نجاحه في انتخابات نوفمبر المقبل.
والآن يتوقع المستثمرون مستقبلًا أكثر إشراقًا للعملة المشفرة، بعدما كشف الرئيس السابق عن خطة كبيرة للبيتكوين تنطوي على تبني الولايات المتحدة لها بشكل رسمي، بعدما كان ذلك "ضربًا من الخيال" في أعقاب الضغوط التنظيمية المكثفة التي مارستها واشنطن على الصناعة.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
وأيضًا ينظر إلى البيتكوين وشبكتها القائمة على تقنية "البلوك تشين" والتي تعمل بشكل لا مركزي وتوفر خصوصية كبيرة للمستخدمين، على أنهما تهديدًا محتملًا للنظام المالي العالمي الذي يسود فيه استخدام الدولار للتعاملات الدولية، وتلعب فيه أمريكا دور المنظم والرقيب وسلطة إنفاذ القانون العالمية.
ماذا يريد ترامب بالضبط؟
- تعهد الرئيس الأمريكي السابق خلال مؤتمر "البيتكوين 2024" قبل أيام، بأنه في حال عودته إلى البيت الأبيض، لن تبيع الحكومة الفيدرالية حيازتها من البيتكوين أبدًا، قائلًا إنه يخطط لجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة والقوى العظمى للبيتكوين في العالم".
- كما دعا "ترامب" إلى بناء احتياطي استراتيجي من البيتكوين اعتمادًا على العملات المشفرة التي تصادرها الحكومة، في دعوة لم يتبناها وحده، حيث وعد المرشح المستقل "روبرت كينيدي" الابن، ببناء احتياطي حجمه 4 ملايين عملة (نحو 265 مليار دولار).
- من جانبها، أعدت عضوة مجلس الشيوخ الجمهورية "سينثيا لوميس"، مسودة قانون لتمويل بناء احتياطي استراتيجي من عملة البيتكوين عبر إعادة تقييم شهادات إيداع الذهب التي يحتفظ بها نظام الاحتياطي الفيدرالي.
- ينص "قانون البيتكوين لعام 2024" المقترح، على إطلاق وزارة الخزانة برنامج لشراء 200 ألف وحدة من العملة سنويًا لمدة 5 أعوام، مع الاحتفاظ بها لمدة 20 سنة على الأقل، وحظر استخدامها سوى في سداد الديون الفيدرالية.
- تمتلك الحكومة الفيدرالية نحو 210 آلاف عملة بيتكوين الآن، جميعها تقريبًا من عمليات مصادرة قانونية، لكن ما الذي يحفز دولة لطالما حاولت تقويض هذه العملة ونظامها اللا مركزي والتي يصعب تعقبها، فيما يدعي مسؤولون ومصرفيون أنها تستخدم في معاملات مشبوهة.
خطة طموحة أم مجرد وعد انتخابي؟
- كان ملحوظًا أيضًا محاولة "ترامب" خلال مؤتمر البيتكوين (وهو حدث رئيسي للصناعة) جذب المستثمرين إلى صفه، وذكر أن إدارة "بايدن - هاريس" أخطأت بقمع صناعة العملات المشفرة، وأن فوز "كاميلا هاريس" منافسته يعني رحيل المستثمرين عن أمريكا.
- تعهد "ترامب" أيضًا بطرد "جاري جينسلر" رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات (المعين من قبل الرئيس "جو بايدن") من منصبه، حيث كان رأس الحربة في الحملة التنظيمية الصارمة ضد صناعة العملات المشفرة.
- بدا أن "ترامب" يمتلك خطة متكاملة لتبني البيتكوين بشكل رسمي، حيث تعهد أيضًا بإنشاء مجلس استشاري رئاسي للعملات المشفرة، وأكد أن القواعد المتعلقة بالصناعة ستصاغ من قبل أشخاص "يحبون القطاع وليس من يكرهونه"، على حد تعبيره.
- لكن عندما كان "ترامب" رئيسًا للبلاد، وتحديدًا في عام 2019، قال إنه "ليس من محبي" البيتكوين والعملات المشفرة، ووصفها بأنها "ليست نقودًا وقيمتها مبنية على الهواء"، محذرًا من أنها أصول غير منظمة وتساعد في تسهيل تجارة المخدرات والأنشطة غير القانونية.
- ذكر أيضًا آنذاك، أن البيتكوين تبدو كأنها "عملية احتيال" وأنه لا يحب أن تنافس أي عملة أخرى الدولار، قائلًا إنه يريد دائمًا أن يكون الدولار "عملة العالم"، لكن وفقًا لتقارير، تغير موقفه بعدما أنفقت جماعات الضغط المرتبطة بالصناعة ملايين الدولارات على حملته.
ما الهدف الحقيقي؟
- خلال حديثه في المؤتمر، قال "ترامب" إنه يريد لبلاده أن تهيمن على صناعة العملات المشفرة وألا تترك الفرصة للصين "التي تحرز تقدمًا هائلًا" أو دول أخرى لفعل ذلك.
- لكن الجدوى الاقتصادية للخطوة غير مفهومة حتى الآن، ويقول "جورج سيلجين"، المدير الفخري لمركز البدائل النقدية والمالية في معهد "كاتو"، وهي مجموعة بحثية في واشنطن، إن الاقتراح "متواضع للغاية، وليس له تأثير اقتصادي كبير".
- عادة تبيع الحكومة الأمريكية البيتكوين المصادرة في المزادات وتستخدم العائدات لدعم عمليات إنفاذ القانون وتعويض الضحايا، وكل ما سيضيفه "ترامب" هو منع بيع هذه العملات وتخزينها على غرار احتياطيات النفط والدواء، وهو أمر من غير المعروف كيف سيفيد البلاد.
- في المقابل، قالت السيناتورة "لوميس" إن الهدف هو الاعتراف بحقيقة أن البيتكوين هي "أصل دائم وذهب رقمي"، والذي سيوفر ضمانات في جميع أنحاء العالم بأن الدولار لا يزال يستحق أن يكون عملة عالمية.
- مع ذلك، فإن خطة "ترامب" قد تعود بالنفع على الأسواق، حيث يمكن أن يؤدي عدم بيع حيازات الحكومة الأمريكية إلى استقرار الأسعار أو زيادتها من خلال تراجع المعروض، لكن أي تأثير فعلي على السوق يعتمد على إجراءات الحكومة بعد الانتخابات.
خطة غير منطقية
- ألمح "ترامب" إلى أن امتلاك البيتكوين، من شأنه أيضًا مساعدة الحكومة على "إنهاء كابوس التضخم الذي خلقته الإدارة الديمقراطية"، ويروج أنصاره لذلك بحجة أن العملة المشفرة محدودة العرض.
- لكن يقول "جيمس أنجل"، الخبير الاقتصادي في جامعة جورج تاون والمتخصص في الأسواق المالية: "لا أرى أي فائدة اقتصادية، والفائدة الملموسة هي أنها ستجعل مستثمري البيتكوين يصوتون لصالح ترامب".
- النظرية التي تدعي أن "الاستثمار في البيتكوين يعوض خسائر القوة الشرائية" تستند إلى افتراضين غير مؤكدين، وهما أن سعر البيتكوين سيرتفع، وأن الحكومة ستكون قادرة في مرحلة ما على بيع البيتكوين مرة أخرى بالدولار دون دفع السوق إلى الانخفاض.
- وفقًا لـ"أنجل": "ستدفع الحكومة السعر إلى الارتفاع من خلال شراء البيتكوين، لذلك سيبدو الأمر وكأنها حققت الكثير من المال، ولكن في اللحظة التي تبدأ فيها فعليًا في بيع البيتكوين لجني الأرباح، فإنها ستدفع السعر إلى الانخفاض مرة أخرى".
- إذا كان "ترامب" يعتزم تعزيز احتياطي البيتكوين، فسوف يحتاج إلى الأموال للحصول على العملات الإضافية، لكن الخيارات المتاحة مثل زيادة الضرائب أو الديون أو طباعة الدولارات لا تتوافق مع طموحه لخفض التضخم والديون الوطنية.
- إن الاحتياطيات النقدية والذهبية توفر عادة الاستقرار للدول التي لا تمتلك الدولار، فعندما تحدث أزمات يكون المفيد لها امتلاك هذا المخزون الطارئ لتغطية فواتير الاستيراد أو دعم العملة المحلية، ونادرًا ما تكون هناك حاجة مماثلة لدولة لديها عملة احتياط بالفعل.
المصادر: أرقام- سي إن بي سي- بلومبرج- وايرد- فايننشال تايمز- كوين ديسك
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}